محمد اليوبي
رغم صدور ترسانة قانونية تنظم امتلاك واستغلال الأراضي السلالية، كشف تقرير صادر عن وزارة الداخلية، استمرار عمليات النهب والسطو على هذه الأراضي من طرف أشخاص نافذين، بينهم برلمانيون وسياسيون، حيث بلغت مساحة الأراضي التي تم الترامي عليها من طرف الأغيار ما يناهز 133 ألف هكتار، ووجهت وزارة الداخلية إنذارات إلى ناهبي هذه الأراضي، من أجل إفراغها.
وأوضح التقرير أن مديرية الشؤون القروية، بوزارة الداخلية، قامت بإحصاء وضبط العقارات المستغلة بدون سند قانوني، سواء من طرف الجهات الإدارية أو من طرف الأشخاص المستغلين من غير ذوي الحقوق، والتي تمت بتنسيق مع نواب الجماعات السلالية والسلطات المحلية والإقليمية، في أفق تسوية وضعيتها القانونية والمالية، حيث تم تحديد مساحة 133 ألف هكتار من الأراضي الجماعية المستغلة بدون سند، موزعة على 57 ألف استغلالية وقطعة، وتم إبرام 709 عقود كراء على مساحة 2752 هكتارا في إطار تسوية وضعية هذه الاستغلاليات، كما قامت مصالح وزارة الداخلية بتفعيل المسطرة القضائية ضد المستغلين الذين لم يتجاوبوا مع دعوات التسوية، وعددهم 3 آلاف، تهم ملفاتهم مساحة تبلغ 8 آلاف هكتار من أراضي الجماعات السلالية.
وأكد التقرير أن التصفية القانونية للعقارات المملوكة للجماعات السلالية تكتسي أهمية قصوى بالنسبة إلى وزارة الداخلية، وذلك بهدف حمايتها من التملك غير المشروع من طرف الأغيار، وجعلها تساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها بلادنا. وأبرز التقرير أن المجهودات المبذولة منذ سنة 2015 من طرف مصالح الوصاية بوزارة الداخلية مركزيا ومحليا، من أجل التعرف على العقارات التي يفترض أنها مملوكة للجماعات السلالية، مكنت من التعرف على مساحات هامة تقدر بأكثر من 6 ملايين و882 ألف هكتار على امتداد هذه السنوات، منها 382 ألف هكتار خلال الأشهر التسعة من السنة الحالية، واتخذت في شأنها كافة التدابير لحمايتها وتحصين وضعيتها القانونية.
وتعمل مديرية الشؤون القروية على ضبط المعطيات المرتبطة بالجماعات السلالية وأملاكها وهيآتها النيابية وأعضائها. ويعتبر كناش محتويات أملاك الجماعات السلالية إحدى الآليات الرئيسية لضبط المعلومات المرتبطة بالأرصدة العقارية، حسب طبيعتها، ووضعيتها القانونية، وموقعها ومحتوياتها، وأوجه استغلالها، في ارتباط عضوي بالجماعة المالكة ومختلف المساطر المنصبة على هذه العقارات.
وسبق لعبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، أن وجه دورية إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، يمنع بموجبها تصحيح الإمضاءات الخاصة بالعقود المبرمة بين المتعاقدين، والتي يكون موضوعها تفويت أو بيع أملاك الجماعات السلالية. وتأتي هذه الدورية، بعد تصاعد حدة السطو على الأراضي السلالية، باستعمال عقود ووثائق مزورة.
وأوضحت الدورية أن القانون سن حماية خاصة للأراضي المملوكة للجماعات السلالية، وأنزلها منزلة الأموال والأملاك التي لا تقبل التفويت، إلا في الحالات التي ينص عليها القانون، مما يستدعي من السلطات الإدارية المكلفة بتدبير هذه الأراضي، التدخل المستمر لاتخاذ الإجراءات الضرورية لتعزيز هذه الحماية والمحافظة على هذه الأملاك.
وأضافت الدورية أنه أمام تزايد عدد العقود التي يتم إبرامها بين الخواص بشأن الأراضي المملوكة للجماعات السلالية من طرف مجموعة من المحامين، أو من طرف كتاب عموميين، والتي تتم ضدا على المقتضيات القانونية الجاري بها العمل، ويتم تصحيح إمضاء هذه العقود من طرف مصالح بعض الجماعات الترابية، بدون التأكد من أصل الملك وطبيعة العقد ودون احترام الاختصاص، حيث إن تصحيح إمضاء المحامين، بدلا من أن يكون أمام رئاسة كتابة الضبط التابعة للمحكمة الابتدائية التي يمارسون بها، يتم تصحيحه أمام مصالح الجماعات الترابية، في خرق سافر للمادة 04 من مدونة الحقوق العينية.
وأكدت الدورية أن العقود المبرمة بين الخواص والتي تهم نقل الملكية تعتبر باطلة ومخالفة للمادة 04 من مدونة الحقوق العينية، على اعتبار أن هذا الصنف من العقود يدخل في دائرة اختصاص الموثقين والعدول والمحامين، مما يعني أن العقود التي يتم تصحيح إمضاءاتها من طرف المجالس الترابية لا أساس لها من الصحة، وتسائل القائمين على تصحيح الإمضاء.
ومن أجل وضع حد لهذه التصرفات غير القانونية وحماية للأراضي المملوكة للجماعات السلالية، والحيلولة دون التصرف فيها بموجب عقود غير قانونية، طلب وزير الداخلية من الولاة والعمال إثارة انتباه رؤساء الجماعات الترابية إلى عدم قانونية تصحيح إمضاء هذه العقود، مشيرا إلى أن مثل هذه الممارسات تعرض الموظفين المشرفين عليها للمساءلة القانونية، تنفيذا لمقتضيات المادة 36 من القانون رقم 62.17، بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها.
وتنص هذه المادة على أنه يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات، وغرامة من 10 آلاف درهم إلى 100 ألف درهم، كل من قام أو شارك بأية صفة في إعداد وثائق تتعلق بالتفويت أو بالتنازل عن عقار أو بالانتفاع بعقار مملوك لجماعة سلالية، خلافا للمقتضيات القانونية الجاري بها العمل، وكذلك كل من قام أو شارك في إعداد وثائق تنفي الصبغة الجماعية عن عقار تابع لجماعة سلالية، خرقا للنصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.
وقامت مديرية الشؤون القروية بدراسة ومعالجة جميع الشكايات الواردة، بخصوص الترامي والاعتداء على العقارات الجماعية، كما تكلفت بإمداد المحامين المتعاقدين معها بجميع الاجتهادات القضائية الصادرة لفائدة الجماعات السلالية، لتوحيد العمل القضائي في مادة الأراضي الجماعية، وكذلك التمثيل الفعلي لمصالح الوصاية عبر الحضور في جلسات البحث التي تقررها المحاكم في مختلف الملفات، كما وضعت المديرية برنامجا معلوماتيا لتدبير الأراضي السلالية، وذلك لمواجهة أي محاولة للسطو أو الترامي على هذه الأراضي.
وأوضحت المصادر أن مصالح وزارة الداخلية تعمل على ضبط كل المعطيات المرتبطة بالجماعات السلالية، وأملاكها، وهيأتها النيابية وأعضائها. ويعتبر كناش محتويات أملاك الجماعات السلالية إحدى الآليات الرئيسية لضبط المعلومات المرتبطة بالأرصدة العقارية الجماعية، حسب طبيعتها ووضعيتها القانونية وموقعها ومحتوياتها، وأوجه استغلالها، وذلك في ارتباط عضوي بالجماعة المالكة ومختلف المساطر المنصبة على هذا العقار.
وذكرت المصادر أنه تم توطين النظام المعلوماتي لكناش المحتويات، حيث باشرت أقسام الشؤون القروية بمختلف عمالات وأقاليم المملكة بداية استغلاله وتحيين قاعدته المعلوماتية، الشيء الذي مكن من إحراز تطور نوعي في ضبط المعلومة الخاصة بالأرصدة العقارية الجماعية، وتدبير أنجع، وتوفيرها بشكل آني لكافة المستعملين، كما تم توطين الشق الخاص بمرجع الأثمان بوصلة كناش المحتويات.