شوف تشوف

الرأيالرئيسيةثقافة وفن

القواعد الثلاثون في الحياة (1)

 

مقالات ذات صلة

بقلم: خالص جلبي

 

هذه قواعد استخلصتها في فترة أكثر من نصف قرن، من أيام صعبة، وليال ممضة، وصدمات هائلات، وخسارات فادحات، وتجارب مريرة، وخيبة أمل في الكثيرين، أو بالعكس أمل في مستقبل الإنسان.

)1) لا توجد مشكلة من دون حل، المشكلة عادة ليست فيها، بل في موقفنا منها

(2) كرّس قاعدة الفيلسوف «إبكتيتوس»: ليس هناك شر مطلق في العالم. 

فتقتير الرزق وضيق ذات اليد والحبس واضحة أنها محنة وابتلاء، ولكن هل يخطر في بال أحدنا أن الغنى والصحة والمركز الوظيفي امتحان من لون خفي غير مباشر، لا يتفطن إليه إلا الآحاد من الخليقة؟ ومنه جاءت الآية تفيد هذا الامتحان المزدوج: «ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون».

3) ) لا تنطق بلا مسؤولية، فهناك من يُطلق الكلمات وهو يحسبها هواء قذفه الحلق وباح به اللسان؛ فجملة مفيدة، أو تجشؤا من المعدة لا يستويان، مثلا قل: الحمد لله، بل أكثرهم لا يعلمون.

 (4) لا تستبد بك اللحظة. في الوقت العصيب واللحظات الصعبة تذكر: أنها ليست نهاية العالم؛ فهناك دوما ما قبلها وما بعدها. والظروف الصعبة مثل السحب القاتمة، ولكنها تمر، فلا يدوم شيء سوى وجهه الكريم، وكل من عليها فان، وكل يوم هو في شان.

 (5) اعتمد قاعدة مجتمع مضخة الماء وتذكر قانون الدفع المتتابع في المعاملات الرسمية، فأنت تعيش في العالم العربي في أشباح وأشباه مجتمعات، لذا اعتمد بناء العلاقات الشخصية والتلفون الخاص. 

 (6) اعرف دِين الإنسان (عقيدته ومذهبه) من دَيْنه (التداين والاستقراض)، وصموده في التعامل المالي وليس العكس. فعمق التقوى من النزاهة المالية أكثر من طول اللحية. وعند منح الدين (المال) يجب اعتباره غير مردود، فإذا رجع بعد سنوات فهو غير طبيعي، لأن الطبيعي ألّا يعود ويُؤكل. ويجب عدم نسيان قاعدة جحا في الدين بين تقبيل اليد والرجل. فعندما طلب تلميذ جحا دينا من أستاذه قال له: على شرط أن تُقَبِّلَ يدي. فتعجب التلميذ من الطلب! فقال له جحا: لأنني سأقبل قدمك كي أسترد ديني. ومن هذه القاعدة تتفرع 17 قاعدة سردتها في مقالة منفصلة يمكن مراجعتها.  

`(7) تذكر كل إنسان قابل للبيع والشراء إلا المتقين، وقليل ما هم. وحتى تعرف تسعيرة إنسان ما، فخل بينه وبين كمية من المال تزيد وتنقص من دون رقيب إلا الضمير. ويمكن شراء شخصيات هامة ورؤساء أحزاب، بل رؤساء دول. ويكفي أن نتذكر قصة قارون من القرآن وأنه كان شريك فرعون في الجريمة، وكان عدوا لبني إسرائيل وهو منهم.  

8) ) في مواجهة أي مشكلة تعود ألا تلوم أحدا، إذا كنت جادا في اللوم فتوجه به إلى نفسك فقط، لأنها مجال التغيير، ومنها يمكن تغيير العالم. وفي سورة «إبراهيم» نرى ذلك الجدل بين المستضعفين والمستكبرين وكل يلوم الفريق الآخر، ليأتي في النهاية الشيطان فيتبرأ من التابعين ويقول لهم إنه وعدهم وكذب عليهم، فلن ينجد يوم الحشر أحد أحدا. وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم وما كان لي عليكم من سلطان، إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلاتلوموني ولوموا أنفسكم. وهذا الجدل يتكرر في عشرات المواضع، بهدف بناء المسؤولية الشخصية الفردية. لو تمسك فريق من الأمة بهذا المبدأ ما حصلت الحروب والنزاعات، حيث يمضي الفرد مطواعا تحت بند الأمر. وفي الحديث الصحيح الذي رواه أبو مسلم الخولاني في عشر فقرات، يختم الحديث بفقرة «فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه».

(9) لا تزهد في (الممكن) وتحلم في (المستحيل)، فهذا يجعلنا عمليا في إجازة مفتوحة لإلغاء الجهد المكافئ. في حين أن استخدام الممكن يُقرب فجوة التباعد من المستحيل. كثير من الأحيان المستحيل ليس مستحيلا، بل نحن ما تصورناه.

(10)  الكلمة ملك لك قبل أن تنطقها، فإذا تكلمتها ملكتك هي.. إنها مثل طلقة البندقية. فاحرص على إطفاء الغضب والانفعال، لأنه هو الطوفان المفجر لسدود الكلمات، واعلم أن أعظم قوة يصل إليها الإنسان هي ضبطه لنفسه. تعلم في لحظة الانفعال ألا تتصرف، بل اختف عن الأنظار، لأن أي تصرف لن يكون سليما.

11) ) لا تشترِ ما لست في حاجة إليه، لأنك ستبيع غدا ما أنت في حاجة إليه! ومما ينقل عن الكاتب العقاد أنه كان يبيع بضعا من كتبه المهمة، من أجل تغطية لقمة عيشه.

(12) لا تزهد ولا ترغب، وابتغِ بين ذلك سبيلا، وعِش في علاقاتك مع الأشياء والأحداث والأشخاص في حالة وسط بين الزهد والرغبة، فلا تذهب نفسك حسرات على فوات شيء، ولا تطير فرحا من تحصيل أي شيء. القاعدة في القرآن: «لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم».

 

نافذة:

في مواجهة أي مشكلة تعود ألا تلوم أحدا إذا كنت جادا في اللوم فتوجه به إلى نفسك فقط لأنها مجال التغيير ومنها يمكن تغيير العالم

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى