شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

الدق والسكات

حسن البصري:

أخرج المدرب المغربي شعب الأردن إلى الشوارع للاحتفال بمنتخب «النشامى»، وهو يحقق إنجازا تاريخيا بوصوله إلى نهائي كأس أمم آسيا لكرة القدم.

مع كل انتصار يضرب العَمَّانِيٌونَ موعدا مع الأفراح، وفي عز البرد يلفون أجسادهم في علم الأردن، ويهتفون باسم منتخب بلدهم وطاقمه التقني المكون من كوماندو يرأسه الحسين عموتة، بمساعدة هشام الإدريسي ومصطفى الخلفي، ثم حسن لوداري.

قبل أن يرحل عموتة إلى قطر للمشاركة في كأس أمم آسيا، هاجمته بعض الأقلام الأردنية، وطالبت برأسه، قبل أن يخوض المعركة الآسيوية.

قال عموتة لمنتقديه: «أفضل أن أنهزم في كل المباريات الإعدادية الودية، وأفوز في المواجهات الرسمية»، فلم يصدقوه. وقبل أن يغادر منصة المؤتمر الصحفي، ردد في قرارة نفسه القول المأثور: «عند الامتحان يعز المرء أو يهان».

انتقل اللوم والعتاب من عموتة ليمتد إلى الأمينة العامة لاتحاد الكرة الأردني سمر نصار، فتعرضت لغارة إعلامية بسبب دعمها للتجربة المغربية، ومرافعاتها التي دافعت فيها عن عموتة ومن معه بجرأة نادرة.

قال أعداء النجاح إن نصار مجرد سباحة غرقت في بحر الكرة، فردت عليهم بالقول إن المغاربة أهل كرة بالوراثة، فسكتوا عن مجاراة سيدة حاصلة على بكالوريوس في علم الوراثة.

وسط غيمة القلق سافر منتخب الأردن إلى قطر، وفي رصيده تعبئة ضعيفة من ثقة بعض الزملاء، الذين ركبوا صهوة المستحيل، وصدقوا تصنيفات الكرة التي صادرت أحلام منتخب يحتل الرتبة السابعة والثمانين في الترتيب العالمي، وآمنوا بتوقعات سماسرة بأقنعة محللين.

ولأن الأمينة العامة لاتحاد كرة القدم الأردني سباحة عالمية، فإنها آمنت بأن «المية تكذب الغطاس»، ومع كل انتصار يعيد عموتة ترتيب التوقعات في رؤوس المشككين، ويؤكد بأن العمل بالأفعال لا بالأقوال، وفي كل مباراة يحطم «النشامى» الأمثال الصامدة وكأنهم يحطمون الأوثان، فيلغي عموتة العمل بلازمة «للصبر حدود»، ويعطي درسا لمن طالب بإقالته، قبل أن يضع بهاراته في «طاجين» المنتخب.

علمنا عموتة أن الهزائم في الوديات تصنع الانتصارات في الرسميات، وعلمنا أن الخلاف في الرأي يفسد للود قضية، فتفوق على العديد من «موسطاشات» التحليل، دون أن تنفرج أسارير وجهه.

حين نعود إلى التاريخ لننهل منه، سنكتشف أن الملك الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، كان عاشقا متيما بالكرة المغربية، ففي سنة 1960 وفي أول زيارة له إلى المغرب، أصر على حضور نهائي كأس العرش في كرة القدم بين المولودية الوجدية والفتح الرياضي، على أرضية الملعب الشرفي بالدار البيضاء.

جلس الملك الحسين جنبا إلى جنب الملك محمد الخامس، واستمتع الملكان بطبق كروي جميل لقي استحسان الضيف، الذي وجه بدوره إلى محمد الخامس دعوة لحضور نهائي الكأس في الأردن، إلا أن الموت لم يمهل عاهل المغرب الذي كانت تلك المباراة آخر لقاء يحضره في ملعب للكرة.

لا ننس أن الأردنيين ساندوا المغرب في قضيته الوطنية، حين سجلت المملكة الأردنية الهاشمية حضورها في المسيرة الخضراء بوفد رفيع المستوى، قبل أن تتعزز هذه المساندة بافتتاح قنصلية في الصحراء المغربية.

لا بد من استحضار البعد التاريخي في علاقة المغرب بالأردن، واعتبار عموتة سفيرا في بلد النشامى، وباقي مساعديه قناصلة يمارسون دبلوماسية الكرة.

قال أحد الفلكيين إن عموتة ينتمي إلى برج العقرب، ونبه خصومه من لسعاته، لكن المنجمين لا يعلمون أن الحسين الذي قهر الآسيويين، هو سليل منطقة زمور التي أنجبت رجالا ونساء صنعوا مجد الرياضة المغربية.

صحيح أن الكرة المغربية تعيش حالة قلق، بسبب خروج المنتخب من «الكان»، لكنها صنعت أفراح شعبين، حين أخرجت منتخب كوت ديفوار من غرفة العناية المركزة، وحولته إلى بطل، وعندما حول طاقم تدريب مغربي منتخب الأردن إلى فريق كامل الأوصاف.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى