شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

الحسن الثاني وكأس أمم إفريقيا

أرسل طبيب القصر مع المنتخب وعين مدربيه وحل جامعات

كان الملك الحسن الثاني عاشقا للوداد البيضاوي، حين كان وليا للعهد، ومباشرة بعد حصول المغرب على الاستقلال قرر تأسيس نادي الجيش الملكي لكرة القدم، بعد أن فاتح والده الملك محمد الخامس في الموضوع، مباشرة بعد تأسيس القوات المسلحة الملكية المغربية سنة 1956. هذا الأخير طالب ابنه بجلب لاعبين موهوبين أو سبق لهم ممارسة كرة القدم في أحد الأندية من المنتسبين للجيش حتى يكون اسما على مسمى، بل إن الملك أصدر الظهير الملكي المؤسس لفريق الجيش الملكي والحامل لتوقيع ولي العهد آنذاك بتاريخ فاتح شتنبر 1958.

سيشرف ولي العهد مولاي الحسن على قطاع الرياضة، حين عين على رأس اللجنة الأولمبية الوطنية المغربية، منذ سنة 1959 إلى أن أصبح ملكا للبلاد، ولم ينسحب من المنصب إلا سنة 1965.

بهذه الصفة، سيلقي الحسن الثاني كلمة عميقة الدلالات في اليوم الافتتاحي للمناظرة الوطنية حول إصلاح الرياضة سنة 1965، بقصر البلدية بمراكش بحضور عدد من الوزراء ورئيس مجلس النواب، وسيرسم خارطة الطريق، حيث طالب بتركيز الجهود على الرياضات التي تحملنا إلى منصات التتويج.

كان وزير الرياضة حين ذاك هو عبد الرحمان الخطيب، رئيس الوداد البيضاوي، كما أن خليفة الملك في رئاسة «لكنوم» ليس سوى مؤسس الوداد محمد بن جلون.

لم يكن الحسن الثاني مجرد مشجع وداعم للمنتخب المغربي، بل كان يقرر في مصير الفريق الوطني، وهو من قرر انسحابه من المشاركة في دورتي كأس إفريقيا سنتي 1962 في إثيوبيا وسنة 1965 في تونس، لاعتبارات جيوسياسية، بل إن تعيين مدربي المنتخبات الوطنية تحول إلى اختصاص ملكي، بل أحيانا كان يقدم للمدربين التشكيلة التي يجب الاعتماد عليها في المباريات الحاسمة.

في الملف الأسبوعي لـ «الأخبار»، وقفة في محطات «الكان» ودور الملك في المشاركة المغربية فيها.

 

بلقزيز: الحسن الثاني يفضل كأس العالم على كأس إفريقيا

بعدما توالت النكسات على الكرة المغربية، وعجز الفريق الوطني عن التأهل لكأس العالم في إيطاليا، وخرج من «كان» 1988 بالمغرب وعجز عن التأهل لـ «كان» 1990 بالجزائر، سيعين الملك الحسن الثاني مدربا مغربيا على رأس المنتخب الوطني، ويتعلق الأمر بعبد الخالق اللوزاني، وطالبه بإعداد منتخب بجيل جديد ينسي المغاربة جيل 1986. برمج اللوزاني حصصا تدريبية مكثفة بمعدل أسبوعين في كل شهر، وتمكن من تكوين فريق بحلة جديدة، وكانت البداية باللاعبين المحترفين في بلجيكا كما أضاف مجموعة من اللاعبين الشباب، من بينهم آنذاك نكروز وشيبو وغيرهما. كان المنتخب الوطني ينافس في واجهتين من أجل التأهل إلى كأسي أمم إفريقيا 1994 وكأس العالم لنفس السنة.

يقول اللوزاني في حوار سابق مع «الأخبار»: «سألت يوما وزير الرياضة عبد الواحد بلقزيز: ماذا تريدون من المنتخب؟ هل تفضلون التأهل للكان أو المونديال؟ فرد علي بأن الملك الحسن الثاني يريد أن نتأهل إلى المونديال، وعقب انهزام منتخبنا أمام منتخب مالاوي في ملعبنا بهدف، ضغطت الصحافة رغم المستوى الجيد للاعبينا، وفي اليوم الموالي تلقيت اتصالا من الوزير يقترح علي لاعبين لأضمهم إلى الفريق».

في معسكر بفرنسا خرق بعض اللاعبين ضوابط المعسكر، إذ إن حارسين ومدافعين لم يحضروا للفندق أثناء تناول وجبة الغداء ولم يحضروا أيضا للاجتماع الذي أشعرتهم به. عاقبتهم وحين علم الوزير بالأمر طلب مني أن أعيدهم إلى المعسكر بقرار من الحسن الثاني، على حد قوله.

وحين قرر اللوزاني معاقبة بعض اللاعبين الدوليين بسبب إخلالهم بالقانون الداخلي للفريق الوطني، رفضت الجامعة بدعوى الحاجة إليهم في الاستحقاقات المقبلة.

«في عهدنا كانت الوزارة تحكم سيطرتها على المنتخب الوطني، وحين يتكلم معك الوزير فهو ينقل لك ضمنيا تعليمات الملك».

في سنة 1993، ومباشرة بعد الانتصار على السينغال في دكار، اتصل وزير الرياضة السينغالي بمدرب المنتخب للاطمئنان على البعثة الرياضية المغربية، ولم يتصل وزير الرياضة المغربي. لكن الحسن الثاني سيستفسر وزير الرياضة عما إذا كان قد اطمأن على الفريق الوطني إثر الشغب الذي أعقب مباراة دكار، فبادر بلقزيز بالاتصال فورا.

«بعد انتهاء المباراة اتصل بنا في الفندق وهنأنا على الفوز، لكني شعرت من نبرات صوته بأنها تفتقد للحرارة، خاصة وأن الفوز على قوة كروية مثل السينغال ليس بالأمر الهين. لم أهتم بالأمر كثيرا لكني علمت أن رئيس الجامعة الزموري سيلتقي بالملك الحسن الثاني لغرض له علاقة بالجانب العسكري، وسيسأله الملك عن أحوال المنتخب بعد الفوز على السينغال، فطمأنه الرئيس لكنه أضاف قائلا: «كلشي مزيان غير عبد الخالق راسو قاسح».

 

الملك يستعين بصديقه فونتين لمرافقة المنتخب إلى نيجيريا

كان جيست فونتين صديق الحسن الثاني وكان شديد الارتباط بالمغرب، فقد عاش فيه خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمملكة، كما أن بداياته الكروية كانت من مسقط رأسه بمراكش، قبل أن ينتقل لاحقا إلى الدار البيضاء، ثم إلى فرنسا، كما درب «أسود الأطلس» بين عامي 1979 و1981، وظل يتردد بعد اعتزاله على مراكش بين الفينة والأخرى.

ولد فونتين بمراكش في غشت من سنة 1933، وترعرع في حي «كيليز»، واستهل مشواره الكروي من نادي الجمعية الرياضية المراكشية، الذي تأسس في 1920 وتم حله سنة 1958، بعيد استقلال المغرب، غير أن انطلاقته الكروية الحقيقية كانت من «سطاد فيليب»، ملعب العربي بن مبارك حاليا، عندما ارتدى قميص نادي الاتحاد الرياضي المغربي، المعروف اختصارا بـ «الياسام»، إذ لعب له بين 1950 و1953، وكان في موسمه الأول يوفق بين الكرة والدراسة، إذ كان يتابع تعليمه بثانوية «ليوطي» التي حصل منها على شهادة الباكالوريا، وفي نفس الوقت توج هدافا للدوري موسم 1950-1951 بـ 23 هدفا.

لاحقا، تألق فونتين رفقة فريق نيس، الذي فاز برفقته بلقب الدوري الفرنسي عام 1956، وقبل ذلك فاز معه بكأس فرنسا، ثم عاش أزهى فتراته مع نادي ستاد ريمس.

بعد الاعتزال الاضطراري، الذي فرضته عليه الإصابات المتكررة، تحول فونيتن إلى مدرب، وأشرف على تدريب فرق فرنسية عديدة، أبرزهما باريس سان جيرمان وتولوز، وفي أواخر 1979 تلقى دعوة من الملك الراحل الحسن الثاني للمجيء إلى المغرب، حيث اقترح عليه تدريب المنتخب الوطني المغربي، وهو ما قبله بدون تردد.

بعد الخسارة المذلة للمنتخب الوطني المغربي، أمام نظيره الجزائري بخمسة أهداف لواحد، بمركب محمد الخامس بالدار البيضاء، في تصفيات الألعاب الأولمبية، في دجنبر من سنة 1979، لم يستسغ الملك الراحل الحسن الثاني هذه النتيجة، التي جاءت في سياق سياسي واقتصادي متشنج، وفي عز الأزمة الدبلوماسية بين البلدين، ليقرر تعيين فونتين ناخبا وطنيا جديدا، بعد أيام معدودة من إعلان وزير الشبيبة والرياضة السابق، عبد الحفيظ القادري، على تعيين المدربين حمادي حميدوش ومحمد جبران، على رأس المنتخب.

قام فونتين بسن سياسة «التشبيب» التي جاءت بنتائج طيبة لاحقا، انطلاقا من كأس أمم إفريقيا 1980 بنيجيريا، التي غاب عنها فونتين بسبب تعرضه لحادثة سير خطيرة بضواحي مكناس، ليعوضه المدربان حمادي حميدوش ومحمد جبران.

قال الحارس الدولي السابق عبد اللطيف لعلو: «في اجتماع مع الملك بمراكش، قبل السفر إلى كأس إفريقيا في نيجيريا سنة 1980، قال لنا بالحرف «أنا لا أطلب منكم الفوز بكأس إفريقيا بل أطلب منكم أن تجعلوا المغاربة ينسون خسارة مباراة الجزائر».

 

حين جمع الملك مدربا رومانيا وكومندارا في غرفة تقنية

كان المنتخب المغربي قد خرج للتو من التصفيات المؤهلة لكأس العالم على يد الزايير، في مباراة دار لغط كبير حولها، وفضلت الجامعة عدم خوض مباراة الإياب احتجاجا على تحكيم غاني ظالم.

وافق الملك الحسن الثاني على التعاقد مع مدرب روماني، كان لاعبا في منتخب بلاده قبل أن يصبح لاجئا سياسيا في واشنطن. في لقاء جمعه بالملك الراحل الحسن الثاني، تعرف على الخطوط العريضة لمخطط ملك أشبه بمشرف عام على المنتخب، قال له: «سأكون صريحا معك، كنا نود تحقيق تأهيل لمونديال ألمانيا لنمثل إفريقيا لكننا خرجنا على يد الزايير التي يدربها فيدينيك الذي سبق له أن درب منتخبنا في ميكسيكو، بصدق الكرة الشرقية تعجبني بجديتها وصرامتها، لقد جربنا عدة مدارس خاصة الفرنسية والإسبانية، معك سندخل في تجربة جديدة، ولأن الصرامة هي العنوان الأبرز، فقد قررنا أن نضع إلى جانبك رجلا صارما أيضا عيناه ناخبا وطنيا وهو الكومندار المهدي بلمجدوب العارف بكرة القدم المغربية، سيكون المهدي ناخبا وطنيا وأنت مدربا وطنيا».

خرج مارداريسكو وبلمجدوب من القصر دون أن يفهم أحد حدود اختصاصاته، لكن رئيس الجامعة الملكية المغربية حينها، عثمان السليماني، قدم توضيحات أكثر، حين كلف المدرب الروماني بتدريب اللاعبين ووضع خطط المباريات، فيما عهد لبلمجدوب بمهمة انتقاء اللاعبين واختيار عناصر الفريق الوطني من البطولة.

قبل لاعب النادي الجامعي لكرايوفا الروماني التعيين على مضض، واعتبر المغرب بلد لجوء، فأشرف على تدريب المنتخب المغربي لأربع سنوات. ورغم أن مدة الارتباط كانت قصيرة، إلا أن المدرب مارداريسكو ترك بصماته على المنتخب المغربي حين قاده إلى الظفر بالكأس الإفريقية الوحيدة التي في حوزة الكرة المغربية بإثيوبيا، لم يحظ بأي تكريم رغم أنه كان رجلا مسالما إلى حد السماح للرائد بلمجدوب باختيار التشكيلة والقيام بالتغييرات التي تفرضها كل مباراة، معتبرا هذا التدخل مقاربة تشاورية.

أقيل مارداريسكو من منصبه عقب خسارة المغرب وخروجه من الدور الأول لنهائيات كأس إفريقيا بغانا سنة 1978، في منتصف التسعينات. مات المدرب الروماني في الولايات المتحدة الأمريكية، ومات بلمجدوب، رفيق دربه، بسبب داء ضعف المناعة ضد التنكر والجحود.

 

مجلس وزاري استعدادا لكأس أمم إفريقيا 1980

في التاسع من شهر دجنبر سنة 1979، مني المنتخب المغربي لكرة القدم بهزيمة مستفزة أمام المنتخب الجزائري بخمسة أهداف مقابل هدف واحد، في عقر الدار بالملعب الشرفي بالدار البيضاء، وأمام أزيد من ستين ألف متفرج. كان يوما حزينا في تاريخ كرة القدم المغربية، سيما في ظل الوضعية السياسية التي عرفتها المنطقة والحرب الباردة بين المغرب والجزائر، المساندة للبوليساريو ضدا على المغرب في قضية الصحراء المغربية. كانت الحرب على أوجها في الصحراء بين فلول مدعمة من النظام الجزائري، والقوات المسلحة الملكية المغربية. وشهدت المباراة إطلاق أهازيج وطنية وترديد الجماهير لأغاني تؤكد عودة الصحراء إلى الوطن.

شكل الحسن الثاني خلية أزمة مكونة من مسؤولين سامين، وأمر بإنهاء العمل بالجامعة الملكية المغربية لكرة القدم وأصدر قرارا شفويا بحلها، وهي التي كان على رأسها الكولونيل المهدي بلمجدوب، وتعيين لجنة مؤقتة مهمتها الأولى إزالة الإحباط الذي جثم على الجماهير الرياضية وتدبير ما تبقى من مباريات المنتخب والدوري المحلي.

دعا الحسن الثاني أعضاء حكومته إلى مجلس وزاري يوم 7 يناير من سنة 1980 لدراسة مشكل كرة القدم بصفة خاصة ومشاكل الرياضة بصفة عامة.

وقال عبد العزيز المسيوي في مذكراته إنه من بين الاقتراحات التي رفعت للحسن الثاني، خلال تلك الجلسة، توقيف الممارسة لمدة سنة وإدماج الفرق في إطار تصفيات تفرز توزيعا جغرافيا جديدا، فكان الرفض القاطع لهذا المقترح من طرف الحسن الثاني، الذي اعتبر موسما أبيض أمرا مستحيلا، على اعتبار أن «كرة القدم هي خبز المغاربة في طبق الهموم اليومية».

في الاجتماع الحكومي حمل وزير الشبيبة والرياضة عبد الحفيظ القادري، مسؤولية الهزيمة للمدرب الفرنسي غي كليزو، المقرب من الحسن الثاني، ونشر بلاغا في جريدة حزبه «العلم» يشير فيه إلى تعيين المدرب المغربي محمد جبران للإشراف على المنتخب المغربي، في خطوة شكلت تحديا للحسن الثاني، الذي دعا الوزير للحضور على عجل إلى قصر مراكش، ليعاين المدرب الجديد للمنتخب المغربي، الفرنسي جيست فونتين. وكشف الملك عن مكونات اللجنة الوطنية التي نابت عن الجامعة وحدد مهمتها في دراسة المشاكل المتعلقة بكرة القدم وتهييء الفريق الوطني لخوض المباريات الدولية المقبلة.

لم يقل الملك الراحل الحسن الثاني وزيره في الشباب والرياضة عبد الحفيظ القادري، الذي اقترح على الملك توقيف البطولة الوطنية لمدة سنة، وإعلان سنة كروية بيضاء، تكون فرصة لإعادة بناء الوجود الكروي على أسس سليمة، لكن جواب الملك كان ساخرا وقاسيا في الوقت نفسه، حين رد على القادري بالقول: «إييه ونهار الأحد في العشية، لمن بغيتي الجمهور يقول آلاربيط آمسخوط الوالدين».

 

ملك السعودية يدعم رحلة المنتخب المغربي إلى «كان» إثيوبيا

ما إن جلس على عرش المملكة العربية السعودية، حتى بادر العاهل السعودي خالد بن عبد العزيز آل سعود إلى دعم الاتحاد المغربي لكرة القدم في رحلته إلى إثيوبيا.

كانت الكأس الإفريقية الوحيدة التي ظفر بها المنتخب المغربي لكرة القدم سنة 1976 وتحديدا في إثيوبيا، لكن اللقب كان من رحم المعاناة، فقد كانت الرحلة متعبة من الرباط إلى مصر ثم السعودية ومنها إلى إثيوبيا. بعد 40 ساعة من التحليق والتوقف في المطارات وصلت البعثة إلى مدينة ديرداوا التي تبعد عن العاصمة بـ700 كيلومتر، وكانت البلاد تعيش حالة طوارئ.

ولأن الرحلة مدعمة من السعودية، فقد خاض المنتخب الوطني مباراتين وديتين في الرياض، وقام اللاعبون بأداء العمرة، قبل الإقلاع صوب أديس أبابا التي كانت تعرف احتقانا سياسيا ضد إريتيريا.

أقيمت مباريات المرحلة الثانية في أديس أبابا وتحتم على بعثة المنتخب المغربي الطيران مجددا من مدينة ديرداوا إلى العاصمة، لكن الطائرة التي كانت تقل بعثة المنتخب إلى العاصمة تعرضت بعد إقلاعها لحادث اشتعال في أحد محركاتها وكادت أن تسقط أرضا لولا الألطاف الربانية.

تحولت الحادثة إلى حالة احتجاج كبيرة وعدم رضى من الجميع، بل والكل قرر مقاطعة المنافسات، بعد قضاء يوم في المطار، أمام هذا العارض استقبل السفير المغربي في إثيوبيا أعضاء البعثة ونقل لهم رسالة من الملك الحسن الثاني، قال فيها: «أنتم مثل الجنود وليس مجرد لاعبي كرة قدم. مهمتكم جعلت من هذه البطولة، ملحمة. ارفعوا راية الوطن». قررت البعثة السفر صباح اليوم الموالي إلى أديس أبابا لاستكمال المشوار، حيث حصل المنتخب على اللقب القاري الوحيد.

في سيرته «فقيه في عرين الأسود» للكاتب الصحفي محمد التويجر، يتحدث حارس المنتخب عن هذه الرحلة وتعليمات الملك: «طلب مني أن أكف عن مغادرة مرماي وتركها فارغة، بل ذهب به شرحه لنوازل حراسة المرمى إلى تعداد المخاطر، منبها إلى المخاطر التي يمكن أن تنجم عن هذا التهور. قد أضطر لربطك مع قائم المرمى، إذا بالغت في مغادرة عرينك».

 

السرايري.. طبيب الوزراء يلتحق بالمنتخب في إثيوبيا بقرار ملكي

نادرا ما يتردد اسم عبد السلام السرايري على شفاه المحللين حين ينبشون في ذاكرة كأس أمم إفريقيا، وغالبا ما يتم التركيز على اللاعبين والمدربين، والحال أن دورا خفيا لعبه البروفسور السرايري في رحلة البحث عن اللقب الوحيد الذي تزخر به خزانة الكرة المغربية.

بدأت القصة حين تأهل المنتخب المغربي لنهائيات كأس أمم إفريقيا في إثيوبيا، لم تكن الإمكانيات المالية تسمح بإجراء معسكرات خارجية، لكن المملكة العربية السعودية تحملت الجزء الأكبر من نفقات سفر البعثة المغربية مقابل خوض مباراتين وديتين بالرياض.

حين أقلعت البعثة إلى السعودية عبر مصر، دعا الحسن الثاني وزيره في الرياضة الدكتور الطاهري الجوطي لاجتماع طارئ وطلب منه إرسال طبيب مختص في القلب والشرايين للحاق ببعثة الفريق الوطني في السعودية ومنها إلى إثيوبيا، ووقع الاختيار على البروفسور السرايري الذي عرف حينها بطبيب الوزراء، حيث أشرف على علاج كل من علال الفاسي وامحمد بنهيمة وغيرهما من الشخصيات السياسية.

يقول البروفسور السرايري، في تصريح لـ «الأخبار»، مبررا اختياره لهذه المهمة: «كان على المنتخب المغربي أن يخوض مبارياته في الدور الأول في مدينة ديرداوا التي تعرف بارتفاعها عن سطح البحر، لذا تم اعتمادي طبيبا للمنتخب خوفا من مضاعفات في هذا الجانب، لكن الحمد لله المشاكل الصحية التي عشناها هناك لم تتجاوز حدود الإسهال».

ساهم السرايري في حصول المغرب على كأس أمم إفريقيا، بفضل مجهوده الطبي، إلا أن مهمته مع الفريق الوطني انتهت بعد العودة إلى المغرب، لكن التاريخ يحتفظ له بهذا العبور الناجح.

عمل الطبيب المتخصص في أمراض القلب، عبد السلام السرايري، لأكثر من أربعين سنة في إنقاذ الأرواح. وشكلت العناية بمرضى القلب رسالته وشغفه ومهنته، في مسار مهني طويل من العمل الميداني والبحث العملي والأكاديمي تولى خلاله مناصب قيادية، حيث عين عميدا لكلية الطب بالدار البيضاء، ورئيسا لمصلحة أمراض القلب والشرايين وأستاذا فخريا في أمراض القلب.

ازداد السرايري بمدينة الرباط سنة 1942، وتابع دراسته في مؤسسة محمد جسوس ثم التحق بثانوية غورو. لعب في صفوف المغرب الرباطي لكرة السلة، بل أصبح حكما لهذا النوع الرياضي، قبل أن يجد نفسه ضمن الطاقم المشرف على المنتخب المغربي في أزهى أيامه.

 

الحسن الثاني يكلف وزيرين ودبلوماسيا بالبحث عن مدرب برازيلي

بعدما تعذر على المدرب الفرنسي جيست فونتين الاستمرار كمدرب للمنتخب المغربي لكرة القدم، إثر حادثة سير نجا منها بأعجوبة، تقرر البحث عن مدرب بديل وأصر الملك الحسن الثاني على أن يكون برازيليا، فاتصل بوزير الشباب والرياضة آنذاك عبد اللطيف السملالي وكشف له عن رغبته في تعاقد الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مع مدرب برازيلي يعيد للكرة المغربية توهجها وطلب منه التنسيق مع الوزير الأول وصديقه المعطي بوعبيد.

بادر المعطي وعبد اللطيف إلى الاتصال بإدريس الكتاني، السفير والمستشار الاقتصادي بالبرازيل في أوائل الثمانينات، وكشفا له عن رغبة الملك وفوضا له أمر البحث عن مدرب قادر على قيادة الفريق الوطني خاصة وأن المغرب كان يستعد لاحتضان ألعاب البحر الأبيض المتوسط، والمشاركة في كأس إفريقيا وكأس العالم.

بعد طول تفاوض بين الوزيرين والسفير، وبعد إشعار الحسن الثاني بالخيارات المتاحة وقع الاختيار على المدرب البرازيلي جايمي فالانتي الذي قبل العرض وحل بالمغرب رفقة زوجته والسفير، وفي حقيبته عقد تنص بنوده على الارتباط بالجامعة لمدة أربع سنوات، أي إلى غاية سنة 1986 موعد كأس العالم، دون الإشارة إلى الأهداف المزمع تحقيقها.

عاد السفير إلى البرازيل، وظل فالانتي يفاوض المعطي بوعبيد والسملالي في غياب تام لرئيس الجامعة التي كانت حينها تحت رحمة لجنة مؤقتة، وهو الموقف الذي أغضب الكولونيل المهدي بلمجدوب الذي كان حينها خارج السياق لكن علاقته بالسفير الكتاني نفخت في هذا الأخير نفحة الغضب بعد سحب الملف من الدبلوماسي.

في ظل المفاوضات لفت الحسن الثاني انتباه وزيره السملالي إلى ضرورة دخول المنتخب في معسكر كي لا يظل الجميع في انتظار مدرب قادم من وراء المحيط، وتنفيذا لتعليماته أسندت لمحمد العماري المهمة في انتظار البرازيلي فالانتي ما دعم اللياقة البدنية والانسجام والتماسك في صفوف المنتخب.

قبل استلام مهمته بشكل رسمي، استقبل الملك المدرب البرازيلي في قصره نهاية شهر أكتوبر 1981، وشرح له سر الاختيار البرازيلي.

وفي الثالث نونبر من نفس السنة، أجرى المنتخب المغربي لكرة القدم، تحت قيادة المدرب البرازيلي فالانتي، مباراة ودية إعدادية أمام نظيره السينغالي بملعب الصداقة بداكار، في إطار التحضير لإقصائيات كأس إفريقيا، لكن المدرب عاد إلى بلاده ولم يعد.

 

الحسن الثاني يعين هداف ريال مدريد مدربا للجيش والمنتخب

بعد العودة من مونديال المكسيك سنة 1970 استغنى المنتخب المغربي عن مدربه فيدينيك، وقرر الملك الحسن الثاني الذي كان متيما بحب ريال مدريد الاستعانة بمهاجم الفريق الملكي في الأربعينات سابينو باريناكا، الذي انتقل على وجه السرعة من إسبانيا إلى المغرب للتفاوض بشأن تدريب فريق الجيش الملكي، قبل أن يجد نفسه مدربا للفريق العسكري والفريق الوطني.

تم التعاقد في جو يسوده الاحتقان، لأن الفترة التي أشرف فيها باريناكا على تدريب الجيش والمنتخب، تميزت بأجواء الانقلاب، ولسوء حظ التشكيلة المغربية التي كان يقودها الإسباني سابينو فقد خرجت من الدور الأول من نهائيات كأس إفريقيا 1972 بالكاميرون، بعد الاحتكام إلى القرعة إثر تساويها في النقط مع منتخب الكونغو برازافيل بطل الدورة بثلاث نقط لكل منهما. قاد المدرب باريناكا المنتخب في دورة ميونيخ الأولمبية في العام نفسه، لكن النتائج عاكسته فغادر المغرب مكسور الوجدان.

ظل الحسن الثاني حريصا على جعل الفريق العسكري رافدا للمنتخب الذي لا يعتمد فقط على مدرب النادي بل على كل أفراد الطاقم وحتى الجنود الذين يغادرون الثكنات لحضور مباريات الجيش والفريق الوطني.

ليس باريناكا هو المدرب الوحيد الذي جمع بين تدريب المنتخب والجيش الملكي، فقد تكلف بنفس المهمة  كليزو وفاريا وأنجليلو..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى