شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الهدايا الصامتة

يترأس عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، اجتماعا لمجلس الحكومة في آخر أسبوع من السنة الحالية، سيخُصّص للدراسة والمصادقة على عدد من المراسيم المتعلقة بالتأمين الصحي والمعاشات لفائدة الفلاحين والسائقين والحرفيين. ولا مبالغة إذا قلنا إنه مجلس حكومي بأجندة ثورية في مجال بناء الدولة الاجتماعية وحماية ملايين الفقراء في صحتهم ومعاشهم.

في ظل الولايتين السابقتين، كانت تدابير ثانوية تهم بضعة آلاف من المواطنين تقيم عليها الحكومة الدنيا ولا تقعدها. حدث ذلك خلال زيادة حكومة العثماني لـ100 درهم في تعويضات الأبناء، وخلال إقرار تعويض 350 درهما عن كل يتيم في إطار دعم الأرامل خلال حكومة عبد الإله بنكيران الممول من طرف صندوق التماسك الاجتماعي.

واليوم تهدي حكومة أخنوش المغاربة هدايا ثمينة بمناسبة رأس السنة، هي عبارة عن مراسيم تهم التأمين الصحي والمعاشات لملايين الفلاحين والحرفيين وسائقي الطاكسيات والحافلات وأصحاب المهن البسيطة دون صداع سياسي وفولكلور إعلامي. لكن هل يعقل أن تصادق الحكومة على مراسيم تهم التأمين الصحي والمعاشات لحوالي خمسة ملايين بعيدا عن الترويج الإعلامي؟ هل يجوز أن تمر تلك الهدايا من دون علم المواطن بل حتى الإعلامي؟

لا أحد ينكر أن من حسنات هاته الحكومة أنها قامت بتعطيل لغة الشعبوية والضجيج السياسي، الذي ظل يهيمن على التواصل السياسي لعقد كامل دون جدوى، وحلت مكانها لغة القرارات والتدابير. لكن في سياق كهذا الذي نعيش فيه، الموسوم بتغول لغة التبخيس، يغدو الصمت عن تسويق إنجازات الحكومة في مجال التغطية الصحية والتقاعد لأكثر من 22 مليون مغربي أمرًا مريبا إن لم يكن خطأ تواصليا جسيما ينبغي تداركه في أقرب الأوقات.

نتصور أن عزيز أخنوش استفاد كثيرا من تجربة الحكومتين السابقتين، فقد بات الرجل يطبق في صمت ما تعلم من دروس الماضي، ويبتعد ما أمكن عن أحاديث وتصريحات خارج النص أو السياق، لأنه يعرف طريقه جيدا، ويعي حجم المسؤولية الكبيرة التي على عاتقه، ويقدر الظروف التي تعيشها البلاد، لكن كل ذلك لا يعفي حكومته من مسؤولية أن تصل خطوات الإصلاح إلى مسامع المغاربة، على الأقل من أجل التخفيف من السوداوية التي يريد البعض بسوء نية تعميمها وجعلها قدرا لا مفر منه.

ما هو مؤكد أن بلادنا تمر بمرحلة في غاية الأهمية، وهي مرحلة «زرع ثمار» الدولة الاجتماعية، من خلال الإصلاحات الهيكلية التي تقوم بها الحكومة، ولا ريب أن مرحلة نضج الغلة وجني الثمار ستظهر بعد ثلاث أو أربع سنوات، ليس فقط لأن الحكومة عازمة على ذلك بل لأن هناك ضمانات ملكية لا تقبل غير النجاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى