شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

المخطط السري للجنرال توفيق لتحويل البلاد إلى دولة بوليسية يحكمها أميون

يونس جنوحي

عندما نجح خالد نزار في إزاحة مؤقتة لمحمد بتشين، الذي كان بمثابة الرجل المهمين على القطاع المخابراتي والأمني، زرع عينا له في كل مكان. سلم مفاتيح المخابرات للجنرال توفيق، وهذا الأخير وجد الميدان خاليا ليزرع رجاله الجدد.

 

دولة بوليسية

تحولت الجزائر، بعد اغتيال بوضياف وإزالة بعض الرؤوس، إلى دولة بوليسية. يقول هشام عبود متحدثا عن هذه المرحلة: “وجد الجنرال توفيق الساحة خالية تماما لكي يوظف رجاله في المناصب الحيوية. هؤلاء الرجال كانوا على ألفة بهذا النوع من المهام في مسارهم المهني، ويتميزون بالطاعة العمياء وتنفيذ الأوامر.

قاموا بإزاحة قدامى رجال جيش التحرير الوطني، وأحالوا الضباط على التقاعد وأزاحوا من طريقهم على الخصوص الضباط الذين كانوا يتوفرون على شواهد جامعية والذين كان مخططا أن يتم توظيفهم في إدارة الأمن الخارجي”.

كانت، إذن، حملة تطهيرية بكل المقاييس. لم يكن هناك أي مكان للكفاءات التي كانت تتوفر على الشواهد العليا. كان بتشين في السابق يخطط للاستعانة بهم لبناء جهاز مخابرات قوي، بحكم أن الرجل كان يؤمن بأن العدو التقليدي للجزائر هو المغرب، وكان يريد خوض حرب أجهزة مع الجيران، لولا أن الجنرال نزار كبح طموحه وأرسله بعيدا لكي يخلو له الجو وعوضه بالجنرال توفيق الذي كان ينتظر لحظة الانقضاض على مجال المخابرات العسكرية على الخصوص، ويصفي حاملي الشهادات.

يقول هشام عبود إن مصير هذه الأطر كان هو التوظيف في المناصب الأمنية في سفارات الجزائر بالخارج. لم يكن الجنرال توفيق يريد أن يشغل معه أناسا يفهمون في الاستراتيجيات والاتفاقيات والمواثيق. كان يريد جنودا مطيعين يخلصون في تنفيذ الأوامر حتى لو كانت تلك التعليمات تتعلق بتحويل البلاد إلى حمام دم.

 

جمهورية جديدة

يرى هشام عبود أن الجنرال توفيق نجح، مع اقتراب منتصف التسعينيات، في تأسيس سياسة رجالها انتهازيون قلما وُجد لهم نظير في الدول المجاورة للجزائر.

“التحكم لم يكن تمرينا جديدا بالنسبة للأجهزة السرية الجزائرية”. يقصد هشام عبود هنا أن المخابرات كانت قد استعادت “عافيتها” السابقة بعد مرحلة خمول دخلتها بسبب تحركات محمد بوضياف.

هذا الأخير حاول، خلال الأشهر الستة التي حكم فيها الجزائر، ما بين يناير ويونيو 1992، أن يضع عرقلة حقيقية أمام تغول الأجهزة السرية، خصوصا المخابرات العسكرية والمخابرات الخارجية، لأنها معا كانت تشكل جدارا شاهقا لم يسمح لرئيس الجمهورية بالاطلاع على أي ملف من الملفات.

بل إن محمد بوضياف لم يحصل على أي معلومات نهائيا من مخابراته، ولولا أنه قام بزيارة ودية إلى المغرب، حيث قُدمت له تقارير هناك عن أنشطة رجال الجيش واتجارهم في المخدرات والسلاح وتعاملهم مع تنظيمات مسلحة في إفريقيا، لما تعرف نهائيا على أنشطة العصابة التي كانت تعمل، دستوريا، تحت نفوذه.

في الجزائر وحدها يمكن أن يصبح رئيس الجمهورية مجرد زعيم عصابة لا يعرف عن رجالها أي شيء. وقلما يتكرر هذا النموذج في دولة أخرى بالعالم.

هذا التحرك الأمني الذي باشره الجنرال توفيق، أدى إلى خصاص مهول في الأطر الأمنية، وهكذا استعانت الإدارة لأول مرة بالمدنيين، حيث فتحت مباريات للالتحاق بصفوف الأمن الوطني الجزائري، وتجاوب معها الشبان الذين كانوا يعانون أساسا من البطالة والتهميش وبينهم بطبيعة الحال حملة الشهادات العليا.

وهكذا، بعد أن حارب الجنرال توفيق الكفاءات الحقيقية في الأمن والجيش والمخابرات وأرسل بعضهم إلى التقاعد وآخرين إلى مناصب في السفارات بالخارج، وجد نفسه من جديد في حاجة إلى الشباب المتعلم لكي يسد بهم الخصاص في مناصب أمنية متواضعة جدا، بينما أشباه الأميين المنفذين الآليين للتعليمات، هم الجالسون في كراسي المسؤولية.

كان الجو مثاليا للقيام بحملات أمنية واعتقالات وحتى اغتيالات، في الجزائر دون عراقيل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى