شوف تشوف

الرأيالرئيسية

الهزيمة للشجعان

نحن قوم نبني خيام الفرح احتفالا بالانتصارات، نطوف بكأس النصر من بيت لآخر، نلتقط صورا للذكرى بثوب الفرح، «نقلي» السم الزعاف لخصومنا ونردد موشح «اقصف ولا تبالي»، ولا نخصص ساعة من زحمة وقتنا لتقييم الانكسار ورص الصفوف عند الانتصار.

مقالات ذات صلة

سقط الوداد في امتحان العالمية، بعد الهزيمة أمام الهلال السعودي بـ «ركلات» الترجيح في مستهل كأس العالم للأندية، شكرا لمن نعت ضربات الجزاء بالركلات، لأن الركل يكون بالأرجل والضرب بالأيدي والنطح بالرأس.

ولأن الهزيمة تمسح في تلابيب اللاعبين، فإن ممثلي الوداد في المونديال الأخير (التكناوتي، جبران، وعطية الله) كانوا قربانا للجماهير الغاضبة. أما المدرب فنال حصته من الجلد بمجرد إعلان الحكم نهاية المباراة. ولأن المدرب في بلدي لا يحميه حزب أو نقابة أو قوة عالمية فليس له إلا بذلة تسند ظهره العاري، كالحكم الذي لا يملك سوى صفارة وبطاقتين تبعد عنه شر الاحتجاج.

رؤساء الفرق سيشعرون يوما بالخجل حين يدخلون الملعب تحت تصفيقات المشجعين، ويغادرون المنصة في غفلة من الجميع حين تصبح الهزيمة أمرا مكتوبا، يحفهم حراس أشداء وترافقهم صرخات الاستهجان.

أيها المشجعون الأوفياء لا تصفقوا ولا تهللوا لمن لا يستحق عرق الازدحام وعناء توفير تذكرة ومحنة التنقل والطرقات، وفروا الحب لمن يقدر الحب واعلموا أن الرئيس مهما طالت سلامته يوما على آلة حدباء محمول.

لولا شرفاء الكرة لباع الرؤساء فرقهم في سوق النخاسة، لحولوا الملعب إلى ضيعة واستبدلوا المرمى بمشنقة، وأحرقوا كل التقارير المالية وقايضوا الكرة بمقعد في البرلمان. 

أيها المشجعون الأوفياء لا تجلدوا جسد اللاعب يحيى عطية الله، اعلموا أن الفتى دخل المباراة مكسور الوجدان، بعد أن حرمه الرئيس من حلم الاحتراف، كانت في جيبه تأشيرة السفر، فناب عنه ذهنه في السفر وضاع التركيز، رجاء التمسوا له ألف عذر فقد خاض المباراة بنصف جسد ونصف حلم فركلته ركلة جزاء غادرة.

لا تحملوا عميد الوداد يحيى جبران أكثر مما يحتمل، فقط لأنه طرد في الأنفاس الأخيرة من المباراة،  فـ «الموندياليتو» يتربص دوما بعمداء الفرق ويصر على أن يرسلهم مبكرا إلى غرفة الاستحمام، تذكروا أن العميد السابق للوداد إبراهيم النقاش قد طرد في «موندياليتو» الإمارات بسبب جرعة حماس زائدة.

لا تقسو أيها الجمهور الوفي على حارس المرمى أحمد رضا التكناوتي، ولا تتهموه بالتآمر ضد الوداد، ولا تصنفوه في خانة الرخويات لمجرد عجزه عن التصدي لضربات جزاء. فبفضل هذا الفتى وتضحياته وصل الوداد لمنصات التتويج.

ما ذنب مخرج المباراة إذا أصر على إعادة لقطة ضربة الجزاء من أكثر من زاوية؟ لا تعتقدوا أن مخرجا قادر على تسجيل هدف في المرمى.

اعلموا أعزكم الله، أن الجزء الأكبر في الخسارة يتحملها رئيس يقرر لوحده يخطط لوحده وحين يخفق يعلن حالة الطوارئ في النادي ويفتح ثكناته للقوات الاحتياطية فتتحصن في مواقعها المتقدمة، وتطلق، بإشارة منه، النيران على كل من سولت له نفسه اتهام الرئيس بالتقصير.

الرؤساء في عالم كرة القدم يسهرون على تدبير فرقهم، لكن أين يسهرون ومع من لا أحد يعلم؟

لكنهم لا يخشون من حسيب رقيب اسمه المنخرط، ولا مشجع يصلي على قبلة الفريق، ولا مناصر يغير المنكر بقلبه. لأنه إلى غاية كتابة هذه السطور لم يدخل مسير سجنا ولا وقف في قفص اتهام وكأن رئاسة الفرق تمنح صاحبها الوجاهة والشهرة والحصانة.

صدق الكاتب المصري جلال عامر حين قال: «الهزيمة يتيمة لكن النصر له ألف أب يعملون في مجال الإعلام» فلا غرابة إذا أنجبت كل مباراة صحافيا أليفا.

حسن البصري  

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى