كريم أمزيان
على الرغم من استيفائه المرحلتين الابتدائية والاستئنافية، وعودته من جديد إلى نقطة الصفر، بعد النقض، كشفت الجلسة ما قبل الأخيرة، المنعقدة مساء أول أمس (الأربعاء)، المتعلقة بملف امحماد الفراع، الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، ومن معه، والتي استمعت فيها الهيأة القضائية المكلفة بقسم جرائم الأموال، بغرفة الجنايات الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، إلى مرافعات دفاع التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، التي انتصبت طرفاً مدنياً في الملف، وإلى مرافعة الوكيل العام للملك بالمحكمة ذاتها، (كشفت) معطيات مثيرة، متعلقة بأوجه صرف 117 مليار سنتيم، التي يتهم الفراع بتبديدها.
وبينما أكد دفاع التعاضدية أن المتهم استطاع أن يقوم بعملية «تشبيك» أسقطت ضحايا، وكشفت النيابة العامة في مرافعتها الطويلة أن الملف يتعلق بأموال عمومية، وبموظفين تابعين للوظيفة العمومية، مستبعدة الطرح الذي ينتصر لكون أموال التعاضدية، تعتبر أموالا خاصة، قبل أن تبرر ذلك بما جاء مفصلاً في تقرير المفتشية العامة، وتبين لها أن الفراع حينئذ كان في حالة تناف، لأنه كان يترأس المجلس الإداري للتعاضدية، وأمين مال جمعية «لا مازون» ذات صلة بالتعاضدية، ويترأس بلدية الصويرة، التي اقتنت فيها التعاضدية عقارات، فضلاً عن ناد لكرة السلة في المدينة ذاتها.
وأورد ممثل النيابة العامة أن الفراع أهدر حوالي 300 مليون سنتيم على مكتبه، من خلال اقتناء مكاتب وأكسسوارت حائطية وأخرى معلقة في الجدران، بالإضافة إلى زراب وغيرها، وهو ما اعتبره تبديدا للمال العام، قبل أن يشير إلى القيمة المالية لفاتورة هاتف الفراع، منذ سنة 2000 إلى 2009، تاريخ حل المجلس الإداري للتعاضدية، التي كانت تتجاوز 34 ألف درهم شهريا، و400 ألف درهم سنويا و3 ملايين و600 ألف درهم طيلة المدة التي قضاها على رأس التعاضدية، فضلاً عن اختلالات في ما يخص اقتناء العقارات والفواتير والتوظيفات التي وصفها بـ«المشبوهة»، ملفتا الانتباه إلى أن المغادرة الطوعية كلفت التعاضدية أكثر من مليار سنتيم.
وقبل تأجيل المحكمة الملف المذكور إلى أواخر شهر أبريل الجاري، التمست النيابة العامة إدانة المتهم بعقوبة تتناسب وخطورة الأفعال المنسوبة إليه، والقول بـ«عدم أهلية المتهم ومجموعة من المتهمين المتابعين في القضية ذاتها في تدبير إدارة جمعية أو اتحاد، ومصادرة الأملاك المحجوزة للمتهمين في حدود المبالغ المحددة لفائدة الدولة»، ملتمسة في حالة الحكم على المتهم بعقوبة جنحية، «منعه من تولي خدمات عامة، أو انتخابية».
واعتبر ممثل النيابة العامة أن المتهم الرئيسي، استفاد بمعية مجموعة من المتهمين من ممتلكات توجد في ملكية التعاضدية، مشيرا إلى أن ما اقترفه من تبديد لأموال عمومية كان نتيجة نسجه شبكة من العلاقات المبنية على التغرير والترغيب والتقريب وتبادل المنافع.
وكانت محكمة النقض قد قضت في يوليوز من سنة 2014، بقبول طلب النقض الذي تقدم به دفاع الرئيس السابق للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، وباقي المتابعين في هذا الملف البالغ عددهم 21، الذي كان في الأصل 23 وتحول في المرحلة الحالية إلى 7 متهمين، بعد الحكم لصالح البقية بالبراءة.
وكانت الهيأة القضائية المكلفة بقسم جرائم الأموال، قد حاصرت الفراع بالأسئلة المتعلقة بالملف، في جلسة استنطاقه، ووقفت المحكمة عند حوالي 34 عقارا اقتناها الفراع، ووجهت إليه تهمة اقتنائها خارج القوانين، ولم يحصل على إذن في ذلك من التعاضدية ومن وزارتي التشغيل والمالية، اللتين تمنحان له إذنا بذلك عبر قرار مشترك، وساءلته كذلك عن توظيفات «مشبوهة»، وعن طريقة اقتناء عقارات للتعاضدية ونظام برنامج معلوماتي. فيما تمحورت أسئلة الدفاع حول محورين أساسيين؛ الأول لإثبات أن أموال التعاضدية أموال عامة، والثاني متعلق بأوجه تبديد أموالها التي جرى حصرها في 117 مليار سنتيم.
وبعدما أدلى دفاع التعاضدية المنتصبة طرفا مدنيا، بوثيقة تبرز عدداً من المداخيل ليقدم رأيه فيها، قدم الفراع وجهة نظره في لائحة عدد من الأموال، منها تلك التي منحت للتعاضدية من الصندوق الوطني لمنظمة الاحتياط الاجتماعي، التي تم وضعها في الحسابات الخاصة للتعاضدية، وتم صرفها في مجالات غير مجالاتها، وفق ما أكد دفاع الطرف المدني، وكان الأصل في السؤال، إثبات أن مصدر هذه الأموال هو مؤسسة عمومية وبالتالي فأموال التعاضدية عامة، قبل أن تبحث معه المحكمة عن مصير حوالي 400 مليون درهم التي صرفتها «الكنوبس»، من أجل أن يغطي بها تعويضات المنخرطين المصابين بأمراض مزمنة، وعوض ذلك صرفها إلى جمعية خاصة بالمرضى المصابين بالأمراض المزمنة، فضلا عن مركب الأمل بأكادير ومسبح، وعدد من المشاريع.
وستستأنف المحكمة في الجلسة المقبلة الاستماع إلى مرافعات دفاع المتهمين.