المحجوب بن الصديق.. رتب مسألة الخلافة وأوصى بتوقف جثمانه أمام النقابة
في يوم الجمعة 17 شتنبر 2010، ارتدت نقابة الاتحاد المغربي للشغل رداء الحداد، بعد خبر أوردته وكالة المغرب العربي للأنباء، قالت فيه إن المحجوب بن الصديق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، انتقل إلى عفو الله مساء الجمعة، بأحد مستشفيات العاصمة الفرنسية باريس، عن سن تناهز 88 سنة، مستندة، في إدراج هذا الخبر، إلى مصادر نقابية، قبل أن تقدم الوكالة سيرة مقتضبة عن الراحل الذي ولد في مدينة مكناس وبدأ مسيرته النقابية مبكرا ضمن نقابة السككيين، وتتحدث عن معاركه النضالية.
حين اشتد المرض بالزعيم النقابي، نقل إلى باريس حيث خضع لحصص علاج مكثفة، بعد أن حاصره مرض السكري، وتكالبت عليه أمراض الشيخوخة، ما أدخله في غيبوبة انتهت بوفاته.
وأكد مقربون من المحجوب بن الصديق، الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، لأزيد من خمسين سنة، أنه عاش أيامه الأخيرة متضايقا جدا من ظهور ابنته على صفحات الجرائد، على خلفية هضمها لحقوق عمالها وحيازتها كمية من المخدرات.
هذه الزوبعة أثرت في حياة النقابي وزادت من متاعبه الصحية، خاصة بعد أن ترددت أخبار عن الأثر النفسي لهذه الواقعة، بعد أن تحدثت بعض الصحف عن تدخل النقابة لطي ملف ليلى بن الصديق، حيث طلب من رفاقه تكذيب هذا الخبر والتأكيد على أن من يروجها هي النقابات المنافسة، وأن موقف الاتحاد هو دعم رئيسه في هذه الفترة العصيبة.
استاء الرجل قبل رحيله من تداول موضوع الخلافة وهو لازال على قيد الحياة، رغم أن المؤتمر العام هو الذي يملك حق التداول في البديل بعد الوفاة أو قبلها، بل إن المحجوب أوكل لنائبه الميلودي مخاريق تسيير شؤون الاتحاد العمالي الأكبر في المغرب، علما أن الميلودي كان يمارس هذه المهام منذ وقت طويل بسبب معاناة بن الصديق مع المرض. فيما ظهرت فصائل أخرى تتحدث عن فاروق شهير، الذي كان يشغل حينها مهمة الأمين العام لنقابة البنوك، قبل أن يدخل في معارك مع رفاقه، إضافة إلى الاسم الرابع فؤاد بن الصديق، ابن شقيق المحجوب بن الصديق، والذي كان بالنسبة للأمين العام الراحل بمثابة ابنه وذراعه الأيمن وعلبة أسراره. وكان المحجوب حريصا على إعداد فؤاد لخلافته، وتبدو بصمات المحجوب واضحة على مسار فؤاد الدراسي والمهني منذ أن وضع تحت كنفه.
لقد جرى الترتيب لقضية الخلافة في حياة المحجوب بن الصديق، إذ من الأكيد أن الأوضاع الصحية للمحجوب، خلال السنوات الأخيرة، كانت غير مستقرة، ما شكل واقعا ساعد قيادات جديدة على فرض نفسها داخل الاتحاد المغربي للشغل. لذلك، فمسألة الخلافة كانت محسومة، فلم يتأثر الاتحاد المغربي للشغل بغياب زعيمه.
قبل وفاته، ظل المحجوب يدعو أقرب المقربين إليه إلى حمل جثمانه من مقر سكناه إلى مقر النقابة، وهو في طريقه إلى المقبرة، وهو ما تم فعلا، حيث توقف الموكب الجنائزي دقائق أمام بناية الاتحاد المغربي للشغل بشارع الجيش الملكي بالدار البيضاء، قبل التوجه إلى مقبرة «الشهداء»، حيث سارت خلف نعش أول زعيم نقابي مغربي مئات السيارات والحافلات والدراجات النارية، وكل هذه العربات كانت تحمل مسؤولين ومواطنين ومناضلين وأطرا نقابية.
وقبل أن يوارى جثمان الراحل الثرى، تليت كلمة وجيزة باسم الاتحاد المغربي للشغل، ألقاها محمد بهنيس، عضو المركزية النقابية، تمحورت حول حياة الراحل بن الصديق، وأصعب مراحل حياته، ومختلف أصناف التعذيب، وكذا المعارك التي امتدت إلى آخر أيام حياته، مشيرا إلى أن الراحل ظل يتابع نتائج الحوار الاجتماعي حتى وهو على فراش المرض.
ومن المفارقات الغريبة أن تجد في طليعة مشيعي الجثمان عددا من النقابيين الذين لم يترددوا في توجيه العديد من الانتقادات إلى هذا الزعيم النقابي بسبب استمراره مدة طويلة على رأس الاتحاد المغربي للشغل.