شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

الشباب ومعضلة الإدماج 4.3 ملايين لا يدرسون ولا يشتغلون

330 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا

أعادت الأحداث الأخيرة المرتبطة بالهجرة، النقاش حول السياسات العموميـة الموجهة إلى الشباب، في ظل الأرقام المقلقة الصادرة عن المؤسسات الرسمية، التي تؤكد ارتفاع نسبة البطالة في أوساط هذه الفئة، بالإضافة إلى استمرار ظاهرة الهدر المدرسي، حيث كشفت دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن مليون ونصف مليون من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة أو خارج الساكنة النشيطة، وحسب التقرير فإن عدد العاطلين بدون عمل ولا تعليم، يصل 4.3 ملايين، إذا تم اعتماد السن بين 15 و34 سنة، وهو عدد كبير يطرح إشكالات تتعلق بالإقصاء والشعور بالإحباط، والتفكير في الهجرة، وتهديد التماسك الاجتماعي، كما أن معدل بطالة الشباب وصل 35 في المائة في سنة 2023، وتشير الأرقام الرسمية إلى أن أكثر من 330 ألف تلميذ يغادرون مقاعد المدرسة سنويا، وهو رقم مهول، علما أن هذه الفئة تكون معرضة لكل أنواع الانحراف والاستغلال.

مقالات ذات صلة

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

أكثر من 300 ألف تلميذ يغادرون مقاعد الدراسة سنويا

 

 

كشف فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية، في مداخلة ألقاها خلال انعقاد الدورة الثانية للمناظرة الوطنية للتنمية البشرية، عن أرقام صادمة بخصوص ارتفاع نسبة الهدر المدرسي، حيث أكد أن 331 ألف تلميذ غادروا أقسام الدراسة خلال الموسم الدراسي 2020-2021.

وأكد لقجع في كلمة له، خلال جلسة حول «السياسات العمومية وتثمين الرأس مال البشري في المغرب»، أنه لا يمكن تصور إصلاح النظام التعليمي دون طرح الأسئلة المتعلقة بالإكراهات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه الأسر، وقال إنه «لا يمكن إصلاح النظام التعليمي دون استحضار القدرات والبيئة التي تعيش فيها الأسر، خصوصا في الوسط القروي».

واعتبر أن نجاح أي إصلاح في المجال التعليمي، يجب أن يساير الورش الاجتماعي الذي يقوده الملك محمد السادس. وتابع أن تجارب المبادرة الوطنية تعتبر فرصة حقيقية للنهوض بالنظام التعليمي في المغرب، مضيفا أن جلالة الملك أبرز في العديد من خطبه السامية أن تطور النظام التعليمي هو مفتاح التنمية البشرية.

وأشار لقجع إلى أن الموارد المالية المخصصة لوزارة التربية الوطنية تضاعفت بشكل كبير خلال العقدين الأخيرين ، لافتا إلى أنه رغم الجهود المبذولة في هذا الإطار تبقى النتائج أقل من الطموحات المرجوة.

وسبق لشكيب بنموسى، وزير التربية الوطنية والرياضة، أن أعلن أمام البرلمان عن معطيات صادمة تتعلق بارتفاع نسبة الهدر المدرسي، مشيرا إلى أن حوالي 331 ألف تلميذ وتلميذة يغادرون مقاعد الدراسة سنويا، وأكد بنموسى في رده على سؤال شفوي خلال الجلسة التي عقدها مجلس النواب، أن الهدر المدرسي يشكل انشغالا حقيقيا لما له من انعكاسات سلبية على وضعية التلاميذ المنقطعين وكلفته الاجتماعية والاقتصادية على بلادنا، وكشف الوزير أن معدل الهدر المدرسي على المستوى الوطني بلغ بالأسلاك التعليمية الثلاثة في القطاع العام 5.3 في المائة، أي حوالي 331 ألف تلميذة وتلميذ انقطعوا عن الدراسة؛ وبلغت هذه النسبة بالوسط القروي 5.9 في المائة، في حين تم تسجيل نسبة 5.6 في المائة كنسبة انقطاع في صفوف الفتيات المتمدرسات بالوسط القروي.

وأوضح بنموسى أن وزارة التربية الوطنية حرصت على اتخاذ مجموعة من التدابير لمحاربة الهدر المدرسي، تتمثل أساسا في تعميم التعليم الأولي باعتباره عاملا أساسيا في الحد من الانقطاع عن الدراسة في سن مبكرة، وتوسيع العرض المدرسي، سيما عبر تعميم المدارس الجماعاتية بالوسط القروي، علما أن المنظومة تتوفر حاليا على 226 مدرسة جماعاتية، وتطمح إلى إحداث 250 مدرسة جماعاتية جديدة، منها 150 في إطار برنامج الدعم الممول من طرف البنك الأوروبي للاستثمار والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى مواصلة توسيع تغطية الوسط القروي بمؤسسات التعليم الإعدادي، حيث تم تسجيل 71 في المائة كنسبة تغطية الجماعات القروية بالتعليم الإعدادي.

كما عملت الوزارة، يضيف بنموسى، على تعزيز خدمات الدعم الاجتماعي من خلال المبادرة الملكية «مليون محفظة»، وتعزيز خدمات النقل المدرسي، وتوسيع قاعدة المستفيدين من برنامج «تيسير» للدعم المادي المشروط للأسر، وتوسيع قاعدة المستفيدين من الداخليات، كما تم الشروع في إرساء وتعميم مراكز مدرسة الفرصة الثانية الجيل الجديد، حيث وصل عدد هذه المراكز حاليا إلى 142 مركزا، تستقبل حوالي 11 ألف متعلم ومتعلمة يستفيدون من تأهيل تربوي ومهني.

من جهة أخرى، يقول الوزير يتم اعتماد مقاربة وقائية للتصدي للهدر المدرسي، من خلال تعزيز الدعم المدرسي لفائدة التلاميذ الذين يعانون من صعوبات في التعلم، إلى جانب تنظيم حملات تحسيسية، وخاصة في إطار عملية «من الطفل إلى الطفل» و«قافلة التعبئة المجتمعية»، لإرجاع المنقطعين وتسجيلهم في المؤسسات التعليمية.

وتبين الإحصائيات الرسمية، الصادرة عن وزارة التربية الوطنية، أن أكثر من 300.000 ألف تلميذ وتلميذة من الفئة العمرية (6-15 سنة) ينقطعون سنويا عن الدراسة، وهذا الأمر الذي يتسبب في تأخر التعليم من جهة، وفي الرفع من نسبة الأمية من جهة ثانية، والتي تصل نسبتها إلى حوالي 34 في المائة حسب الإحصائيات الرسمية، بينهم أكثر من مليون طفل يتراوح عمرهم بين 9 و14 سنة خارج المدرسة لا يعرفون القراءة والكتابة. كل هذا يجعل بلادنا تحتل مراتب متدنية في مؤشرات التنمية البشرية، بالرغم من المجهودات المبذولة.

ويشكل الهدر المدرسي آفة تؤثر سلبا في تنمية مجتمعنا، حيث أظهرت دراسة من طرف المجلس الأعلى للتعليم سنة 2008 أن التلاميذ الذين ينقطعون عن الدراسة بعد أربع سنوات يؤولون إلى الأمية، مما يشكل استنزافا للموارد البشرية والمادية للبلاد، إذ يمكن تقدير تكلفة عدم التمدرس والانقطاع عن الدراسة بنسبة 2 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وهذه الظاهرة كما أسلفنا تنتشر بالعالم القروي، مما يستنزف التقدم الذي تحقق في تقليص الفوارق في نسب التمدرس بين الوسطين الحضري والقروي، وبين الجنسين فمعدل تمدرس الفتيات بين 12 و14 سنة من العمر لم يتجاوز 43 في المائة في الموسم الدراسي 2006-2007، مقابل 75 في المائة كمعدل وطني بالنسبة إلى هذه الفئة العمرية. وتضاف فئات التلاميذ المنقطعين عن الدراسة إلى صفوف المستهدفين ببرامج محاربة الأمية وبرامج التربية غير النظامية، التي تبقى المسلك الوحيد لإعادة الإدماج في المنظومة، علما أن الطاقة الاستيعابية لاستقبال المستفيدين من هذه البرامج لا تكفي آلاف المنقطعين عن الدراسة.

وفي خلاصة تقرير منظمة اليونسكو، وهي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة، والصادر سنة 2014، جاء فيه أن المغرب احتل المرتبة ما قبل الأخيرة عربيا في عدد الخريجين. كما أن 10 في المائة من الأطفال لا يلتحقون بالمدرسة، وحوالي 34.5 في المائة فقط هي نسبة التلاميذ الذين يلتحقون بالتعليم الثانوي، هذا بالرغم من كل الإمكانيات التي توظف في قطاع التربية والتعليم، والتي تفوق 5 في المائة من الدخل العام للبلد.

الشباب والبطالة.. القنبلة الموقوتة

 

كشفت دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي أن مليونا ونصف مليون شاب وشابة بالمغرب، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يوجدون في وضعية «بدون عمل وبدون شغل». وحسب الدراسة فإن عدد العاطلين بدون عمل ولا تعليم، يصل 4.3 ملايين إذا تم اعتماد السن بين 15 و34 سنة، وهو عدد كبير «يطرح إشكالات تتعلق بالإقصاء والشعور بالإحباط، والتفكير في الهجرة وتهديد التماسك الاجتماعي»، موضحة أن معدل بطالة الشباب في المغرب وصل 35 في المائة في 2023، فيما وصل الهدر المدرسي إلى 331 ألف حالة سنويا، وهو «رقم مهول».

المثير، حسب استطلاع الرأي الذي أجراه المجلس، أن 78 في المائة من هؤلاء الشباب لا يعلمون بوجود برامج عمومية أو مبادرات من المجتمع المدني موجهة لدعمهم، بينما أفاد 22 في المائة فقط من المشاركين بمعرفتهم بهذه البرامج والمبادرات، ومن أبرزها برامج (فرصة وأوراش، وانطلاقة ومدرسة الفرصة الثانية، والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وبرنامج المقاول الذاتي والتكوين بالتناوب).

وأعد التقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إحالة ذاتية، تحت عنوان «شباب لا يشتغلون ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين».. أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟»، ويتعلق الأمر بوضعية فئة شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يوجدون خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين وسوق الشغل.
وحسب المندوبية السامية للتخطيط برسم سنة 2022، فإنه يوجد واحد من بين كل أربعة شباب تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، في وضعية «بدون شغل ولا تعليم» أي ما يعادل 1.5 مليون فرد.
وحسب دراسة المجلس، فإن حجم هذه الظاهرة يكشف محدودية السياسات العمومية الرامية لتحقيق الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب عموما، وهشاشة مجموعة من العوامل المتداخلة التي قد تطرأ خلال مختلف مراحل حياة الشباب، ما يزيد من حدة وتعقيد الظاهرة.

ومن الأسباب الرئيسية للظاهرة هناك الهدر المدرسي خلال مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي، إذ تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 331 ألف تلميذ يغادرون المدرسة سنويا، وذلك لأسباب متعددة، من أهمها الرسوب المدرسي والصعوبات المرتبطة بالوصول إلى المؤسسات التعليمية، سيما في الوسط القروي، فضلا عن نقص في عروض التكوين المهني.

وهناك سبب آخر يتعلق بالانتقال من الحياة الدراسية إلى سوق الشغل، حيث يصطدم الباحثون عن أول فرصة شغل أي 6 من أصل 10 شباب عاطلين بالعديد من الاكراهات قد تصل حد الإحباط. وقد يُعزى هذا الوضع إلى عدم ملاءمة التكوين لمتطلبات سوق الشغل بالإضافة إلى الفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في مجال التشغيل. وتتأثر النساء بشكل خاص بعوامل أخرى، مثل التمييز بين الجنسين.

في السياق ذاته، كشفت معطيات جديدة عن ارتفاع مهم في معدل البطالة، إذ انتقل من 12,9 إلى 13,7 في المائة خلال الفصل الأول من السنة الجارية، بزيادة 0,8 نقطة، بعدما قفز هذا المعدل من 17,1 إلى 17,6 في المائة بالوسط الحضري، ومن 5,7 إلى 6,8 في المائة بالوسط القروي. فيما تركزت الظاهرة لدى الشباب المتراوحة أعمارهم بين 15 و24 سنة، بنسبة تجاوزت الثلث، أي 35,9 في المائة، وفي صفوف حاملي الشهادات بنسبة 20,3 في المائة ووسط النساء بنسبة 20,1 في المائة.

وجاءت هذه المعطيات، الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط ضمن مذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل، متسقة مع تصريحات يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في مجلس النواب، حيث برر ارتفاع معدل البطالة بتداعيات الجفاف، مبرزا تركز الأرقام الخاصة بفقدان مناصب الشغل في العالم القروي.

وشددت مندوبية التخطيط، في مذكرتها، على معاناة سوق الشغل من آثار الجفاف؛ فقد سجلت بين الفصل الأول من السنة الماضية والفترة ذاتها من السنة الجارية فقدان 159 ألف منصب شغل بالوسط القروي، معظمها غير مؤدى عنه، وإحداث 78 ألف منصب بالوسط الحضري، ليتراجع الحجم الاجمالي للشغل بـ80 ألف منصب.

1,5 مليون شاب ما بين 15 و24 سنة لا يدرسون ولا يشتغلون

 

أثار الرأي الصادر عن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول وضعية الشباب، انتقادات من طرف الحكومة، حيث عبر رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، عن استغرابه لصدور هذا التقرير تزامنا مع مناقشة حصيلة حكومته أمام مجلسي البرلمان، ووجه انتقادات لتقرير المجلس، وقال إنه يتضمن أرقاما قديمة وحلولا غير مقنعة لا يمكن تطبيقها من طرف الحكومة، كما تزامن التقرير مع إصدار المندوبية السامية للتخطيط لمذكرة إخبارية حول وضعية سوق الشغل، أفادت بأن معدل البطالة ارتفع إلى 13,7 في المائة خلال الفصل الأول من سنة 2024، وأكدت أن الحجم الاجمالي للشغل تراجع بـ 80.000 منصب بين الفصل الأول من سنة 2023 ونفس الفصل من سنة 2024، لكن رئيس الحكومة أرجع ارتفاع نسبة البطالة إلى توالي ثلاث سنوات من الجفاف، وقدم وعودا باسترجاع مناصب الشغل المفقودة.

وأصدر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في إطار إحالة ذاتية، تحت عنوان «شباب لا يشتغلون، ليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين «NEET»: أي آفاق للإدماج الاقتصادي والاجتماعي؟»، ويرصد التقرير وضعية فئة شباب، تتراوح أعمارهم بين 15 و24 سنة، يوجدون خارج نطاق منظومة التعليم والتكوين وسوق الشغل، وأوصى المجلس بعدد من مسالك العمل التي من شأنها الارتقاء بهذه الفئة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية، وأثار هذا التقرير جدلا بين المجلس والحكومة.

ودعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، إلى تبني مقاربة مندمجة من أجل تسريع الإدماج السوسيو-اقتصادي للشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين، وقال رئيس المجلس، أحمد رضا الشامي، إن إشكاليات الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب تحظى باهتمام متزايد على مستوى التوجهات الكبرى للسياسة العامة للدولة، مسجلا أنه تم التأكيد على ضرورة معالجتها في عدد من الخطب الملكية، وضمن التوجهات الاستراتيجية للنموذج التنموي الجديد، كما تم التشديد عليها كهدف عرضاني في جملة من التدابير الواردة في البرنامج الحكومي (2026-2021).

وأوضح الشامي أن هذا الرأي يأتي في إطار مواصلة اشتغال المجلس على قضايا الشباب، من خلال تسليط الضوء بشكل خاص على فئة الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين، باعتبارها فئة تتسم بالهشاشة وتواجه أشكالا متعددة من الإقصاء ببقائها خارج منظومة الشغل والتعليم والتكوين المهني.

وأشار إلى أن الأمر يتعلق بحوالي 1.5 مليون من الشباب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، لا ينتمون إلى فئة التلاميذ أو الطلبة أو المتدربين في التكوين المهني، ويوجدون في وضعية بطالة أو خارج الساكنة النشيطة، وأبرز أن هذه الفئة معرضة في حياتها لثلاثة انقطاعات حاسمة، ويتعلق الانقطاع الأول بالهدر المدرسي ما بين مرحلة التعليم الثانوي الإعدادي والتعليم الثانوي التأهيلي (أزيد من 331 ألف تلميذ وتلميذة كمعدل سنوي) لأسباب تتعلق أساسا بالرسوب المدرسي والصعوبات المرتبطة بالوصول إلى المؤسسات التعليمية، لاسيما في الوسط القروي، بالإضافة إلى العجز الهام المسجل على مستوى العرض المتعلق بالتكوين المهني، والتي تنضاف إليها حواجز أخرى سوسيو-اقتصادية تزيد من حدة الوضع (إكراهات اجتماعية، ثقافية وعائلية، الزواج المبكر للفتيات، تشغيل الأطفال، وضعية الإعاقة، وغيرها).

وأوضح الشامي أن الانقطاع الثاني يتعلق بالانتقال من الحياة المدرسية إلى سوق الشغل، حيث يصطدم الباحثون عن أول فرصة شغل (6 من كل 10 شباب عاطلين) بالعديد من الإكراهات، وفي مقدمتها عدم ملائمة التكوين مع متطلبات سوق الشغل، والفعالية المحدودة لخدمات الوساطة في مجال التشغيل، وأضاف أنه بالنسبة للعنصر النسوي الذي يشكل حوالي 73 في المائة من شباب هذه الفئة، فتبرز عوامل أخرى مثل التمييز بين الجنسين في بعض الأحيان، وضغط الأعباء المنزلية.

وتابع أن الانقطاع الثالث في مسار الشباب يتعلق بالفترة التي يتطلبها الانتقال من وظيفة إلى أخرى، حيث يكون هذا الانقطاع إما نتيجة لفقدان الشغل بسبب تقلبات الظرفية وهشاشة النسيج المقاولاتي، أو نتيجة التخلي الاختياري لعدم احترام شروط الشغل اللائق أو تدني مستويات الأجور بالمقارنة مع الدبلومات والكفاءات.

وانطلاقا من هذا التشخيص، قال الشامي إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوصي بتبني مقاربة دامجة ترتكز على خمسة محاور أساسية يهم أولها تعزيز قدرات هذه الفئة من خلال إنشاء نظام معلوماتي وطني له امتداد جهوي لرصد وتتبع مساراتها، ويضم هذا النظام معطيات متقاطعة من مصادر متعددة (السجل الاجتماعي الموحد، إحصائيات مستمدة من القطاعات المعنية، وغيرها).

وأبرز أن المحور الثاني يتجلى في إرساء منظومة موسعة لاستقبال وتوجيه شباب هذه الفئة إلى حلول ملائمة لوضعياتهم المختلفة، وذلك من خلال تطوير شبكة مكثفة من بنيات الاستقبال والاستماع والتوجيه في مختلف الجماعات الترابية، وتخضع لميثاق موحد يحدد أدوار وأنشطة ومسؤوليات مختلف الفاعلين المعنيين.

أما المحور الثالث، فيتمثل في تحسين خدمات وبرامج الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب من هذه الفئة من حيث الجودة والفعالية، وذلك من خلال إعادة إدماجهم في منظومة التعليم أو التكوين، والرفع من قدراتهم المهنيةوقابليتهم للتشغيل، ومساعدتهم على إيجاد فرص الشغل مع إرساء إطار تعاقدي يتلاءم مع القطاع الخاص أو القطاع الثالث، فضلا عن توفير المواكبة القبلية والبعدية لإنشاء المقاولات.

كما يوصي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بوضع تدابير وقائية تفاديا لوقوع فئات جديدة من الشباب في وضعية الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين، وذلك من خلال ضمان فعلية إلزامية التعليم حتى سن السادسة عشرة، وتوفير خدمات الدعم المدرسي، و مدارس وأقسام الفرصة الثانية الضرورية للتأهيل وإعادة الإدماج، مع دعم الأسر المعوزة، وتعميم التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة، وتعزيز أدوار الفاعلين العموميين والمجتمع المدني المعني على المستوى المحلي.

وتهم هذه التدابير أيضا تعميم المدارس الجماعاتية في العالم القروي لمحاربة الهدر المدرسي، مع تحسين مستوى تجهيزها بالمرافق الضرورية، وتوسيع نطاق خدمة الإطعام والنقل المدرسي، وتعزيز العرض العمومي في التكوين المهني بالمناطق القروية، مع ملائمة التخصصات مع الاحتياجات الخاصة بكل جهة وبكل مجال ترابي.

ويتعلق المحور الخامس والأخير بوضع إطار للحكامة يرتكز على تقوية التقائية وتكامل البرامج القطاعية الموجهة إلى هذه الفئة من الشباب، فضلا عن التنسيق المستمر بين مختلف الفاعلين المعنيين.

من جانب آخر، لفت الشامي إلى أن إعداد هذا الرأي تم باستثمار مخرجات الاستشارة المواطنة التي أطلقها المجلس عبر منصته الرقمية «أشارك» «ouchariko.ma» التي بلغ عدد التفاعلات معها 35.396 منها 1266 إجابة على الاستمارة على صفحات المجلس على شبكات التواصل الاجتماعي.

وأوضح من خلال تقاسم أهم الخلاصات المستمدة من هذه الاستشارة، أن 83 في المائة من المشاركات والمشاركين صرحوا أنهم يعرفون عددا من الشباب المنتمين إلى هذه الفئة في محيطهم الاجتماعي، وأن 61 في المائة اعتبروا أن وضعية الشباب الذين لا يشتغلون، وليسوا بالمدرسة، ولا يتابعون أي تكوين تمس بالأساس شباب الوسط الحضري، مضيفا أن 60 في المائة من الإجابات اعتبرت أنها تهم الشباب الذين لم يحصلوا على شهادات دراسية، فيما أرجع 75 في المائة منهم أسباب هذه الظاهرة إلى صعوبات الإدماج المهني وغياب فرص الشغل، كما أن 60 في المائة منهم يرون أن الهدر المدرسي يؤدي إلى هذه الوضعية. وأشار حوالي واحد من كل خمسة مشاركين إلى أن الزواج المبكر للفتيات يشكل أحد أسباب هذه الظاهرة، بينما لا يعلم 78 في المائة منهم بوجود برامج عمومية أو مبادرات من المجتمع المدني موجهة إلى دعم هذه الفئة من الشباب.

وفي ما يتعلق بالتدابير المقترحة لتسهيل عملية الإدماج الإجتماعي والمهني لهذه الفئة، اقترح 67 في المائة من المشاركات والمشاركين إعطاء الألولوية لوضع سياسة عمومية مندمجة تستهدف هذه الفئة، في حين اقترح 64 في المائة منهم دعم المقاولة والتشغيل الذاتي، بينما يرى حوالي 35 في المائة أنه من الأنسب تشجيع الإدماج من خلال مجالات الفنون والرياضة.

 

المجلس الاستشاري للشباب.. الولادة العسيرة

 

تعود الإرهاصات الأولى لظهور المجالس الاستشارية في المغرب إلى ظهير 2 غشت سنة 1957، والمرسوم الذي صدر في اليوم الموالي له، إذ يعد المجلس الذي أحدث في أول تجربة آنئذ هيئة استشارية في قضايا الشباب يتألف من رئيس الحكومة ومن ممثلي القطاعات الحكومية، في حين يعد المجلس الوطني للشباب والرياضة الذي أحدث سنة 1971 وفق ظهير 10 يونيو التجربة الثانية في هذا المجال، والذي ضم 13 عضوا من السلطة التنفيذية والمدير العام للأمن الوطني والفاعلين في المجال الرياضي بجميع أشكالهم. بينما تتفرد التجربة الثالثة مع المجلس الوطني للشباب والمستقبل سنة 1990، برئاسة الملك، حيث ألحق به جميع أعضاء الحكومة ورؤساء لجان مجلس النواب ورؤساء العمالات والأقاليم إضافة إلى ممثلي الهيئات النقابية وممثلي المجتمع المدني بجميع أطيافه ومؤسسات التأهيل وممثلي تلاميذ وطلبة المؤسسات التأهيلية . أما المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي المحدث في إطار دستور 2011، فإنه يتألف علاوة على رئيسه الذي يعين بظهير إلى جانب الأمين العام من 30 عضوا: 10 أعضاء يعينهم الملك، 10 أعضاء رئيس الحكومة، 10 رؤساء غرف البرلمان، وتعد هذه التجربة الأخيرة في سلسلة من تجارب أتت في سياقات مختلفة، لكن تشترك في منطق اللافاعلية وانعدام تحقيق الإنجازات.

استفسر عبد الواحد الشافقي، عضو فريق التجمع الوطني للأحرار بمجلس النواب، الحكومة حول أسباب عدم تفعيل المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي. واستغرب في سؤال كتابي وجهه إلى وزير الشباب، من عدم خروج هذه المؤسسة إلى الوجود إلى حدود اللحظة لأزيد من 12 سنة على دسترتها بموجب المراجعة الدستورية لسنة 2011، وإحداثها بموجب قانون رقم 89.15. وأوضح بأن هذا التأخر “طرح مجموعة من التساؤلات حول أسباب تأخر تفعيل هذه المؤسسة الدستورية، المرتبطة بالرؤية الملكية المتبصرة حول دور الشباب في المجتمع”.

وسبق للملك محمد السادس أن حث على التعجيل بإخراج المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، في خطاب الدورة الخريفية بالبرلمان، سنة 2017، قائلا إن الشباب المغربي من أكثر الفئات التي يشملها التقدم الذي يعرفه المغرب، علما أن الشباب يمثلون ثلث ساكنة المغرب، فيما يؤكد عدد من الفاعلين أن الحاجة إلى إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي تبرز بشكل قوي في سياق تتسع فيه الفوارق الاجتماعية والمجالية وتزداد البطالة في صفوف الشباب، وغيرها من المعيقات التي تحول دون تمكين هذه الشريحة من المجتمع في مختلف المجالات، معتبرين أن تأخر إحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي “يطرح تساؤلات عديدة، بعد أن أصبح من الواضح أن إشكالية النص والتطبيق ما زالت عالقة”، كما أن الوثيقة الدستورية فتحت المجال لجعل الشباب العمودَ الفقري للتنمية؛ في حين أن واقع الحال لا يستجيب لهذا الطموح الدستوري.

وحدد دستور المملكة أهداف احداث هذا المجلس في توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للبلاد، ومساعدتهم على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية ومساعدة الذين تعترضهم صعوبة في التكيف المدرسي أو الاجتماعي أو المهني.
بالإضافة إلى الحرص على تيسير ولوج الشباب إلى الثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة والأنشطة الترفيهية، مع توفير الظروف المواتية لتتفتق طاقاتهم الخلاقة والإبداعية في هذه المجالات.

وكان وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد، قد أوضح أن عدم تفعيل دور المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي يرجع بالأساس لمسطرة التعيين، وأكد الوزير في معرض رده على أسئلة النواب البرلمانيين، خلال جلسة للأسئلة الشفوية، أن القانون رقم 89.15 المتعلق بالمجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي منح للمجلس شخصية اعتبارية والاستقلال المالي لتمكينه من القيام بصلاحياته المحددة في المادة الثانية من القانون المذكور، مشيرا إلى أن المبادرات الذاتية المتعلقة بالمجلس تتمثل في القيام بالدراسات والأبحاث التي تهم الشباب وكذا تقييم وضعية العمل الجمعوي، وفي نفس السياق، أفاد الوزير أن هذه المبادرات ترتبط بالصلاحيات المنوطة به المتعلقة بالشباب والعمل الجمعوي وتقديم الإقتراحات للقطاعات الحكومية المعنية بقضايا الشباب.

عتيق السعيد *أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش- محلل سياسي

 

عتيق السعيد*:

 

«التعجيل بإحداث المجلس الاستشاري للشباب بات ضرورة»

 

ما تقييمك للأوراش الوطنية الخاصة بالشباب؟

حظيت إشكالية تمكين الشباب في المجال السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي باهتمام كبير في التوجهات الكبرى للدولة، بحيث شكلت الأولوية ضمن توصيات الخطب والرسائل الملكية السامية، الداعية إلى ضرورة الانعكاف على إيجاد حلول جادة تتسم بالفعالية والاستدامة بغية إعطاء فرص أكبر وتسهيل إشراك فئة الشباب باعتبارها المدخل الأساس والمحوري للارتقاء بالمسار التنموي وتحقيق الرخاء بالبلاد.

إن فئة الشباب تحتل، بكل تأكيد، مكانة بارزة في المجتمعات بشكل عام والمغرب بشكل خاص، وبذلك تعد القاعدة الأساسية في النسـيج الديمغرافي للساكنة باعتبارها ثروة حقيقية لرفع تحديات استكمال بناء المغرب الحديث، وبالتالي من الضروري استغلال هاته الطاقات البشرية بهدف تطوير سياسات تهم حاضر ومستقبل الشباب من خلال وضع استراتيجية مندمجة والتفكير في أنجع السبل للنهوض بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، وبالتالي الدفع قدما لإتاحة آفاق واعدة للتنمية البشرية ما يستدعي العمل على المزيد من الحلول الفعالة مبنية على سياسة القرب حتى يتم تحقيق تغييرات آنية ذات تأثير مباشر، هذا التوجه هو ما سيعزز ميدانيا كل مبادئ العدالة الاجتماعية والمجالية التي ما فتئ يؤكد عليها جلالة الملك، حيث نستحضر الخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى الخامسة والستين لثورة الملك والشعب، والذي أكد فيه جلالته على أن تمكين الشباب من الانخراط في الحياة الاجتماعية والمهنية ليس امتيازا لأنه من حق أي مواطن، كيفما كان الوسط الذي ينتمي إليه، أن يحظى بنفس الفرص والحظوظ من تعليم جيد وشغل كريم.

لقد عمل جلالة الملك على تطوير ورش تأهيل عرض التكوين المهني وتنويع وتثمين المهن وتحديث المناهج البيداغوجية، بالإضافة إلى تطوير برامجه العملية والتقنية بما يساير دينامية التنمية المستدامة التي أملتها التحولات الاقتصادية والطلب المتزايد على كفاءات شابة تلبي حاجيات المهنيين المحليين والوطنيين في جميع القطاعات، يعكس العناية الملكية السامية الثابتة بقطاع التكوين المهني بوصفه رافعة استراتيجية ومسارا واعدا لتهيئ الشباب لولوج الشغل والاندماج المهني، باعتباره لبنة أساسية في البناء التنموي الاقتصادي بالدولة، وأهم الركائز المحورية والآليات الفعالة التي تساهم في بروز جيل جديد من الكفاءات الوطنية والإفريقية، قادرة على الانخراط النوعي والمباشر في سوق الشغل بما يحقق الرخاء الاقتصادي بالمجتمع ككل.

 

ما موقع الشباب في برامج الإدماج الاقتصادي؟

يعد الإدماج الاقتصادي لفئة الشباب أولوية كبرى في فكر الدولة، بغية توفير كل سبل التمكين التنموي لهذه الفئة التي تشكل قرابة ثلث الساكنة، اعتبارا لموقعها الهام في قلب عملية التنمية المستدامة التي تنهجها المملكة تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك والتي تجسد المقاربة الملكية وسياسة القرب بغية تحقيق تنمية بشرية شاملة ومستدامة.

لقد أكد جلالة الملك، في خطاب افتتاح البرلمان، على ضرورة وضع قضايا الشباب في صلب النموذج التنموي الجديد، ودعا جلالته إلى إعداد استراتيجية مندمجة للشباب والتفكير في أنجع السبل للنهوض بأحواله. وبالرجوع إلى النموذج التنموي الجديد، نجد أنه قدم رؤية واقعية تعكس نهج مرجعية جديدة للتنمية بالمغرب، كما يفضي إلى إحداث توجه تنظيمي يكرس التفاعل والتكامل في الوقت ذاته بين دولة مؤسساتية مستثمرة ومجتمع حيوي متماسك، وبالتالي فتصورات النموذج التنموي تحفز على إطلاق دينامية جديدة للشباب وخلق الثروة، ما يمكن من إدماج هاته الفئة في جميع المجالات التي تستلزم تعبئة إمكانات الدولة وتغتنم كافة الفرص المتاحة، باعتبارها دعامة لمغرب مزدهر قائم على رؤية اجتماعية شاملة بأبعاد متعددة ترتكز في المقام الأول على تنمية العنصر البشري وتحقيق الازدهار المجتمعي.

إن تصورات النموذج التنموي تؤكد على أن المستوى الديمغرافي يتوقع أن يصاحبه تزايد مضطرد لعدد الشباب الباحثين عن العمل، ما يولد ضغوطا إضافية على سوق الشغل، وبالتالي العمل على خلق تحول اقتصادي حاضن لنمو أكبر وقادر على خلق مناصب متعددة في سوق الشغل ذات جودة، وذلك بغية تنويع مصادر خلق القيمة المضافة وضمان إدماج الساكنة النشيطة، وفي مقدمتها الشباب. وعليه كانت تصورات النموذج التنموي صريحة وواضحة، داعية إلى اندماج فعلي للشباب وتنمية قدراتهم وإمكاناتهم من خلال مضاعفة فرص وقنوات المشاركة في كل ما من شأنه تسهيل آفاق اندماجهم في سوق الشغل، بالإضافة إلى خلق آليات تشجيع إدماج الشباب وتنمية شخصيتهم عبر الرفع من فرص وسبل المشاركة المتاحة لهم، كلها ستساهم في التنمية التي محورها الأساس شباب مبدع ومبتكر ومزدهر يتحلى بروح المواطنة والمبادرة، وينمي ذاته ويحقق طاقاته ويساهم في تنمية مجتمعه ككل.

لقد حرص جلالة الملك، بعناية مولوية، على إحداث ورش مدن المهن والكفاءات بفكر ابتكاري وضع المغرب في طريق التحديث المؤسساتي المتواصل، يترجم اليوم في تطوير عرض التكوين المهني بشكل أكبر، من خلال تبني معايير جديدة للجودة تحفز وتواكب الإقلاع الضروري لهذا القطاع الاستراتيجي. وأعطى جلالة الملك، أيضا، توجيهاته السامية قصد بلورة تكوينات مؤهلة قصيرة، تناهز مدتها أربعة أشهر، تشمل وحدات لغوية وتقنية مخصصة للأشخاص الذين يتوفرون على تجربة في القطاع غير المهيكل، وذلك كله من أجل منحهم فرصة ناجعة تيسر لهم الاندماج الفعلي في القطاع المهيكل ومن ثم تثمين خبراتهم وملكاتهم في مختلف المجالات حتى يتم تمكينهم من تكوين يفتح آفاق الاندماج المهني، ويوفر دخلا وعيشا كريما يحقق الاستقرار الاجتماعي.

 

ما التحديات التي تواجه الحكومة في التعاطي مع إشكالات الشباب؟

هناك إشكالات كثيرة تحول دون تمكين فعال للشباب، لكن، في المقابل، لابد من الإشارة إلى أن دسترة المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي تعد قيمة مضافة كبيرة مؤسساتيا ولكل مكونات المجتمع بشكل عام وللشباب بشكل خاص، بالإضافة إلى أهمية السياق الوطني والإقليمي الذي جاء فيه تقديم مؤسسة دستورية تعنى بالشباب، وهو ما تحقق حيث تم إقرار مؤسسة دستورية تعنى بفئة الشباب والعمل الجمعوي تفعيلا للديمقراطية التشاركية.

لكن، في المقابل، يبقى السؤال الذي لازال يطرح نفسه ألم يئن الأوان لخروج هذا المجلس الدستوري إلى أرض الواقع والانتقال به من النص إلى التطبيق على غرار مؤسسات دستورية قدمت له بشكل مشهود الشيء الكثير تجويدا لأداء الحكومات والمؤسسات والقطاعات الحيوية بالدولة، زيادة على ان العمل بالمجلس الاستشاري، سيما في هذا السياق السياسي والاجتماعي، سيكون له دور هام مبدئيا في الرفع من طموحها الدستوري من جهة، ومن جهة ثانية في الدفع القوي بها في مختلف المجالات، بما يوازي حضورها وحركيتها وكفاءتها العلمية والعملية، ولجعلها في صُلب اهتمام التدبير السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي.

في السياق والوضع الحالي بات من الضروري التعجيل بإحداث المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي، هاته الحاجة تتسع فجوتها وتبرز بشكل قوي في سياق تتسع كذلك الفوارق الاجتماعية والمجالية عند عدد من الشباب وتزداد البطالة في صفوف الشباب، وغيرها من المعيقات التي تحول دون التمكين الفعلي لهذه الشريحة المحورية من المجتمع، فضلا عن أن الوثيقة الدستورية تسير نحو تجاوز عشريتها الأولى، والتي فتحت دستوريا المجال للشباب باعتباره العمودَ الفقري للتنمية ودونه لن تستقيم رغم مستوى النمو الاقتصادي الذي يحققه المغرب على العموم، وعليه لابد من إثارة الانتباه، وبكل استعجال مجددا، إلى أهمية المجلس الدستوري والتأثير الإيجابي الذي سيحققه في مجاله.

*أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بمراكش

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى