الدرجة الصفر في المسؤولية
المسؤولون المنتخبون ليسوا مسؤولين، وللأسف فالمسؤول عما يجري بجماعاتنا الترابية من مهازل وفساد ودسائس وابتزاز وتلاعب بالصفقات ومختلف أشكال الريع وتضارب المصالح هو نحن الناخبين، الذين انتخبوا مجالس جماعية تعيش في واد ومصالح القرب التي يحتاجها المواطن في واد آخر.
لا شك في أنها معادلة غير منطقية، لكن هذا هو الواقع المرير الذي نعيشه أمام دورات مجالس الجماعات الترابية التي تتحول كل مرة إلى حلبات للملاكمة وتبادل السب والقذف حتى أصبح الأمر بمثابة نشاط روتيني ممل لا تكتمل الدورة إلا بممارسته. والغريب في الأمر أنه بعد كل هذه المشاهد المقرفة لا تطول العقوبات الإدارية والجنائية أي مستشار جماعي تثبت الوقائع مسؤوليته عن تعطيل الدورات والإخلال بها والتسبب في عدم اتخاذ القرارات التي تهم مصالح المواطن.
وعلى سلطات المراقبة والقضاء، سيما الإداري منه، أن يدركوا أنه طفح كيل المواطن من التصرفات الصبيانية لأعضاء المجالس الذين يتلذذون في كل مناسبة بتعطيل شؤون المغاربة وتأخير معاملاتهم وحقوقهم أو يستغلون مسرحية الفوضى للدفع نحو سرية الجلسات لتمرير ما يحلو لهم من قرارات مشينة تخدم مصالحهم. لذلك نتمنى أن نسمع عن قرارات صارمة تجاه كل مستشار أو رئيس جماعة يتسبب في حرمان الناس من حقوقهم من خلال المماطلة في عدم إنهاء إجراءات معاملاتهم.
والواقع الذي لا ينكره أحد هو أن أطنان الاتهامات بالفساد العلني بين أعضاء المجالس والحجم الخطير لجنح السب والقذف وتبادل الضرب تعني شيئا واحدا هو أن المنظومة القانونية والمؤسساتية الجماعاتية للمجالس، جماعات وعمالات وأقاليم، والجهات مخربة ومعطلة ولا تشتغل بالصورة التي تؤمن موارد ومطالب المغاربة بالشكل الكافي. وبلا شك، فهي محصلة طبيعية لعدد من المسارات، خصوصا المنظومة الحزبية بصفة عامة التي فرطت في الحرص على انتقاء ممثليها بعدما تحكم فيها هاجس الفوز بالانتخابات بأي ثمن كان.
إن استمرار هذه المشاهد البلطجية في تدبير جماعاتنا في سياق اجتماعي صعب للغاية ومليء بالمخاطر دون تدخل من السلطات المعنية تجاه مسؤولين لا يشعرون بالمسئولية تجاه هذا الوطن، يعني مباركة ما يجري وهذا الأمر لن يدفع كلفته المواطن لوحده بل سنؤدي جميعا ضريبته في التنمية والبنية التحتية والاستثمار والتعليم والصحة الآن وخلال العقود القادمة.