محمد اليوبي
أصدرت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال، بمحكمة الاستئناف بفاس، في وقت مبكر من صباح أمس الأربعاء، أحكاما في حق أفراد شبكة الاتجار في معدات وأجهزة المستشفى الإقليمي ابن باجة بمدينة تازة، تضم مدير المستشفى رفقة 11 متهما بينهم أطباء وموظفون، يوجدون رهن الاعتقال بسجن «بوركايز» بمولاي يعقوب، وتراوحت الأحكام ما بين ثلاثة أشهر وأربع سنوات حبسا نافذا.
وقضت المحكمة بإدانة مدير المستشفى الإقليمي، خالد الفيلالي، بأربع سنوات حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 30 ألف درهم، وبالعقوبة نفسها في حق الموظف بالمستشفى «ع.ع»، وحكمت على ثلاثة متهمين وهم «م.ع» و«ج.أ» الموظفان بالمستشفى، و«م.ب» الممرض الرئيسي المسؤول عن المركب الجراحي، بـ18 شهرا حبسا نافذا، وغرامة مالية بمبلغ 10 آلاف درهم. وأدانت المحكمة مراقب حراس الأمن «ع.ع» بسنة حبسا نافذا في حدود ثمانية أشهر، وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، والموظفين «ع.ك» و«ع.إ» بسنة حبسا نافذا في حدود ثلاثة أشهر، وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم. وأدانت المحكمة ثلاثة أطباء وهم «ع.ل»، صاحب مصحة خاصة، و«ع.س»، شريك بمصحة خاصة و«ك.ص» صاحب مركز لتصفية الكلي، وحكمت عليهم بستة أشهر حبسا نافذا، وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، وحكمت المحكمة على «ع.ي» وهو تقني يشتغل بالمستشفى بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 20 ألف درهم، مع أداء جميع المتهمين بالتضامن تعويضا مدنيا لفائدة وزارة الصحة بمبلغ 400 ألف درهم.
وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس قرر متابعة مدير المستشفى الإقليمي «ابن باجة» بتازة، رفقة 11 متهما آخرين، في حالة اعتقال احتياطي، وأمر بإحالتهم على السجن المحلي «بوركايز»، ووجه لهم تهما تتعلق باختلاس وتبديد أموال عامة واستغلال النفوذ والارتشاء وأخذ منفعة من مؤسسة يتولى إداراتها والتزوير في محررات رسمية واستعمالها، وإخفاء شيء متحصل عليه من جناية، والمشاركة في ذلك بالنسبة لبعض المتهمين.
وكانت عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمدينة فاس، تمكنت، بناء على معلومات دقيقة وفرتها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، من إيقاف 12 شخصا، من بينهم مدير وموظفون بمستشفى عمومي وثلاثة مسيرين لمؤسسات استشفائية خصوصية بتازة، وذلك للاشتباه في تورطهم في قضية تتعلق بالسرقة وخيانة الأمانة واختلاس أموال عمومية والارتشاء.
وأوضح بلاغ للمديرية العامة للأمن الوطني أنه، حسب المعطيات الأولية المتوفرة إلى غاية هذه المرحلة من البحث، يشتبه في تورط الأشخاص الموقوفين في التلاعب في وثائق إدارية لبيع وتفويت أجهزة ومعدات طبية عمومية، وتقديمها على أنها متلاشية رغم أنها مازالت صالحة للاستعمال. وأضاف البلاغ أنه يشتبه في تورط المعنيين بالأمر في ممارسة أعمال الابتزاز في حق من رست عليهم عمليات السمسرة العمومية، التي تطول هذه المعدات الطبية، فضلا عن تفويتها إلى عدد من المقاولات الطبية الخصوصية.
وسجل البلاغ ذاته أن إجراءات التفتيش المنجزة في إطار هذه القضية بداخل منازل المشتبه فيهم ومصحاتهم الخصوصية، أسفرت عن حجز العشرات من الأجهزة والأدوات والمعدات الطبية المتحصلة من هذه الأنشطة الإجرامية، فضلا عن مجموعة من الأواني والأسرة والشاشات والمكيفات والطابعات والحواسيب التي تم تفويتها بالأسلوب الإجرامي نفسه.
وحسب معطيات حصلت عليها «الأخبار»، فقد كلف الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بفاس، عبد الرحيم الزايدي، الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية والاقتصادية، بإجراء أبحاث قضائية حول اختفاء تجهيزات ومعدات طبية من المستشفى الإقليمي «ابن باجة» بمدينة تازة، وظهور هذه التجهيزات بمصحة خاصة ومركز لتصفية الكلي بالمدينة نفسها، حيث أقدمت إدارة المستشفى على بيع هذه التجهيزات والأسرة والمعدات الطبية عن طريق «سمسرة» على أنها أصبحت متهالكة وغير صالحة للاستعمال.
وأوضحت المصادر أن عناصر الشرطة طلبت من المدير الإقليمي لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية مرافقتها إلى المستشفى الإقليمي، من أجل الاطلاع على لائحة التجهيزات التي تم بيعها لشركتين من الدار البيضاء على أنها «متلاشيات». وأثناء مرافقة المدير الإقليمي لعناصر الشرطة إلى مصحات خاصة ومركز لتصفية الكلي بمدينة تازة، أقر بأن التجهيزات والأسرة الطبية التي توجد بها هي نفسها التي تم بيعها في إطار صفقة على أنها متلاشيات غير صالحة للاستعمال، ومن بين التجهيزات التي تم بيعها، أجهزة للفحص وأسرة طبية ومعدات يستعملها الأطباء في أقسام الجراحة. وعند مطالبة مسؤولي المصحة بالإدلاء بالفواتير التي تبرر مصدر اقتناء هذه الأجهزة عجزوا عن ذلك.
وأكدت المصادر أن الأبحاث والتحريات الأولية التي قامت بها عناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بحضور المدير الإقليمي للوزارة، أبانت أن هذه التجهيزات تم اقتناؤها عن طريق صفقات عمومية من أجل استعمالها بالمستشفى الإقليمي الذي يعاني من خصاص مهول في التجهيزات والمعدات، وكلفت ملايين الدراهم، لكن إدارة المستشفى أعادت بيع هذه التجهيزات لمصحة خاصة ومركز لتصفية الكلي، بتواطؤ مع مسؤولي هاتين المؤسستين الخاصتين، حيث تم تجهيزهما بالكامل تقريبا بتجهيزات المستشفى التي تم اقتناؤها بالمال العام.
كان عليهم أن يحكموا عليهم بعقوبات أشد.. هؤلاء مجرمون عتاة وقساة القلوب ومجردون من أي حس وطني أو إنساني.. سفلة..