شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الفوسفاط يصنع المستقبل

ترأس الملك محمد السادس، يوم السبت، بالقصر الملكي بالرباط، مراسيم تقديم البرنامج الاستثماري الأخضر الجديد للمجمع الشريف للفوسفاط (2023 – 2027) الذي تبلغ كلفته المالية 130 مليار درهم، وتوقيع مذكرة التفاهم بين الحكومة ومجموعة  OCP المتعلقة بهذا البرنامج.

بلا شك تعد هذه الاتفاقية التي أشرف عليها الملك جزءا من استراتيجية الدولة المغربية لحماية أمنها الطاقي والفلاحي والصناعي خلال العقود المقبلة، بدلا من الاكتفاء بتصدير الفوسفاط كمواد خام أو أسمدة فلاحية فقط.

لطالما اعتُبِر الفوسفاط لعقود مادة قليلة الفائدة تجاه ما يدره البترول والغاز من أموال وثروات، لكن هذه النظرة القاتمة تجاهه بدأت تتغير بعد الأزمات المتكررة والصدمات المستمرة والاضطرابات التي تشمل تقلب الأسعار وارتفاع الطلب وزيادة التكلفة، وبدأ الفوسفاط رويدا رويدا يحتل مكانة متميزة بعد الفرص الواعدة لتحويل هذه المادة إلى مصدر نظيف للطاقة البديلة، مع توقعات بأن تشكل في المستقبل مصدرا بديلا للمحروقات في العديد من القطاعات الاقتصادية.

في ظل ما تشهده أسعار المواد الأولية والطاقة من ارتفاع، سواء بسبب الحرب الروسية الأوكرانية أو تداعيات كوفيد، اتجهت أنظار الدولة المغربية بشكل استباقي منذ سنوات إلى تثمين مادة الفوسفاط، واعتبارها مادة حيوية لمستقبل بلدنا سيكون من الإسراف عدم استغلاله في المستقبل. ومن خلال الإصرار الملكي على تتبع هذا الملف الاستراتيجي بشكل شخصي وعن قرب، فهو يشكل فرصة ذهبية ستساهم في انتشال بلدنا من عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، خصوصا وأن كلّ المؤشرات تفيد بأننا أمام ارتفاع مستدام لأسعار النفط والغاز لأسباب هيكلية مرتبطة بالندرة وبتوازنات النظام الدولي الجديد.

وإن كان ارتفاع أسعار المحروقات بمثابة نقمة لنا كدولة مستوردة للنفط، لما يحمله من آثار تضخمية تشكل ضغطاً هائلاً على ميزانيتنا العامة وعلى قدرات مواطنينا الشرائية، إلا أن هاته الظروف تشكّل نعمة جعلتنا نفكر جيدا في استثمار أهم ثروة مغربية، ليساهم في توفير الأمن الطاقي والمائي ويرفع من موارد الدولة، وبالتالي يعزز قدراتها على الاستثمار في الإنتاج وفي شبكات الحماية الاجتماعية.

لذلك اتخذت أعلى سلطة في الدولة قراراً استراتيجياً بالتحول إلى مصادر الطاقة البديلة التي يتيحها الفوسفاط، وكل ما يمكن أن ينتج من خلال الاعتماد على هذه المادة الحيوية، وبلا شك أن هذا القرار ستكون له تبعات استراتيجية جدية على الخريطة الجيوسياسية وعلى موقع المغرب على المستوى الدولي، فهل بإمكان المعنيين بتنزيل هذه الاستراتيجية، لاسيما ممثلي الحكومة، ضمان حسن تطبيق التوجيهات الملكية لإحداث تغييرات نحن في أمس الحاجة إليها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى