عمرو الشوبكي
اقتحم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أمس الأول، مخيم «نور شمس» في الضفة الغربية، فقتل في بضع ساعات 14 فلسطينيا ليصل عدد شهداء الضفة منذ عملية 7 أكتوبر إلى حوالي 500 فلسطيني، في حين وصل عدد المعتقلين إلى ما يقرب من 8500.
والحقيقة أن الهجوم الذي شنته إسرائيل، أمس الأول، على مخيم نور شمس لم يكن الأول، فقد سبقه العديد من الهجمات في جنين وطولكرم وعشرات المدن والبلدات، قُتل فيها بدم بارد المئات، بعضهم صبية وأطفال، واعتُقل الآلاف، وهو مشهد يعكس سلوكا إسرائيليا ممنهجا في حق الشعب الفلسطيني قبل 7 أكتوبر وبعدها، وفي غزة والضفة الغربية على السواء.
والحقيقة أن أهمية النظر إلى ما يجري في الضفة الغربية ليس بغرض نسيان ما يجري في غزة، التي تشهد جرائم إبادة جماعية عجز العالم ومؤسساته الدولية عن وقفها، حتى حين أصدر مجلس الأمن قرارا بوقف إطلاق نار إنساني مؤقت لم تحترمه إسرائيل، إنما لإثبات أن الضفة الغربية، التي يُفترض أن مَن يديرها المعتدلون، لم تكن أفضل حالا من غزة إلا في عدد الضحايا لأن كلتيهما تعاني بطش الاحتلال.
إن تحميل عملية 7 أكتوبر مسؤولية الجرائم الإسرائيلية، وترديد مقولة إن حماس تتحمل مسؤولية ما أصاب الشعب الفلسطيني، أمر فيه مغالطة كبيرة، لأن ببساطة يمكن رفض بنية حماس العقائدية وانتقاد إدارتها لغزة وضعف جناحها السياسي وغياب تأثيره دوليا، بل حتى لبعض جوانب عملية 7 أكتوبر، أما ترديد مقولة إنها سبب ما حصل لأهل غزة من مآس، فإنه يعني أن الضفة الغربية كانت بلا احتلال ولا مستوطنات ولا حواجز ولا عمليات قتل وتهجير واعتقال.
والحقيقة أن الضفة الغربية كانت تعاني ممارسات الاحتلال قبل عملية 7 أكتوبر، كما لم يشفع لسلطتها الوطنية ولا لمنظمة التحرير التوقيع على اتفاق أوسلو في 1993، الذي كان يُفترض أن يفضي إلى دولة فلسطينية مستقلة في خلال 5 سنوات، أما ما حدث على الأرض فكان العكس، فقد زاد عدد المستوطنين عشية التوقيع على اتفاق أوسلو من 115 ألفا إلى حوالي 700 ألف مستوطن حاليا، وهو الأمر الذي فصل المدن الفلسطينية عن بعضها، وجعل وزيرة المواصلات الإسرائيلية تفتخر بأن الطرق الجديدة التي تقيمها، والتي تخص فقط المستوطنين، ستجعلهم «لن يروا فلسطينيا واحدا».
إن هذه اللغة العنصرية، وسياسة الاستيطان، وتهجير الفلسطينيين، وقتلهم، حتى وصلت أعدادهم إلى ما يقرب من 35 ألف شهيد في غزة والضفة الغربية، غير عشرات الآلاف من المصابين والمعتقلين، كل هذا يدل على أن ممارسات إسرائيل في كل الأراضي المحتلة جوهرها واحد، حتى لو اختلفت في الشكل والدرجة.
علينا أن ندين أولا وأساسا ممارسات الاحتلال، التي قضت على حل الدولتين في الضفة الغربية بالاستيطان والقتل والاعتقال، وفي غزة بالإبادة الجماعية.