محمد اليوبي
بعد الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط، يوم الثلاثاء الماضي، والقاضي بتأييد الحكم الابتدائي الصادر عن المحكمة الابتدائية بفاس، الذي قضى بوقف تنفيذ صفقة تفويت تدبير النفايات المنزلية بجماعة «عين الشقف» بإقليم مولاي يعقوب، التي نالتها شركة «أوزون»، أصدرت المحكمة الابتدائية بفاس، أول أمس الأربعاء، حكما قطعيا يقضي بإلغاء الصفقة.
وحكمت المحكمة ببطلان أعمال لجنة فتح الأظرفة الخاصة بالصفقة عدد 2022/CAC/02 المتعلقة بالتدبير المفوض للمرفق العمومي المتعلق بالنظافة وجمع النفايات المنزلية المعلن عنها من طرف جماعة عين الشقف وبإلغاء قرار إقصاء الشركتين الطاعنتين منها وقرار إسنادها لشركة «أوزون للبيئة والخدمات» مع ما يترتب عن ذلك من آثار قانونية.
وتفجرت فضيحة من العيار الثقيل بجماعة «عين الشقف» الموجودة بضواحي مدينة فاس، والتابعة ترابيا لإقليم مولاي يعقوب، بعد تسجيل اختلالات شابت صفقة تفويت تدبير قطاع النظافة وجمع النفايات المنزلية، حيث وصل النزاع حول الصفقة إلى القضاء، من خلال الطعن فيها أمام المحكمة الإدارية من طرف تجمع اقتصادي يضم شركتين مغربية وإيطالية، والذي اشتكى من التدليس الذي كان ضحية له، عندما اكتشف أن مكتب الدراسات الذي قدم الاستشارة للمجموعة هو نفسه المرتبط بالجماعة المعنية بسند طلب لإنجاز دراسة الجدوى للصفقة، وكان ممثل المكتب حاضرا ضمن لجنة فتح الأظرفة التي أسفرت عن إقصاء التجمع بفارق بسيط عن نائل الصفقة.
وكشف دفاع التجمع الاقتصادي، أحمد حرمة، المحامي بهيئة فاس، العيوب الجسيمة التي شابت هذه الصفقة، وعلى رأسها تشكيلة اللجنة المكلفة بفتح الأظرفة، وهو ما يتعارض مع مبدأ الشفافية في الصفقات العمومية. وأوضح الدفاع، في المقال الافتتاحي للدعوى، أنه بتاريخ 22 مارس الماضي، انعقد بمقر جماعة «عين الشقف» اجتماع لجنة فتح الأظرفة المتعلق بطلب العروض المذكور، والذي عرف مشاركة أربعة متنافسين، ضمنهم تجمع شركتي “SEA & VIGICLEAN“. وأسفرت عملية فتح الأظرفة عن اختيار شركة «أوزون» في المرتبة الأولى بنسبة نقط 71 88/ 100، يليها التجمع الاقتصادي بنسبة نقط 85,66/ 100، ما خلصت معه اللجنة إلى اقتراح اختيار شركة «أوزون» صاحبة أحسن عرض مالي.
وأشار الدفاع إلى أنه أثناء عملية فتح الأظرفة، فوجئ ممثل التجمع الاقتصادي بأن من ضمن لجنة الاختيار يوجد ممثل لمكتب الدراسات، والغريب في الأمر أن تجمع الشركتين كان قد تعاقد مع المكتب نفسه من أجل إعداد الملف الإداري والتقني وإيداع عرض المشاركة في الصفقة، وأن المكتب أخفى عن الشركتين كونه متعاقدا كذلك مع الجماعة نفسها بخصوص دراسة الصفقة نفسها، كما أن عملية فتح الأظرفة أسفرت عن فرق طفيف في العرض المالي بين التجمع الاقتصادي وشركة «أوزون» نائلة الصفقة قدره 25.410,13 درهما فقط، دون أن تلجأ اللجنة إلى طلب عرض أثمان جديد طبقا لما ينص عليه القانون.
وأكد الأستاذ حرمة أن المادة 5 من القانون 54.05 المتعلق بالتدبير المفوض نصت على أنه لاختيار المفوض إليه، يجب على المفوض، القيام بدعوة إلى المنافسة قصد ضمان المساواة بين المترشحين وموضوعية معايير الاختبار، وشفافية العمليات وعدم التحيز في اتخاذ القرارات، كما أن المنافسة، حسب مقتضيات المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية، تخضع لقواعد المساواة بين المتنافسين وضمان حقوقهم والشفافية في الاختيار والحكامة الجيدة.
كما أن المادة 168 من المرسوم نفسه، المتعلقة بمحاربة الغش والرشوة وتضارب المصالح، تنص على وجوب محافظة المتدخلين في مساطر إبرام الصفقات على الاستقلالية في معاملاتهم مع المتنافسين، وأن لا يقبلوا منهم أي امتياز أو مكافأة وأن يمتنعوا عن ربط أية علاقة معهم من شأنها أن تمس بموضوعيتهم ونزاهتم واستقلاليتهم.
وأبرز الدفاع أن «مكتب الدراسات» الذي تعاقد مع تجمع الشركتين من أجل إنجاز ملف الطلبية العمومية وإيداعه بمقر الجماعة، أخفى عليهما صفته عضوا في لجنة فتح الأظرفة، وتحصل منهما على كل المعطيات التقنية والمالية والقانونية التي مكنته من ترجيح كفة منافس لهما بفارق بسيط في العرض المالي، ودون اللجوء إلى طلب عروض أثمان جديدة، رغم الفرق البسيط جدا بين العرضين الماليين، والذي يقل عن 0,2 % من قيمة الصفقة ما لا يمكن معه اعتباره أفضلية معتبرة تبيح إرساء الصفقة على شركة «أوزون للبيئة والخدمات»، وأكد أن الشركتين المغربية والإيطالية كانتا ضحية خرق مبدأ السرية والتحفظ والحياد والشفافية والنزاهة في إبرام الصفقة.