محمد اليوبي
بعد إعلان حفيظ العلمي، وزير التجارة والصناعة والخدمات والاقتصاد الرقمي والأخضر، أمام لجنة القطاعات الإنتاجية بمجلس النواب، الحرب على السلع المقلدة والمغشوشة التي يتم استيرادها إلى المغرب، انتفض «التجار الكبار» في وجه الوزير، معلنين رفضهم لإجراءات المراقبة الصارمة على السلع المستوردة.
وفي هذا الصدد، وجهت جمعية «مسار المغربية للتجار ومهنيي كراج علال» شكاية إلى الديوان الملكي، تعلن من خلالها عن رفضها لإجراءات مراقبة السلع المستوردة، التي فرضتها وزارة الصناعة والتجارة، عن طريق ثلاث شركات خاصة تتولى القيام بهذه الإجراءات بالحدود المغربية. واعتبرت الجمعية تكليف ثلاث شركات أجنبية بمهمة مراقبة الحدود المغربية، مخالفا للقوانين المغربية والالتزامات الدولية.
وأكدت الجمعية، في شكايتها، أن هذا القرار أسند مهمة المراقبة والمعاينة والحجز إلى موظفي الدولة وليس إلى شركات خواص، لكي يضمن الشفافية والمساواة وحماية حقوق المرتفقين. وذكرت الجمعية أنه تم تقسيم البضائع المستوردة إلى صنفين، الصنف الأول يتمثل في البضائع التي تتم مراقبتها في بلد التصدير على نفقة المستورد، وتؤدى بالعملة الصعبة من خزينة الدولة، إذ يتم أداء ما قيمته 0.25 إلى 0.4 في المائة، بالإضافة إلى مصاريف تنقل ممثل الشركة في الدولة المصدرة، وكذلك مصاريف التحاليل المخبرية. والصنف الثاني يتعلق ببضائع تخضع للمراقبة داخل التراب الوطني المغربي بالحدود المغربية، حيث يتم حجز عينات من طرف مستخدمي هذه الشركة دون توفرهم على الصفة القانونية، ليقوموا بعد ذلك بإرسال هذه العينات إلى مختبرات لإجراء فحوصات بغاية عرقلة التجارة لا غير. وقالت جمعية «مسار المغربية للتجار ومهنيي كراج علال» إن كل من أراد الاستيراد في الوقت الراهن، وجب عليه الأداء بالعملة الصعبة خارج المغرب، بالإضافة إلى تأدية مبلغ 420 درهما لصالح الشركات الأجنبية دون وجه حق.
وفي ردها، أكدت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي أنه وخلافا لبعض المعلومات المتداولة على الشبكات الاجتماعية، فالنظام الجديد لمراقبة المنتجات الصناعية عند الاستيراد، الذي أحدثته الوزارة يتوخى مكافحة الغش من خلال التحقق من مدى امتثال المنتجات المستوردة لمعايير سلامة المستهلك، مع تقليص آجال الاستيراد بشكل كبير.
وأوضح بلاغ للوزارة أن حصيلة هذا النظام تعتبر حتى يومنا هذا واعدة جدا، حيث تشير عمليات التحقق- التي تسهر عليها الوزارة إلى تقلص كبير في عمليات الغش، وفي الآجال، حيث انخفض متوسط مدة إرسال نتائج المراقبة من 3.73 أيام إلى 1,24 يوم. وانتقل متوسط مدة برمجة الزيارات الفيزيائية من 1,85 يوم إلى 0,93 يوم فقط.
وأكد البلاغ أن إحداث هذا النظام يندرج في إطار إصلاح شامل، يستند أساسا إلى رقمنة عمليات المراقبة، مما سمح بتنسيق أمثل بين السلطات المعنية، وتتبع مسار التدخلات وهيكلة قواعد المراقبة، وبالتالي ضمان العدالة بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين.
وأضاف البلاغ أن هذا النظام يفرض على بعض المنتجات الصناعية ضرورة الخضوع للمراقبة في بلدانها الأصلية، ويستتبع منطقيا العمل مع فاعلين لهم حضور على الصعيد العالمي، مشيرا إلى أن هذا يسمح بالحيلولة دون وجود منتجات ذات معايير الجودة أو السلامة الرديئة، أو المنتجات التي تمثل خطرا على المستهلكين والبيئة، فوق التراب المغربي، وهو ما يسمح للبلاد بتفادي استنزاف العملة الصعبة، وللمستورد بتجنب أعباء مالية كبرى ذات صلة بتكاليف السلع غير المطابقة التي أداها مسبقا، علاوة على تكاليف التخزين وغرامات التأخير المفروضة.
وأكد البلاغ أن هذا النموذج لا يقتصر على المغرب، فقد تم إعداده من قبل هذه الوزارة استنادا إلى دراسة ساهم فيها خبراء دوليون، وإلى دراسات مقارنة لتجارب دول أبانت عن مرونة كبرى وابتكار متميز، من أجل مواكبة تطور عملياتها التجارية. وذكر أنه لوضع النظام الجديد لمراقبة المنتجات عند الاستيراد، كانت الوزارة أطلقت طلبا لإبداء الاهتمام يستهدف هيئات التفتيش خلال شهر أبريل 2018، وذلك بموجب دفتر تحملات يمتثل للقانون رقم 09. 24 المتعلق بسلامة المنتجات والخدمات. وقد استأثرت هذه المبادرة باهتمام خمس هيئات من بين أشهر الهيئات المعروفة عالميا، في مضمار التحقق من مطابقة المنتجات لشروط الجودة. وبعد تقييم ملفاتها والقيام بزيارات ميدانية، سمحت بالتأكد من إلمامها الجيد بكافة عناصر دفتر التحملات، فقد تم اختيار ثلاثة مرشحين.
وحسب البلاغ، فقد أبرمت الوزارة بعد ذلك اتفاقيات مع هذه الهيئات الثلاث بمؤازرة مكتب للمحامين، سبق له أن قدم تحليلا قانونيا سمح بالمصادقة على النظام المقترح. وبعد توقيع الاتفاقيات التي تنص على تحويل الإتاوات التي تخصصها الوزارة لمواكبة المقاولات المغربية المصدرة إلى الأسواق الصعبة، فقد تم اعتماد الهيئات الثلاث بموجب القرار رقم 3873- 13 المؤرخ في 26 دجنبر 2013 المتعلق باعتماد هيئات تقييم المطابقة. وهكذا، فقد تم اعتماد كل هيئة من الهيئات الثلاث على حدة بناء على موافقة، نشرت وفق ما جرى به العمل، بالجريدة الرسمية. وأشارت وزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي إلى أنه بموجب المأذونيات الممنوحة للهيئات الثلاث، فإن هذه الأخيرة تخضع لأحكام القانون 24 – 09 آنف الذكر، بما في ذلك الأحكام المتعلقة باحترام السر المهني المنصوص عليه في مادتها 25، وقد تم اعتماد هذه المبادرة التي تم تفعيلها في فبراير 2020، بعد مشاورات موسعة مع الفاعلين في إطار الجهود المشتركة لمكافحة الغش وتقليص آجال العبور.