المعطي بوعبيد أقنع الأب جيكو في خلوته بتارودانت وعينه مدربا للرجاء البيضاوي
أبو بكر اجضاهيم (رئيس الوداد الرياضي سابقا)
قلت إن الأندية كانت توظف لاعبيها حسب مكانة القائمين عليها، هل كان الدليمي يغري اللاعبين بوظائف أمنية؟
أكيد لأنه كان مديرا للأمن الوطني، خذ، على سبيل المثال، اللاعب الدولي السابق العربي الشباك، ستجد أن إغراءه بوظيفة في سلك الأمن الوطني من طرف أحمد الدليمي جعل اللاعب يصرف النظر عن الوداد ويلتحق بسيدي قاسم، ما حصل هو أن الشباك تدرب مع الوداد ووافق على الانضمام إلى صفوفه، بل وأرسلنا رخصته للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، لكن، بأوامر من الدليمي، تم سحب رخصته من الجامعة وتحويلها باسم الاتحاد القاسمي، بعد أن أصبح اللاعب الشباك عنصرا في صفوف الأمن.
أغلب لاعبي الوداد اشتغلوا في مكتب التسويق والتصدير حين كان عبد الرزاق مكوار مديره العام..
طبعا الفضل في ذلك يرجع لرئاسة عبد الرزاق مكوار لنادي الوداد، ويرجع قبل هذا لبنسالم الصميلي الذي كان رئيس المكتب المديري للوداد حينها، وهو أول وزير للصيد البحري وأول مدير للجمارك وهو من اقترح اسم عبد الرزاق لرئاسة النادي. مكوار كان متيما بحب الوداد وكان لاعبا سابقا بفرع كرة السلة. لكن مكتب التسويق والتصدير كان يملك فريقا لكرة القدم وصل إلى القسم الثاني وكان يلعب في صفوفه مجموعة من لاعبي الوداد. أذكر أن عبد الرزاق ساهم في تشغيل كثير من الأسماء في هذه المؤسسة، وبعد ذلك جاء الاحتضان مع “وفا بنك” التي قامت بدورها بتشغيل العديد من اللاعبين.
هناك سؤال لازال يلفه الغموض: ما سر استقالة مدرب الوداد الأب جيكو من تدريب وتسيير الفريق وانتقاله إلى الرجاء؟
كل مرة أقرأ رواية حول انتقال محمد بلحسن العفاني، المعروف بلقب الأب جيكو، من الوداد إلى الرجاء. لكن لابد من تصحيح خطأ شائع عند الرجاويين، الأب جيكو لم يكن يوما مؤسسا للرجاء البيضاوي، كان مدربا فقط، وقد يكون الأكثر تأثيرا في تاريخ هذا الفريق. أما سبب ابتعاده عن الوداد فيرجع للمؤامرة التي حيكت ضده من طرف بعض لاعبي الوداد الذين تقدمت أعمارهم وبدأ كل منهم يشعر بقرب انتهاء صلاحيته، خاصة وأن المدرب الأب جيكو كان يراهن على الشبان.
من هم اللاعبون الذين أبعدوه عن النادي؟
أبرزهم اللاعب ادريس جماد، الذي عمل على تكوين جبهة ضد المدرب، لأنه شعر ورفاقه بقرب اعتزالهم، وفي الجمع العام، الذي كان التصويت فيه للاعبين والكلمة لهم، لوحظ أن ادريس جماد ولمفضل بن جلون رفعا يديهما ضد الأب جيكو الذي خسر التصويت بصوتين فقط.
التصويت على من؟
التصويت على الأب جيكو ضمن المكتب المسير للوداد، لأنه كان مدربا وعضوا مؤسسا، حينها قرر أن يرحل إلى ضيعته في ضواحي تارودانت وانقطعت أخباره. كان الرجل فلتة كروية لن يجود الزمان بمثلها، سيما أنه كان من أوائل المغاربة الذين نالوا شهادة الباكلوريا، ما يعكس الجوانب المعرفية لمدرب استثنائي.
كيف تم استقطاب الأب جيكو من طرف الرجاء البيضاوي؟
حين شعر الأب جيكو بالمؤامرة اختار الابتعاد عن الوداد، خاصة وأن علاقته بمحمد بن جلون، المؤسس، تأثرت كثيرا بما حصل في الجمع العام، سيما حين صوت لمفضل بن جلون، شقيق الرئيس، ضد الأب جيكو. في تلك الفترة سافر المعطي بوعبيد، الذي أعتبره الأب الروحي للرجاء البيضاوي، إلى تارودانت وأقنع المدرب الغاضب بالانضمام للرجاء فلبى الدعوة. ولكن، حتى وهو يدرب الرجاء، ظل في منصب كاتب عام للوداد والوثائق لازالت موجودة وتؤكد هذه الازدواجية. لقد كان يردد: «الوداد بنت القلب والرجاء بنت العقل».
هل شكل انتقاله للرجاء إحراجا لكم كمسيرين للوداد؟
في الحقيقة الوداد والرجاء وجهان لعملة واحدة، وكما قلت لك فالانفصال التقني لم يلغ الارتباط الإداري للأب جيكو بالوداد إذ ظل كاتبا عاما في المستندات الرسمية. لقد حصل لنا أمر مشابه، حين أخذ كبور، لاعب الوداد السابق ومدرب الفريق في نهاية الخمسينات، أغلب لاعبي الوداد إلى فريق بوطويل، فأفرغ النادي من اللاعبين الشبان ولم يبق أمامنا إلا بعض العناصر التي كانت في آخر مشوارها، على غرار عسيلة وبوعزة ومسعود.
ما أبرز المواقف الطريفة التي لازالت راسخة في ذهنك من خلال علاقتك بالأب جيكو؟
كان الأب جيكو يتابع بمدرجات الملعب الشرفي مباراة جمعت نجم الشباب البيضاوي بالجمعية السلاوية، وكان مصير المنهزم في تلك المباراة النزول إلى القسم الثاني، وقبل انتهاء المواجهة كان الفريق البيضاوي منتصرا بثلاثة أهداف دون مقابل، ما كان يعني بقاء النجم ونزول الجمعية السلاوية، إلا أن أحد المتفرجين قال للأب جيكو إنه من المستحيل نزول الفريق السلاوي لأن رئيسه هو الوزير عواد، غير أن الرد كان سريعا من مدرب الوداد حين قال: «واخا يكون الرئيس ديال سلا نفار ماشي غير عواد الفرقة نزلات». كان الأب جيكو صارما وغالبا ما كان يمنع الرؤساء من التدخل في اختصاصاته. مرة طلب منه مسؤولو الوداد تخصيص اجتماع أسبوعي للحديث عن الجوانب التقنية لكل مباراة، وخلال الاجتماع وجه إليه أحد مسيري الوداد أسئلة تخص النهج التكتيكي للفريق، فانتفض في وجهه وقال له: «هل تجرأت مرة وسألتك عن طريقة قياس الأثواب ونوعيتها؟» وكان المسير من أشهر بائعي الأثواب في طريق مديونة، منذ ذلك الحين ألغيت تلك الاجتماعات.