شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

الملك يوجه رسالة قوية إلى المشاركين في اجتماعات البنك وصندوق النقد الدوليين

وجه الملك محمد السادس، أمس الجمعة 13 أكتوبر 2023، رسالة إلى المشاركين في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، التي تنعقد بمراكش خلال الفترة ما بين 9 و15 أكتوبر الجاري.

وأبرز الملك في هذه الرسالة، التي تلاها المستشار الملكي عمر القباج، أن احتضان المغرب للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي يشكل شهادة على التزام المملكة بدورها في تعزيز العلاقات الدولية، وقال “إننا نعتبر احتضان بلادنا لهذه الاجتماعات ثمرة لشراكة انطلقت منذ أمد بعيد بمعية مؤسسات بريتون وودز، وهو كذلك شهادة على الثقة في قوة إطارنا المؤسساتي وبنياتنا التحتية والتزامنا بدورنا في تعزيز العلاقات الدولية”.

وأكد الملك، أن المقاربة التي يعتمدها المغرب ترجح كفة الانفتاح الاقتصادي والتعاون، مشيرا إلى أن المملكة انخرطت في مختلف الخطط والبرامج العالمية، سواء في ما يتعلق بالتنمية الاقتصادية، أو بالتصدي للتغيرات المناخية، أو بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وتنامي انعدام الأمن السيبراني الذي أفرزته الثورة الرقمية.

أما على الصعيد الداخلي، يضيف الملك فقد أطلق المغرب، منذ مطلع القرن الحالي، مجموعة من الإصلاحات المجتمعية والاجتماعية والاقتصادية الكبرى، فضلا عن برنامج ضخم للبنيات التحتية، بالموازاة مع الحرص والمحافظة على التوازنات الماكرو اقتصادية التي يعتبرها الملك “ضمانة للسيادة والمرونة الاقتصاديتين”.

واعتبر الملك أن الأمر يتعلق بمقاربة متوازنة تسخر السياسة الاقتصادية لخدمة التنمية البشرية التي “جعلناها أولوية مطلقة منذ اعتلائنا العرش، وهو اختيار ما فتئنا نعززه منذ جائحة كوفيد-19″، مضيفا “أطلقنا في هذا المضمار، ورشا غير مسبوق يستهدف تعميم الحماية الاجتماعية في بلدنا”.

وقال الملك “بدأنا نستشعر نتائج هذه الرؤية بشكل ملموس”، مؤكدا أن الاقتصاد الوطني أبان عن قدرة مهمة على الصمود في ظل هذا السياق الدولي المعقد وغير المستقر، والذي شهد خلال السنوات الأخيرة صدمات متتالية خارجة عن إطار المتوقع والمألوف.

من ناحية أخرى، أضاف الملك أن المملكة تمكنت من توطيد تموقعها باعتبارها أرضا للسلام والأمن والاستقرار، وبوصفها شريكا ذا مصداقية، وقطبا اقتصاديا وماليا على الصعيدين الإقليمي والقاري، وشدد الملك على أن المنظور الذي تقوم عليه الرؤية الملكية للتنمية في المغرب، يستند إلى”مؤهلاتنا التي هي تاريخنا العريق، ووضع بلدنا باعتباره مهدا للسلام وتلاقح الحضارات وتعايش الديانات والثقافات؛ ثم الموقع الجغرافي لبلدنا كصلة وصل بين إفريقيا والشرق الأوسط وأوروبا”.

وأكد الملك محمد السادس أن “المغرب يتطلع، من منطلق انتمائه الإفريقي، إلى تمكين القارة الإفريقية من المكانة اللائقة بها ضمن بقية الهيئات الدولية، بما يمكنها من النهوض بخططها الاقتصادية والاجتماعية، بعد أن صار صوتها ممثلا بالاتحاد الإفريقي، مسموعا في مجموعة العشرين”.

وأضاف الملك، أن دول القارة من أكثر بلدان العالم تضررا من آثار التغيرات المناخية، رغم تصنيفها ضمن البلدان الأقل مساهمة في الأنشطة المسببة لارتفاع درجة حرارة الأرض، ودعا في هذا الصدد، إلى إعادة ضبط القواعد والأطر المنظمة لمعالجة إشكالية المديونية، بما يجعلها تراعي بشكل أفضل ما تعانيه الفئة الأكثر مديونية من الدول ذات الدخل المنخفض من إكراهات تحد من قدرتها على المبادرة ومواجهة التقلبات.

واعتبر الملك أن إفريقيا، التي يرتقب أن تؤوي ربع سكان العالم في سنة 2050، يحق لها أن تستفيد اليوم من الشروط الكفيلة بتمكينها من تعزيز هوامش المناورة التي تمتلكها، واستثمار مؤهلاتها في الاستجابة لاحتياجات سكانها، في عالم تخيم عليه أجواء الاضطراب واللايقين، وتطبعه تحولات عميقة طالت النماذج والمنظومات القائمة.

وذكر الملك، في هذا السياق، بأن المغرب عمد إلى جعل التعاون جنوب-جنوب منطلقا أساسيا للانفتاح، معتمدا في ذلك نهجا يروم تحقيق التنمية المشتركة مع البلدان الشقيقة والصديقة في القارة الإفريقية.

وأكد الملك محمد السادس أن التطورات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي شهدتها السنوات الأخيرة تستدعي إصلاح المؤسسات والقواعد التي تحكم نظام تعددية الأطراف، وأبرز أن “ما نشهده اليوم من تشرذم جيو-اقتصادي وتنام للنزعات السيادية، التي يعزى جزء منها إلى الرغبة في إعادة ضبط موازين القوى الاقتصادية والسياسية على الصعيد العالمي، بات يشكل تهديدا للتقدم الكبير الذي تم إحرازه خلال العقود الأخيرة في ظل تعددية الأطراف”.

وأوضح الملك، أن إصلاح المؤسسات والقواعد التي تحكم نظام تعددية الأطراف، يقتضي كذلك توطيد المبادئ الأساسية التي يقوم عليها هذا النظام وإذكاء الروح التي تلهمه، مشيرا إلى أن هذه المبادئ “ما تزال ضرورية لحفظ الاستقرار والسلم العالميين، والدفع قدما بتضافر الجهود للتغلب على التحديات المشتركة التي تواجه كوكبنا وشعوبنا”.

وأضاف أن التصدي للتحديات العالمية يتطلب حلولا عالمية لا تتيسر إلا في إطار الوحدة والاحترام المتبادل بين الأمم، لاسيما عبر إدماج التنوع وتثمينه، باعتباره قيمة مضافة لا مصدرا للنزاع والفرقة مع مراعاة خصوصيات كل دولة ومنطقة، ودعا الملك أيضا إلى إعادة النظر في المنظومة المالية العالمية والعمل على تحسينها لتصبح أكثر إنصافا واستيعابا لمصلحة الجميع، معتبرا جلالته أن هذه الاجتماعات السنوية تشكل من هذه الناحية، أنسب فضاء لاحتضان حوار ونقاش بناء بشأن هذا الإصلاح.

وبالموازاة مع ذلك، قال الملك إن العولمة، التي بدأ مدها منذ ثمانينيات القرن الماضي وساهمت في خفض تكاليف الإنتاج وتشجيع التجارة العالمية، كانت من بين العوامل المساهمة في تخفيف حدة التضخم الذي ينهك اليوم القدرة الشرائية للأسر في جميع أنحاء العالم، وذلك رغم السياسات النقدية المتشددة التي و”إن كان جلها قد طبق بشكل متزامن، لم تخل من تداعيات على النشاط الاقتصادي”.

وسجل الملك أن العولمة مكنت من تحقيق بعض التقدم الملموس من خلال تحسين مستويات العيش، مما أسهم في تخليص فئات عريضة من سكان العالم من وطأة الفقر، بالرغم مما رافقها من آثار جانبية، خاصة ما تعلق منها باتساع هوة الفوارق والتفاوتات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى