شوف تشوف

الرأي

الحوار الثقافي وأثره على التماسك الاجتماعي 3.2

خالد الشرقاوي السموني
إن التنوع الثقافي يعزز القيم الإنسانية المشتركة المستمدة من الديانات السماوية والحضارات المتعاقبة، والقوانين الدولية، من ميثاق الأمم المتحدة، إلى الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، ومن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة في شأن الحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات، إلى الإعلانات الصادرة عن المنظمات الدولية والإقليمية. فهو تراث مشترك للبشرية، يتيح للمرء أن ينفتح على الآخرين وأن يبتكر أفكارا جديدة، ويتيح فرصة ثمينة لتحقيق السلام واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ المستدامة.
وهذا راجع بالأساس إلى الدور الذي يمكن أن تؤديه الثقافة في تشجيع الحوار بين مختلف الأديان، والتقاليد الروحية والإنسانية في عالم يتزايد فيه ربط الصراعات بالانتماء الديني، حيث تنطوي الثقافة على منافع هامة من حيث تحقيق التماسك الاجتماعي.
كما أن العقد العالمي للتنمية الثقافية (1988-1998)، يتضمن عدة أهداف كدمج مبادئ التنوع الثقافي وقيم التعددية الثقافية في مجمل السياسات والآليات والممارسات العامة، ودمج الثقافة في مجمل سياسات التنمية، سواء ارتبطت بالتعليم أو العلم أو الاتصالات أو الصحة أو البيئة أو السياحة.
وكما قالت إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكوUNESCO سابقا، بمناسبة اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية يوم 21 ماي من العام 2014: «يجب علينا إدراج هذا التنوع في صميم الاستراتيجيات العالمية للتنمية المستدامة بوصفه موردا ثمينا من شأنه أن يحقق الأهداف المندرجة في نطاق التنمية، ومنها الحد من الفقر وتعزيز المساواة بين الجنسين ودعم التعليم الجيد وحقوق الإنسان».
كما أضافت: «ويحفز تنوعنا الثقافي قدرتنا على الإبداع، ولذا فإن الاستثمار في هذا الإبداع من شأنه أن يحدث تحولا في المجتمعات. وعلينا أن نطور لدى الشباب، من خلال التعليم، كفاءات التفاعل بين الثقافات لإحياء تنوع عالمنا ولتعلم العمل معا، في بيئة يسودها تنوع لغاتنا وثقافاتنا وأدياننا، من أجل إحداث التغيير».
ونشير في هذا الخصوص، إلى أن منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، اليونسكو، أصدرت الإعلان العالمي للتنوع الثقافي في عام 2001 لتعزيز التنوع الثقافي بين الشعوب وتعزيز دوره التنموي وإيجاد حوار بين الثقافات المختلفة. كما اعتمد المؤتمر العام لهذه المنظمة في أكتوبر عام 2005 «اتفاقية حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي».
وأكدت هذه المنظمة أهمية التنوع الثقافي بوصفه تراثا مشتركا للإنسانية، حيث تتخذ الثقافة أشكالا متنوعة عبر المكان والزمان، ويتجلى ذلك التنوع في أصالة الهويات المميزة للمجموعات والمجتمعات التي تتألف منها الإنسانية وتعددها، كما يعتبر مصدرا للتبادل والتجديد والإبداع.
واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 ماي في عام 2002، اليوم العالمي للتنوع الثقافي لتحقيق الحوار والتنمية بين الثقافات المختلفة.
وكانت الإيسيسكو، حرصا منها على الوفاء بالرسالة الحضارية الإنسانية التي تنهض بها، وانطلاقا من ميثاقها، قد وضعت وثيقة مهمة تحمل عنوان «الإعلان الإسلامي حول التنوع الثقافي». وقد اعتمد المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء الثقافة الذي عقد في الجزائر عام 2004، هذه الوثيقة قبل اعتماد اليونسكو لاتفاقيتها.
ونشير أيضا إلى أن ميثاق الإيسيسكو يجعل من الاعتراف بالاختلاف والإقرار بالتنوع الثقافي، أساسا لهدف رئيس من أهداف المنظمة، إذ ينص على «تدعيم التفاهم بين الشعوب في الدول الأعضاء وخارجها، والمساهمة في إقرار السلم والأمن في العالم بشتى الوسائل، سيما من طريق التربية والعلوم والثقافة والاتصال». ولأن التفاهم يأتي من الحوار، فإن ميثاق الإيسيسكو ينص أيضا على: «التعريف بالصورة الصحيحة للإسلام والثقافة الإسلامية، وتشجيع الحوار بين الحضارات والثقافات والأديان، والعمل على نشر قيم ثقافة العدل والسلام ومبادئ الحرية وحقوق الإنسان، وفقا للمنظور الحضاري الإسلامي».

ثانيا: دور الحوار الثقافي تعزيز التماسك الاجتماعي
يمثل الحوار الثقافي شرطا أساسيا لتحقيق التماسك الاجتماعي والمصالحة بين الشعوب والسلام بين الأمم وتعزيز التفاهم بينها، من أجل تحدي الجهل والانغلاق وتعزيز الاحترام المتبادل. ويشمل أيضا الحوار بين الأديان كعنصر أساسي للحوار بين الثقافات، بغية تشجيع التعددية الثقافية وإحباط أشكال التطرف والتعصب.
والحوار الثقافي وسيلة للتفاهم، وعبارة عن مطلب إنساني وأسلوب حضاري يصل الإنسان من خلاله إلى النضج الفكري، وقبول التنوع الذي يؤدي إلى الابتعاد عن الجمود، وفتح قنوات التواصل بين أفراد المجتمع وبين الشعوب. وله أثر في تنمية قدرة الأفراد على التفكير المشترك والتحليل والاستدلال، بغية إنهاء خلافاتهم مع الآخرين بروح التسامح والصفاء، بعيدا عن العنف والإقصاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى