شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةتقاريرسياسية

الدرس القطري

شدت دولة قطر الملايير من البشرية لمتابعة أول كأس عالم لكرة القدم تجري في دولة عربية إسلامية، صحيح أن قطر دولة صغيرة وحديثة العهد، لكنها نجحت في ترويج وتسويق كل القرون من التاريخ العربي والإسلامي، فهي صنعت لنفسها تاريخا يتجاوز تاريخ بعض الدول، وسجلت الدولة صغيرة الحجم، ومحدودة السكان نجاحا باهرا حتى الآن في تنظيم وإدارة أكبر تظاهرة رياضية على المستوى العالمي، تتسابق البلدان المتقدمة في الحصول على شرف تنظيمها، وتتبارز في تسجيل النجاحات في إدارتها.

ورغم كل الحملات السياسية والحقوقية والإعلامية الرهيبة، التي شككت في قدرة هذا البلد على استضافة بطولة عالمية من حجم كأس العالم، وما واجهه افتراء من انتقادات واسعة بشأن سجله في مجال حقوق المرأة وجماعات مجتمع الميم والعمالة المهاجرة، بل وتم الترويج لحملة تشكيك حول حضور المسؤولين والفرق وحتى الجماهير في كأس العالم 2022، إلا أن ما قدمته قطر في هذا المونديال كان خارقا للعادة، بل فرضت على «المونديالات» القادمة، وخصوصا المونديال المقبل المنظم بين كندا وأمريكا والمكسيك، سقفا عاليا، فإما أن يكون على الأقل في مستواه، وهذا أمر بعيد المنال، أو أن يكون أفضل منه، وهذا شبه مستحيل. 

لقد سعت قطر عبر بوابة كأس العالم لكرة القدم إلى ولوج الكونية من بابها الواسع، والتأكيد على مدى التقدم الذي حققته هذه الدولة الصغيرة على أصعدة عدة. ولم تكتف الدوحة بتسويق بلدها عالميا على أفضل وجه، بل  تجاوزت ذلك إلى الدفاع عن الحدود الضرورية من الهوية العربية والإسلامية، وتوظيف الحدث ثقافيا قدر الإمكان لإظهار الهوية الحضارية العربية بكل جوانبها، حيث وقف العالم على حقيقة أن دولة خليجية عربية مسلمة يمكنها أن تنظم أفضل نسخة للمونديال، ضاربة عرض الحائط كل التمثلات الجاهزة لدى الغرب، بكون العرب ولدوا ليستهلكوا الأحداث لا ليصنعوها. 

إن الدرس القطري ليس مهما فقط للغرب وعجرفته، بل موجه أيضا إلى الدول العربية، خصوصا تلك التي تتوفر على ثروات طبيعية تبذرها فقط على شراء الأسلحة وخلق الفتن وتمويل الدسائس، ويكفي أن ننظر إلى من حشرنا الله معهم في الجوار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى