شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

التهرب الضريبي 

يتسبب التهرب الضريبي بالمغرب، والغش في التصريحات المالية والتلاعب في أرقام الأرباح والمعاملات المالية السوداء، في ضياع الملايير على خزينة الدولة، وبالتالي ضياع فرص التنمية الحقيقية وعرقلة تمويل البرامج الاجتماعية، والاضطرار إلى الاقتراض وتبعات تراكم الديون وفوائدها على الاقتصاد، خاصة وأن الضرائب من أهم روافد الميزانية العامة.

لا أحد يجهل أن المغرب يعاني من ظاهرة التهرب الضريبي العالمية التي تختلف من دولة لأخرى، حسب التشريعات والقوانين ودرجة الفساد وتوغله داخل المؤسسات المعنية، حيث التحايل على القوانين التي تنظم مجال دفع الضرائب بطرق ملتوية، وتواطؤ منتخبين ومسؤولين واجتهادهم في إيجاد حلول وثقوب في القانون للتشجيع على التهرب الضريبي مقابل الرشاوي التي تتوافق والمبالغ المالية المراد التهرب من دفعها لفائدة خزينة الدولة.

هناك مؤسسات مسؤولة عن المراقبة التقنية لدفع الضرائب لكن عملها لا يكفي أمام تغلغل الفساد في المجال، حيث سبق وكانت العديد من الملفات محط تفتيش والعثور على خروقات في الإعفاءات والمراجعات من مثل ضرائب الأراضي غير المبنية ومجال التعمير والأملاك الجماعية واستغلال الملك العام المؤقت بالجماعات الترابية، وضرائب الاستثمارات الكبرى وقطاع التجارة والتصريح بالأرباح المالية، فضلا عن ضرائب تتعلق بالمهن والشركات.

إلى جانب حاجة البلاد إلى التجديد الدائم في التشريعات القانونية وتسريع تنزيلها عوض التجميد وجدل غياب المصادقة والمزايدات الانتخابوية وعرقلة عمليات الإصلاح، هناك عوامل نفسية تلعب دورا مهما في انتشار ظاهرة التهرب الضريبي، حيث يتم ترويج مفاهيم مغلوطة وسلبية حول صدقية التصريح وأداء الضرائب، والحال أن تجويد الخدمات العمومية التي يطالب بها الجميع والرفع من مؤشرات التنمية، لا يمكنه أن يكون في ظل ضياع الملايير على خزينة الدولة نتيجة التهرب الضريبي الذي يرتبط بوعي المواطن كذلك بدوره في بناء الوطن وتتبع طرق صرف المال العام والمشاركة السياسية الفاعلة ورفضه للفساد بكافة أنواعه.

إن عمليات الإصلاح وهيكلة القطاعات وضبط المعاملات المالية من خلال الرقمنة وبناء اقتصاد حديث يعتمد أرقاما واضحة، ليس بالأمر الهين لكنه ليس مستحيلا بالمغرب في ظل التوفر على خام من الكفاءات والطاقات الشابة، والتجارب الحكومية المتراكمة في التسيير، لذلك تمكن معالجة التهرب الضريبي بواسطة إجراءات متعددة توقف نزيف ضياع مداخيل بالملايير على خزينة الدولة، إلى جانب وعي المواطن بأن المال العام هو ماله ويتحمل مسؤوليته الكاملة في اختيار وانتخاب من سيشرف على تدبيره ومراقبته وفق القوانين ودستور المملكة الذي يتيح ذلك.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى