شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

بؤر الاحتقان

بالرغم من المجهودات التنموية، التي تحاول القطاعات الحكومية تنزيلها وتوفير التمويل لتنفيذها، هناك العديد من بؤر الاحتقان الاجتماعي التي تواصل تهديد السلم الاجتماعي، وتتطلب التعامل معها بحذر من مثل المشاكل التي تعيشها هوامش المدن وانتشار البطالة في أوساط الشباب والقاصرين في غياب التكوين وارتفاع نسبة الهدر المدرسي، وتبعات التفكك الأسري والفقر والهشاشة.

يجب القضاء على نقط سوداء تتعلق بالأحياء العشوائية والصفيحية بهوامش المدن، والحد من اتساع دائرة البناء العشوائي بتوفير بدائل حقيقية والسكن اللائق وتبسيط وتسهيل قوانين البناء، وذلك لأن المحيط الاجتماعي له بالغ الأثر في تشكيل شخصية الطفل التلميذ، وتقديره لأهمية التعليم والتكوين المهني في الحياة، وفتح باب أمل التشغيل وتحقيق الذات من منظور إيجابي.

لقد تحدثت تقارير رسمية عن التهميش والإقصاء الذي يطول الفئات العمرية الشابة من 12 حتى 19 سنة وغياب تكافؤ الفرص في التعليم والولوج للصحة والتشغيل، وهو الشيء الذي دق ناقوس الخطر بشكل حقيقي، في انتظار التنزيل الأمثل لاستراتيجيات تمكن من احتضان الفئات الشابة التي تعيش على هامش المجتمع، ودعمها وإدماجها في النسيج الاقتصادي لتصبح بدورها فاعلة في خلق الثروة عوض تركها فريسة للجريمة والتطرف والإدمان والضياع وغموض المستقبل.

نحن في حاجة للقطع الكامل مع ماضي الاستغلال الانتخابوي لهوامش المدن، ما ساهم في تنامي بؤر العشوائية التي تشوه المنظر العام، وظهور أحياء تفتقر لأدنى مقومات العيش الكريم، ويحس سكانها بالدونية كمواطنين من الدرجة الثانية، رغم تدخلات الدولة لتوفير مرافق عمومية وتحقيق الحد الأدنى من شروط العيش الكريم.

ما زال الغموض يلف مآل تحقيقات سابقة في انتشار التجزيء السري، ومنح تراخيص وتسليم السكن دون التوفر على تجزئات قانونية وغياب التهيئة، وهذا كله من مظاهر الفساد التي تخلق بؤرا اجتماعية وأحزمة الفقر والهشاشة المحيطة بالمدن، وتوسع من التفاوت الطبقي بين الغنى الفاحش والفقر المدقع ما يرفع من بؤر الاحتقان الاجتماعي والشغب والتعبير السلبي عن الذات بطرق إجرامية.

هناك استنزاف لميزانية الدولة والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية في تهيئة المرافق العمومية بالأحياء الهامشية، وسط فشل المجالس الجماعية في مواكبة التوسع العمراني، وقد تطلب الأمر تدخل قطاعات وزارية لإنقاذ فشل الجماعات في توسيع البنيات التحتية وتجويد الحياة، لكن معالجة النتائج لا تعني القضاء على بؤر الاحتقان الاجتماعي بقدر ما تؤخر تطورها فقط، والحال أننا في هذه المرحلة بحاجة لمعالجة الأسباب الواضحة بحلول تتطلب العمل على التكوين والتشغيل وتوفير السكن اللائق والحد من التفاوت الطبقي، وذلك حتى يحس المواطن بالكرامة، ولن يحسها إلا في بيئة نظيفة وسكن لائق وعمل مهيكل يضمن قوته اليومي وفق الحقوق الدستورية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى