محمد اليوبي
سجل التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، الذي رفعته رئيسة المجلس، زينب العدوي، إلى الملك محمد السادس، عدة اختلالات في تنفيذ البرنامج الوطني «مدن بدون صفيح».
وأوضح التقرير أنه تم إطلاق برنامج «مدن بدون صفيح» سنة 2004، في إطار سياسة الدولة في مجال محاربة السكن غير اللائق، وكان الهدف المعلن لهذا البرنامج هو معالجة 270.000 أسرة قاطنة بمختلف مدن الصفيح في 70 مدينة ومركز حضري. وأكد التقرير أن مدن الصفيح ظاهرة راسخة ويصعب استئصالها، مشيرا إلى أنه منذ إطلاق البرنامج سنة 2004، لوحظ أن عدد الأسر استمر في الارتفاع، فانطلاقا من هدف 270.000 أسرة، وصل هذا العدد إلى 472.723 في سنة 2018، أي بزيادة 75% مقارنة بالهدف الأولي، وبمتوسط زيادة سنوي يزيد عن 10.669 أسرة، وهكذا، وعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت والتي مكنت من معالجة 280.000 أسرة بين عامي 2004 و2018، لا يزال البرنامج يواجه صعوبة في المضي بالسرعة المطلوبة لتحقيق الأهداف المحددة والتمكن من القضاء النهائي على أحياء الصفيح.
وأورد القطاع المكلف بالسكنى أن الزيادة في عدد الأسر تشكل العائق الأكثر شيوعا، ما يؤثر على البرمجة الأولية وفي بعض الحالات يشكل مصدرا لإضافة ملحقات للاتفاقيات واعتماد التعديلات والاتفاقيات التكميلية لعقود المدينة واتفاقيات التمويل وإنجاز المشاريع في إطار برنامج مدن بدون صفيح، كما يتسبب أيضا في التأخيرات التي تعرفها العديد من المدن المبرمجة وتأجيل مواعد إعلانها بدون صفيح.
وتحدث التقرير عن ظاهرة الانزلاق، تتجلى في إعادة بيع البقعة أو السكن بعد الاستفادة من البرنامج، إلى طرف آخر. ووفقا لدراسة تقييم الدينامية الاقتصادية والاجتماعية وظاهرة الانزلاق في عمليات محاربة مدن الصفيح، والتي قامت بها وزارة الإسكان سنة 2013، فإن المعدل الوطني للانزلاق هو 19,3%. وأكدت الدراسة المتعلقة بالبحث الوطني لتقييم أثر برامج مكافحة السكن غير اللائق على الظروف المعيشية للأسرة، التي أنجزتها وزارة الإسكان سنة 2015، هذه النتيجة والتي من خلالها يظهر أن 78,4% من الأسر فقط هم المستفيدون الأصليون الذين يقيمون في مساكنهم (قطع أو شقق سكنية) كملاك.
وتجد هذه الممارسة تفسيرها، وفقا لنفس الدراسة، في المكاسب التي يمكن أن تنتج عن القيمة السوقية لبقع إعادة الإيواء المدعومة مقارنة بمساهمة المستفيد، بالإضافة إلى ذلك فإن الدافع الأساسي لاستقرار الأسر غير المستفيدة في مناطق عمليات إعادة الايواء، بنسبة 37.9%، هو المكاسب العقارية التي توفرها هذه العمليات، ومستوى أسعار الأراضي المنخفض نسبيا مقارنة بالمناطق الأخرى.
وسجل التقرير وجود مشاكل وصعوبات في البناء الذاتي لبقع إعادة الإيواء، حيث يبلغ معدل تهيئة عمليات إعادة الإيواء المختارة في العينة التي تم فحصها، حوالي 70%. ومع ذلك، فإن هذا المعدل يخفي تفاوتات كبيرة من عملية إلى أخرى ويتراوح بين 25 و100%. ويرتبط التباين في نسب البناء بالاعتبارات المتعلقة بالموقع الجغرافي للتجزئة السكنية، وبالوضعية الاقتصادية والاجتماعية للأسر المستفيدة. وأشار التقرير إلى أن العديد من المستفيدين قاموا ببناء البقع الممنوحة لهم، إما بتعبئة أموالهم الخاصة في سياق البناء الذاتي، أو باللجوء إلى ممارسة الارتباط مع شخص آخر، من خلال إبرام ما يسمى «عقود» الجمعية. وتشكل هاتان الوسيلتان 72.2%من الطرق الأكثر اعتمادا في بناء البقع المخصصة للمستفيدين لإعادة الإيواء. ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن فئة كبيرة من المستفيدين الذين هم في حالة هشاشة اجتماعية، تواجه صعوبات في تثمين البقع لافتقارها إلى الوسائل والمساعدات الملائمة، كما يصعب الحصول على التمويل البنكي، بسبب عسر بعض المستفيدين، والتردد في بعض الأحيان في الالتجاء إلى القروض البنكية، بسبب عدم توفر شواهد ملكية الأراضي وعدم فعالية تدابير التمويل.
وبخصوص عمليات إعادة الإسكان، رصد المجلس الأعلى للحسابات ثغرات في تدبير مرحلة ما بعد الترحيل، وأوضح أن من مزايا العمليات التي تتم وفقا لطريقة إعادة الإسكان، وبالإضافة إلى العائد الاقتصادي للعقار مقارنة مع الطرق الأخرى، فإنها تؤدي إلى إنتاج جودة حضرية مقبولة جماليا بفضل التصاميم التي تمكن من تجانس البنايات وتنسيق الواجهات. ومع ذلك، لا يتجاوز اللجوء إلى طريقة إعادة الإسكان نسبة 8% من مجموع عمليات البرنامج، ويفسر المسؤولون اللجوء المحدود لهذه الطريقة برفض الأسر لهذا الحل وتفضيلها للبقع الأرضية.
كما سجل التقرير وجود اختلالات في آلية إبرام عقود المدينة، مبرزا أن خطة تنفيذ برنامج «مدن بدون صفيح» ، تنص على إعداد برامج محلية سنة 2005 تمكن من جهة، من وضع رؤية كفيلة بضبط تنفيذ مقتضيات عقود المدينة، ومن جهة أخرى، جعل عملية البرمجة أكثر دقة حسب المدن. وكان من المفترض أن تتوفر هاته البرامج المحلية على مجموعة من المعطيات الضرورية، ولم يتم إعداد البرامج المحلية لبرنامج «مدن بدون صفيح» ولا تتوفر الجهات الفاعلة على المستوى المركزي والمحلي، على وثيقة تصف، حسب المدينة، الإجراءات والتدابير الرئيسية التي تم اتخاذها أو التي سيتم اتخاذها لإبرام أو/ وتنفيذ بنود عقد المدينة.
وفي غياب هذه البرامج المحلية، لم يكن إعداد عقود المدن يتبع دائما نهجا دقيقا، لا سيما من حيث ضبط المعطيات الأساسية، والقيام بالدراسات والتحقيقات القبلية وكذا التنسيق مع الفاعلين المحليين والساكنة المعنية بهذه البرامج.