في إطار تعزيز دينامية التنمية التي تعرفها المدن العتيقة بمختلف مدن المملكة، وتدعيم جاذبيتها السياحية والثقافية، وإنعاش التراث الحضاري والإنساني، وتعزيز جاذبيتها السياحية وتحسين مداخيل الصناع التقليديين وتنمية الاقتصاد الاجتماعي، قام الملك محمد السادس، يوم أول أمس الاثنين، بزيارة إلى المدينة العتيقة بفاس، حيث تفقد عددا من المشاريع المنجزة ضمن برنامج إعادة تأهيل البنايات والمعالم التاريخية، كما قام بتدشين مشاريع أخرى ترمي إلى تعزيز الحفاظ على ذاكرتها التراثية والهوياتية الغنية.
وهكذا، فقد أشرف الملك على إعطاء انطلاقة أشغال ترميم متحف «البطحاء» وإحداث متحف للثقافة اليهودية. وستكلف أشغال ترميم متحف «البطحاء» 15,6 مليون درهم، في حين سيكلف بناء متحف للثقافة اليهودية بحي «فاس الجديد» 10 ملايين درهم. ويهدف المشروعان إلى تكريس التوجه الملكي للحفاظ على الطابع المعماري لفاس العتيقة، وما يرمز إليه ذلك من ثراء التراث الثقافي والهوياتي للمدينة العتيقة للعاصمة العلمية. ويندرج المشروعان في إطار البرنامج التكميلي لتثمين المدينة العتيقة لفاس (2018-2023)، الذي يعبئ استثمارات بقيمة 583 مليون درهم، والذي تم توقيع اتفاق الشراكة المتعلق به أمام الملك محمد السادس في 14 ماي 2018 بالقصر الملكي بالرباط. ويهم هذا المشروع الضخم ترميم 11 معلمة وموقعا تاريخيا، و10 أماكن للعبادة (مساجد وكتاتيب قرآنية)، و37 مكانا للاستجمام (حمامات، وسقايات، ومرافق صحية)، وإعادة تأهيل 39 موقعا للتجارة والصناعة التقليدية، وتحسين المشهد الحضري والإطار المبني (15 موقعا)، وكذا ترميم وتأهيل دار المكينة. ويوجد 32 مشروعا قيد الإنجاز، من ضمنها 12 مشروعا تهم سقايات تقليدية بغلاف مالي يبلغ 97 مليون درهم. وقام الملك محمد السادس بزيارة حمام الصفارين، الذي تم ترميمه من طرف وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بغلاف مالي إجمالي يبلغ 9,6 ملايين درهم، و«فندق» السطاونيين الذي تحول إلى مركز للابتكار وتبادل الأفكار ذات الصلة بمهن الحياكة. وتطلبت أشغال إعادة تأهيله استثمارات بقيمة 50 مليون درهم، تم تمويلها في إطار شراكة بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية، من خلال برنامج حساب تحدي الألفية-المغرب، بمساهمة تناهز 50 في المائة من الميزانية.
وزار الملك مشروع تهيئة مركب الصناعة التقليدية والتنشيط بساحة «لالة يدونة»، والذي بلغت تكلفة إنجازه 333 مليون درهم ممولة في إطار الشراكة نفسها، حيث ساهم فيها حساب تحدي الألفية بحوالي 105 ملايين درهم. ويهم هذا المشروع إعادة تأهيل 11 بناية تقليدية، وبناء 7 أخرى جديدة، وكذا تهيئة واد الجواهر والفضاءات الخارجية، وترميم قنطرة بين المدن التاريخية. وقام الملك محمد السادس بزيارة إلى مركز التراث والمعلومات لالة يدونة، والذي بلغت تكلفة إنجازه 500 ألف درهم. ويعد هذا المركز فضاء للتواصل والتحسيس بالأهمية والقيمة التراثية للمدينة العتيقة لفاس، وكذا بمختلف العمليات والمبادرات التي تم القيام بها للحفاظ على هذه الحاضرة-المتحف متعددة الروافد.
وفي سياق المبادرة الملكية لتعزيز الجاذبية السياحية للمدينة القديمة بفاس وتحسين ظروف عيش ساكنتها، تم اعتماد برنامج لتهيئة مواقف السيارات، ورد الاعتبار للمجالات العمومية، ووضع نظام تعريفي للمدينة العتيقة لفاس، وكلها توجد في طور الإنجاز. ويروم هذا البرنامج، الذي رصد له غلاف مالي إجمالي بقيمة 400 مليون درهم، تحسين ولوج الأشخاص إلى المدينة العتيقة، من خلال تهيئة 8 مواقف للسيارات (باب الحمرة، باب الجديد، سيدي بونافع، باب بوجلود، عين أزليتن، باب الكيسة، واد الزحون، وبين المدن) بطاقة استيعابية تناهز 3200 مكان للركن، وترصيف الشوارع والأزقة (23 كيلومترا)، وعنونة الشوارع والأزقة والساحات بالمدينة العتيقة لفاس، ووضع نظام تعريفي لفائدة السكان والزوار والسياح. وتم إطلاق أشغال تهيئة مرأبي باب الكيسة وبين المدن، بينما مشاريع تهيئة مواقف السيارات بباب بوجلود وسيدي بونافع وباب الجديد وعين ازليتن، توجد في طور إرساء الصفقات، فيما توجد ملفات طلبات العروض الخاصة بتهيئة مرأبي باب الحمرة وواد الزحون في طور الإعداد.