الرجال قوامون على النساء
مريم كرودي
لا شك أن الثقافة الذكورية لا تزال سائدة في المغرب، ولا شك أيضا أن الأجيال لا تتوقف عن توارثها. فعن طريق إرساء دعائمها في البيت، الشارع والمدرسة، تظل راسخة من جيل إلى آخر ملتصقة بمجتمعنا وتأبى الاندثار.
«الرجال قوامون على النساء» شعار كل من قرر الإساءة للجنس الناعم وكأنه جواز يخول للرجل العبور إلى الضفة الأخرى، معتديا على حقوقها، طاعنا في إنسانيتها، ظالما، معنفا ومستفزا لها.
بعيدا عن الإنسانية، كنت أتمنى أن يكون جواز العبور هذا صالحا حتى لا تعتبر أفعاله هذه مخلة بالضوابط الدينية والمجتمعية.. لكن، لحسن الحظ، لم تنزل الآية الكريمة لتهين المرأة ولا لتمنح للرجل الحق في الاعتداء عليها.. يقول الله عز وجل: «الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم». بعد بحث وتفسير لهذه الآية، يتضح أن الشق الثاني جاء ليفسر الشق الأول منها، فالرجال قوامون على النساء فقط بما فضلوا عنهن أي ببنيتهم الجسدية وحلمهم وتمكينهم من الحكم والنبوءة وإيصال الرسالات السماوية.. وغيرها من المميزات التي تميز الرجل بها عن المرأة والتي تضع العصمة في يده، ثم يأتي الشق الثالث ليفسر أكثر وليسطر بالأحمر العريض تحت الجانب المادي، في قوله: «وبما أنفقوا من أموالهم»، وهذا يبرز أن الرجل يصير قائما ببيته متى أنفق وصرف من ماله الخاص… شأنه شأن الحقوق المالية التي كلف بإعطائها لطليقته أو للمرأة التي انتهت علاقته بها… الشيء الذي لا يفرض عليها بتاتا.
التفسير الخاطئ للآية يجعل بعض الرجال يعيثون في الأرض فسادا، ظنا منهم أن الرجولة قوة وسلاح يستطيعون استغلاله متى شاؤوا وعلى مرأى من الجميع.
خطؤنا الفادح كمجتمع هو أننا نقوم بتكريس الثقافة الذكورية في نفوس الأبناء منذ الصغر، فيفرض على الفتاة القيام بالأشغال المنزلية في حضرة أخيها الذي يلهو رفقة أقرانه.. ثم تتوجب عليها طاعته وتنفيذ أوامره حتى ولو كان يصغرها سنا.. ويتضخم الأمر إلى أن تصير المسكينة، وهي تطلب الموافقة من أمها للظهور خارجا، توجهها إلى أخيها مدعية أنها لن تقوى على اتخاذ قرار في حقها وهو موجود «كرجل»… ثم يخرجان معا إلى الشارع ويتوجهان معا إلى مقاعد الدرس لتستمر الثقافة في التضخم وهما يتلقيان دروسا مجتمعية… وهما يسمعان قصص البقية… وهما يطبقان دون أدنى وعي بخطورة المسألة… إلى أن يتما تعليمهما.
فإذا هي تزوجت أصبحت مستهلكة سهلة للعنف الزوجي، وإذا لم تفعل ظلت مناعتها قوية لاستقبال ومواجهة شتى ألوان التحرش التي لطخت لوحات المجتمع.
هذا لا يقتصر عليها فقط، فالرجل بدوره يطبق الدروس بحذافيرها.. يحق له التعنيف والتحرش لأنه رجل ولأن الرجال قوامون على النساء.
أحيانا تكون المرأة ضحية نظيرتها من بني النواعم في تعرضها لفعل مشين من طرف الرجل، وذلك لأنها المربية الفاشلة والملقنة السيئة التي أهدت المجتمع رجلا سطحيا، جاهلا بما له وما عليه…
ولهذا، فإن أعظم عمل إنساني واجتماعي تستطيع المرأة خاصة والأسرة عامة تقديمه لنا، هو تربية أبنائهم تربية صالحة أساسها مساواة الجنسين وقاعدتها أن التفضيل يتحقق بدرجة التحصيل العلمي والمعرفي، والنجاحات التي يحققانها على مختلف المستويات لا غير.