شوف تشوف

الافتتاحية

السحر وقد انقلب على الساحر

تقدّم الجزائر الكثير من الدلائل التي تبرهن على صدقية المثل العتيق حول انقلاب السحر على الساحر، فحكام الجارة الشرقية يعيشون منذ مدة ارتداد السياسات والدسائس والمكائد التي لجؤوا إليها ضد بلدنا طيلة أربعة عقود، إلى نقائض للأهداف التي استُحدثت من أجلها. فقد حاول حكام الجزائر بالمال الرهيب والجهد الديبلوماسي الكثيف والدعاية الإعلامية المؤدى عنها، إغراق المغرب في مستنقع الانفصال الوهمي لخدمة أجندتهم التوسعية، واليوم تواجه الجارة الشرقية مطالب جزء من الشعب يريد تحقيق دولته المستقلة وتقرير مصيره بنفسه.
وهكذا انقلب السحر على الساحر، فالجزائر التي كانت تبحث بجشع عن تقسيم المغرب وبتر صحرائه وخلق دويلة وهمية تحت يافطة تقرير المصير، حيث كانت تظن أنها ستكون المستفيدة الأولى من ضرب وحدتنا الترابية، لإيجاد منفذ إلى المحيط الأطلسي لكفيلها الروسي، أصبحت اليوم ضحية ألاعيبها، بل أصاب قادتها الجنون والسعار، بمجرد أن المندوب المغربي في الأمم المتحدة عاد في إطار حق الرد في ندوة لجنة الـ 24 حول منطقة الكاريبي بالدومينيكان، إلى تذكير المنتظم الدولي بأن الحق في تقرير المصير مبدأ عالمي ومبدأ أممي، ويجب أن يتم توظيفه دون انتقائية ويجب أن يستفيد منه جميع السكان، خاصة أولئك الذين كانوا تحت احتلال منذ عقود.

مقالات ذات صلة

ورغم أن الجزائر ظلت لعقود تغرد كثيرا خارج سرب الأخوة وحسن الجوار، وتطعن جارها في وحدته الترابية بتحركات ديبلوماسية وإمدادات مالية وعسكرية، لكنها لم تتحمل بضع كلمات لمسؤول ديبلوماسي مغربي. لقد حاول بلدنا الالتزام بالحكمة العالية والصبر الشديد والتعقل في المواقف، وذلك ليس جبنا أو قلة حيلة، بل أملا في أن تصوب الجزائر بوصلتها المنحرفة وتعود إلى رشدها، لكن قد فاض الكيل ولم يبقَ في قوس الصبر منزع كما يقال، لذلك فقد أصبح من الواجب على ديبلوماسية بلدنا الرد بما يليق على التصريحات الخرقاء التي لا محل لها من الإعراب السياسي أو الدبلوماسي، في سياق احترام السيادة الوطنية والدفاع عن الوحدة الترابية.
لقد انتظرنا عقودا نعول على أن تدرك القيادة الجزائرية خطأ سلوكاتها المعادية للمملكة، لكن ما زالت سادرة في غي مواقفها، وما خفي من أفعالها أخطر وأبشع، ربما يتكشف مع قادم الأيام، إذا ما استمر الشطط الجزائري وسياسة الهروب إلى الأمام. لكننا لن نستمر على هذا الحال إلى ما لا نهاية، فخزانات الصبر الإضافية فرغت تماما، وحان الأوان لإخراج الديبلوماسية المغربية من جيبها بعض الإنذارات، لوقف اللعب الخشن في وجه حكام الجزائر، الذين يتجاوزون كل القواعد الديبلوماسية المسموح بها. وكما يقول إخواننا المصريون تعوَّذ بالله من جار السُّوء، فإذا لم يكف التعوُّذ، فأظهر له «العين الحمراء».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى