شوف تشوف

الافتتاحية

المعركة الخطأ

كل من استمع لخطاب نادية فتاح العلوي، وزيرة الاقتصاد والمالية، التي حملت اتهامات لتدبير حزب العدالة والتنمية للشأن العام خلال السنوات العشر الأخيرة في البرلمان، اعتقد أننا لا زلنا وسط حملة انتخابية بإحدى الدوائر المتبارى حولها، وليس أمام جلسة دستورية في البرلمان لتقديم مشروع القانون المالي الذي من المفترض أن يتضمن إجراءات ومبادرات عملية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ونحن هنا لا نصادر حق أعضاء الحكومة في بعث رسائلهم السياسية لمن يهمهم الأمر، لكن، وبكل صراحة، نعتقد أن مرحلة الهجوم على حزب العدالة والتنمية انتهت ودفنت، والشعب قال كلمته بوضوح تام خلال استحقاقات 8 شتنبر، ومارس سلطته الدستورية والسياسية في مساءلة ومحاسبة مرحلة سياسية فوتت على المغرب فرصا لا تعد ولا تحصى، لكن لم يعد مقبولا الآن أن يتلذذ بعض الوزراء بإطلاق النار على سيارة الإسعاف وعلى جثث متحللة أو أن يعلقوا خوفهم من تدبير قطاعاتهم على شماعات الآخرين.
اليوم وقبل الغد على أعضاء الحكومة الانعتاق بسرعة من الزمن الانتخابي والخروج إلى الزمن التدبيري، من مرحلة الشعارات الانتخابوية إلى مرحلة تقديم وتنفيذ البرامج التي تطرح حلولا وتصورات عملية قابلة للتفعيل والتطبيق في الواقع العملي المعاش. فالناخب ليس محتاجا لمن يحدثه من الوزراء عن إخفاقات الحكومات الماضية، فهو الأدرى بها وهو الوحيد الذي اكتوى بنارها، ما يريده المواطن حقا، بعد الإحباطات المتراكمة التي عاشها، خصوصًا في الأمور المتعلقة بحياته المعيشية، أن يرى سياسات عامة بالأفعال لا بالأقوال، وقرارات عمومية تمشي على الأرض وتصل إلى بيته وجيبه وشغله وصحته ومدرسة أبنائه.
وإذا كان الوزراء سيحضرون للبرلمان من أجل اجترار الماضي وسب الدهر وشتم القدر السياسي الذي وضعنا في سياق خاص بين أيدي حزب العدالة والتنمية، فمن الأفضل أن يمكثوا في مكاتبهم الفارهة ويجنبوا المغاربة صدمة ثقتهم في التجربة السياسية الحالية. فليس لهذا الأمر انتخبهم المواطنون وكلفوهم بتدبير شؤونهم لخمس سنوات مقبلة.
لذلك فلا خيار لهذه الحكومة سوى العمل ليل نهار حتى لا يتم ترحيل المشاكل الحالية لسنوات قادمة أو لحكومات قادمة، وحتى المشاكل التي ورثتها هذه الحكومة من الحكومات السابقة فينبغي التصدي لحلها بشكل يخدم الوطن والمواطن، لا أن تدبج حولها قصائد الهجاء في قبة البرلمان.
إن توجيهات جلالة الملك في كل المحطات سواء أثناء تعيين الحكومة أو خلال الموافقة على التوجهات العامة للقانون المالي أو بمناسبة خطاب افتتاح السنة التشريعية، تبرز أن ملك البلاد يريد حكومة عمل تبحث عن الحلول، وأول خطوة نحو هذا الهدف تبدأ بدفن الماضي والإقلاع عن عادة البكاء على الأطلال والشروع في تنزيل الإصلاحات والوعود.
فهذه هي معركة الحكومة الحقيقية، أما مهاجمة العدالة والتنمية فهي المعركة الخطأ.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى