أوصى قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة بنجاعة الأداء وتسريع البت في قضايا المعتقلين
محمد وائل حربول
قال الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، رئيس النيابة العامة، أول أمس الاثنين، من مدينة مراكش، خلال افتتاحه للدورة التكوينية الجهوية الثانية حول «ترشيد الاعتقال الاحتياطي»، إن هذا الموضوع يعتبر من أولويات تنفيذ السياسة الجنائية التي تشرف عليها رئاسة النيابة العامة، مؤكدا على أنه من المواضيع الحاضرة في الاجتماعات واللقاءات التي تعنى بالعدالة الجنائية، سواء التي تعقد مع المسؤولين القضائيين أو باقي الفاعلين في حق العدالة.
وأرجع الداكي اعتبار ترشيد الاعتقال الاحتياطي إحدى الأولويات، بسبب أنه يمس الفرد في أحد حقوقه الأساسية التي كرستها المواثيق الدولية والكتب السماوية، والمتمثل في «الحق في الحرية» من جهة، وبسبب أنه يشكل مرآة حقيقية لمدى احترام قواعد وشروط المحاكمة العادلة، وتفعيل قرينة البراءة التي تعتبر حجر الزاوية في الأنظمة القضائية الحديثة من جهة أخرى. معتبرا أن أي إفراط أو سوء تقدير في إعمال سلطة الاعتقال، معناه انتهاك لحرية الإنسان وهدم لقرينة البراءة.
وشدد رئيس النيابة العامة، خلال كلمته أمام عدد من المسؤولين القضائيين، على أن تحريك الدعوى العمومية في حالة اعتقال يجب أن يتم في الحالات الاستثنائية، التي يقع فيها مساس بمصالح أخرى بشكل صارخ من طرف المشتبه فيه، موضحا أنه لابد من توفر المبررات القانونية المحددة في المواد 47 و73 و74 من قانون المسطرة الجنائية، والتي تتمثل في حالة التلبس، وخطورة الفعل الجُرْمِي، وانعدام ضمانات الحضور، وتوفر دلائل قوية على ارتكاب المشتبه فيه للجريمة.
وأشار المسؤول القضائي ذاته إلى أنه وبالرغم من المكانة التي حظي بها موضوع الاعتقال الاحتياطي ضمن أولويات السياسة الجنائية، والجهود المبذولة في هذا الإطار، ما زالت نسبه يطبعها الارتفاع، حيث أكد في هذا الصدد أن معدل الاعتقال الاحتياطي بلغ نسبة 44,56 في المائة نهاية شهر أكتوبر 2021، علما أن هذه النسبة بلغت في نهاية شهر شتنبر المنصرم 45,25 في المائة.
وأكد المصدر نفسه، أمام الوكلاء العامين للملك ووكلاء الملك ورؤساء الغرف الجنائية والجنحية وقضاة التحقيق، العاملين بالدوائر القضائية بكل من (مراكش، سطات، آسفي وورزازات)، على أن جهود رئاسة النيابة العامة في البداية «أسفرت عن نتائج طيبة، عكستها الأرقام المسجلة في معدلات الاعتقال الاحتياطي، حيث انخفضت إلى 36,31 في المائة متم شهر مارس من سنة 2019، إلا أن الآثار السلبية التي أفرزها انتشار وباء «كوفيد- 19» على سير العدالة عموما، وعلى وتيرة البت في قضايا المعتقلين الاحتياطيين على وجه الخصوص، انعكست بشكل ملحوظ على نتائج سنتي 2020 و2021».
وبعد سرد هذه الأرقام، أوصى رئيس النيابة العامة قضاة الحكم والتحقيق والنيابة العامة، بمضاعفة الجهود، سواء عبر ترشيد اللجوء إلى الاعتقال عند تحريك المتابعات، أو من خلال الرفع من نجاعة الأداء عند البت في قضايا المعتقلين وإصدار الأحكام، والتسريع بإحالة ملفات المعتقلين الاحتياطيين المطعون فيها على المحكمة الأعلى درجة.
وإضافة إلى هذا، قام الحسن الداكي بالدعوة إلى استغلال مثل هذه اللقاءات الهامة من أجل «مناقشة هادئة وعميقة لجميع الإشكاليات، التي يطرحها موضوع الاعتقال الاحتياطي، والتمحيص في الشروط الأساسية والمعايير الواجب احترامها، قبل اتخاذ قرار الإيداع في السجن، خاصة في الجنح الضبطية، وفتح حوار جاد وبناء حول المحددات المتصلة بتدبير الاعتقال الاحتياطي».