شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقارير

المعارك الخاطئة

لسنا في حاجة لتذكير وزراء الحكومة أن المغاربة سئموا من المعارك الخاطئة في المضمون والتوقيت والرجال، وأن السياق السياسي والاجتماعي الذي نعيشه لا يحتمل هدر مزيد من زمن المغاربة في قضايا جانبية لا تدخل ضمن لائحة أولوياتهم في الوقت الراهن، حيث همهم اليومي المقاومة من أجل إشباع جزء من مطالبهم الاجتماعية وتقليص صدمات البطالة وتجنب تداعيات ارتفاع بعض المواد الأساسية.

هذا لا يعني أن المجتمع المغربي مجتمع «خبزي» لا يفكر إلا في مأكله ومشربه، بل بالعكس هو مجتمع مفتوح على مناقشة القضايا الخلافية المجتمعية، لكن إثارة بعض القضايا الجانبية حول تجريم الخمر أو شرعنة الحريات الفردية أو إلغاء الإعدام، أو مجابهة الخطاب الشعبوي بخطاب شعبوي آخر، في هذا الوقت بالضبط لا فائدة منها وهي مضيعة لوقت الوزراء وتأجيج لروح الاحتقان الاجتماعي والإيديولوجي في الوقت الخطأ.

في المقابل هناك قرارات مهمة اتخذتها الحكومة سواء في مجلسها الأسبوعي الأخير أو غيره، كالقرار المتعلق بالمصادقة على مرسوم وقف استيفاء رسم الاستيراد المفروض على البذور الزيتية والزيوت الخام. ليكون له تأثير إيجابي على أسعار الزيوت التي ارتفعت بشكل صاروخي، ونفس الأمر بالنسبة لقرار وقف الرسوم الجمركية حول الدقيق لتجميد أسعاره في السوق الوطنية، وتخصيص دعم مالي للسائقين لكي لا تلهب أسعار النقل جيوب المواطن. كلها وغيرها إشارات مطلوبة ومفيدة للمواطن.

 

ما ينبغي أن يفهمه بعض الوزراء أن المواطن لا يهمه المناكفات الشعبوية التي يحاول خلقها أمثال عبد الإله بنكيران الذي لم يعد له شيء يخسره بعدما بدد كل رأسماله في حرب «دانكيشوتية» ضد إخوانه قبل خصومه، المواطن يهمه أن يجيبه وزراؤه عن كيف سيعالجون مشاكل ارتفاع الأسعار؟ بأي طريقة سنتغلب على شح المياه الذي يعرضنا لأزمات العطش؟ وهل هناك إرادة وآليات لكبح جماح المضاربين والمحتكرين وتجار الأزمات؟ وماذا عن تحسين أجور العمال والموظفين للتلاؤم مع الصدمات المتتالية؟

ثم كيف نصل إلى تعليم منصف وعادل وذي جودة وبلوغ نظام صحي يحافظ على كرامة المواطن حينما تخونه صحته؟ كيف ستتم مواجهة شبح إفلاس صناديق التقاعد وما هي الخطة العادلة لتنزيل السجل الاجتماعي ومشروع الحماية الاجتماعية ومخطط الإقلاع الاقتصادي؟

طبعا هنالك أسئلة استراتيجية أخرى كثيرة تطرح على الوزراء والحكومة أولوية التعامل معها بعقلية رجل الدولة وليس رجل السياسة، ومصلحة المواطن وليس المصلحة الحزبية. أما المعارك الخاطئة في الزمن الخاطئ فلم يعد هناك مجال لتحملها سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، والكارثة هي أن تقود معركة خطأ إلى المجهول وإلى ما لم تستطع أن تقود إليه معارك استراتيجية كالصحة والتعليم والبطالة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى