شوف تشوف

الرأيالرئيسية

“الماركات” المغربية

يونس جنوحي

لا يمكن لـ”أرگان” إلا أن يكون مغربيا، رغم محاولات كثيرة في الشرق والغرب لقرصنة الشجرة، إلا أن الجودة العالية لزيت أرگان لا توجد إلا في المغرب.

مناسبة هذا الكلام ما بادرت إليه عمالة تارودانت الأسبوع الماضي، حيث منعت أي تطاول على النطاق الجغرافي للشجرة النادرة، بما في ذلك رعي الماشية، للحفاظ على المنتوج وضمان عدم تعرضه للتلف. إذ سجلت حالات كثيرة لتراجع المحصول بسبب الرعي الجائر وإتلاف الأشجار وسرقة المحاصيل أحيانا، وبالتالي فإن أفضل حل لحماية هذه الأشجار الممتدة حصريا في إقليم تارودانت وصولا إلى الصويرة، لن يكون سوى التعامل بحزم مع المخالفين للقانون بمن فيهم الذين ينشطون مع تعاونيات بيع المحصول، والذين يوجهونه في الغالب إلى شركات صناعة زيوت التجميل، وبالتالي يحدث دائما تراجع كبير في سوق الاستهلاك الغذائي.

من حق المغاربة أن يحافظوا على تراثهم، خصوصا في ما يتعلق بالمطبخ المغربي الذي تدخل “زيت الأرگان” في أركان عناصره الأساسية. لكن ما سُجل في السنوات الأخيرة أن المغاربة لم يعودوا يجدون زيت الأرگان في الأسواق، وحتى إن وُجدت فإن ثمنها يجعل بيعها باللتر، كما في السابق، أمرا غير وارد ويفوق القدرة الشرائية لعشرات آلاف الأسر المغربية. بينما هناك ملايين المستهلكين عبر العالم خصوصا في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأوربا حيث الدخل الفردي مرتفع، يشترون المنتجات التجميلية التي تدخل زيت “الأرگان” في صناعتها ولو بنسب مائوية ضئيلة، دون حتى أن يلتفتوا إلى ثمنها، ويُسجل سنويا ارتفاع كبير في الإقبال على هذه المواد التجميلية.

ما يقع في التعاونيات، النسوية خصوصا، المنتشرة في القرى المغربية، أن القرويات اللواتي يُعلن أسرهن من خلال بيع محاصيل الأرگان، يضطررن إلى بيع المحصول لمضاربين يربحون الملايين سنويا من خلال الوساطة. لماذا؟ لأن النساء في أغلب التعاونيات ليس لديهن أي تكوين في التسويق، ولا في التعامل مع المقاولات الدولية خصوصا في مجال صناعات التجميل. وهذه الشركات العالمية عندما ترسل مندوبيها إلى المغرب للتزود بالمواد الأولية، يجدون المضاربين ينتظرونهم في المطار. وهذا المشكل قائم منذ سنوات، رغم المبادرات الكثيرة التي كان الغرض منها تأهيل النساء القرويات والعاملات في التعاونيات، إلا أن تسويق المنتوج من مادة الأرگان دوليا، يحتاج إلى التخصص وإلى دراسة السوق والتوفر على علاقات وإلمام بعالم الصفقات.

المبادرة التي أقدمت عليها عمالة تارودانت بمنع التطاول هذا العام على شجرة “الأرگان” سوف يجعل المحصول السنوي المقبل واعدا، خصوصا أن الاستنزاف الذي عرفه نطاق انتشار الشجرة الذهبية جعل زيت “الأرگان” تنقرض حرفيا من السوق الداخلية. ففي السنة الماضية لم يجد المستهلكون الذين يطلبون هذه الزيت لاستعمالها في الطبخ سواء محليا أو في المنشآت السياحية، أي كمية لسد الخصاص، ووصل ثمنها خلال فترة الحجر الصحي وتداعيات كورونا مستوى خياليا، تفوق على لقاح كورونا.

أما مشكل قرصنة الماركة المغربية فقد تم التعامل معه مؤخرا من خلال تحفيظ “الماركة” المغربية والتراث المغربي بما في ذلك الزخرفة والموسيقى واللباس. وصار ممكنا اليوم متابعة أي دولة أو جهة رسمية أو مؤسسة في المحاكم الدولية في حالة ما إن ثبت استغلالهم لما هو مغربي في الدعاية السياحية أو الثقافية لبلد آخر. ويكفي أن تعرفوا أن بعض المعامل في أوربا تبيع زيت أرگان المغربي على أنه محصول مزارع إسبانية. بينما كان مصدر تلك الزيت من المغرب، ولم تقم تلك الشركات سوى بتعبئتها في عبوات وبيعها بأثمنة خيالية في السوق الدولية. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى