طنجة: محمد أبطاش
ظل إخوان بنكيران شبه محبوسين ومنغلقين داخل خطابات الطهرانية والشفافية والنزاهة، حتى جاءت الانتخابات الأخيرة حيث كان الحزب على المستوى المركزي أول ممهد لطريق “نعومة” المناصب. ففي هذه الانتخابات انكشف الوجه الآخر لحزب العدالة والتنمية خصوصا في شمال المملكة، التي “اقتتل” فيها أبناء العدالة والتنمية فيما بينهم حتى على حساب مبادئ الحزب، طمعا في المناصب، وتزكية في بعض الأحيان لأشخاص كانوا إلى وقت قريب محور الشر في نظر حزبهم. في هذا الخاص، نقرب زاوية ما جرى بالمناطق الشمالية داخل كينونة الإسلاميين، حيث كان المبدأ “المكيافيلي” هو عنوان هذه المعركة، كما ظل الحزب بين ما يشبه نيران ثورة بعض عناصر الشبيبة الداعية لإقالة المتحالفين ومعاقبتهم وحروب المناصب من جهة ثانية، قبل أن يتم طي الخلافات في جلسة شاي بمنزل بنكيران.
أساليب مثيرة
لا يمكن الحديث عما جرى بشمال المملكة والذي لا يزال يؤرق بال الكثيرين داخل وخارج العدالة والتنمية، دون استحضار الصراع الطاحن بين أبناء هذا الحزب، حول المناصب، فلم يسبق في تاريخ هذا الحزب اللجوء إلى الأسلوب المثير للانتباه الذي تم اتباعه عبر التخطيط لتهريب مستشارين من حزب آخر وهو الأصالة والمعاصرة، وإخفائهم بعيدا عن عائلاتهم وذويهم لحوالي أسبوع، حتى لا يغيروا موقفهم اتجاه المرشح محمد ادعمار عن حزب العدالة والتنمية، والتصويت لصالحه إبان الانتخابات الأخيرة، واستطاع بهذا المخطط، ضمان رئاسة المجلس الحضري لولاية ثانية، بعد أن خلط أوراق أبناء الحزب بتطوان خصوصا وأنه قدم من مدينة طاطا شرق مدينة كلميم. ويستشف ذلك من خلال الخرجات الفضائحية للأمين بوخبزة أحد أقدم مؤسسي العدالة والتنمية بتطوان، بعد أن تحدث عن الكولسة التي لم يشهدها “البيجيدي”، بالمنطقة حتى قدم ادعمار “الألعبان” على حد تعبير، فكانت هذه الخرجات إشارة إلى أن بيجيدي الشمال لم يعد بخير وأنه تعرض لعدوى المناصب، وهو نفس الأمر الذي ردده بوخبزة، ما جر عليه غضب واسعا من قبل إخوان بنكيران محليا ومركزيا، حين وصف ادعمار “بمجنون المناصب”.
ترقب شديد
التحالف الذي جرت أطواره بين البام والبيجيدي بمباركة من الأخير، يبدو أنه دخل مرحلة أخرى، بعد أن كشفت مصادر مطلعة أن الأمانة للحزب بصدد توقيف مستشارين محليين، بسبب ما جرى، وهو ما خلف حالة من الاحتقان في صفوف إخوان بنكيران بالعرائش، كما انتقل هذا الاحتقان ليسود في الكتابة الجهوية والإقليمية التي كانت في وقت سابق تؤكد أنها على تنسيق مع الإدارة المركزية للحزب قصد الدفع بهذا التحالف، الذي يقوده البام لرئاسة المجلس الإقليمي على وجه الخصوص، غير أن تفجر القضية، جعل القادة المحليين يوجهون أصابع الاتهام إلى الكتابة السالف ذكرها، لكونها وراء جر غضب بنكيران عليهم، والذي كان في وقت سابق يصنف الفساد في هذا الحزب بالذات. وحسب بعض المصادر المقربة من كواليس الشأن السياسي المحلي فإن حالة من الترقب تسود في صفوف البيجيدي بالعرائش، في ظل غضب بنكيران على قادته المحليين هناك، الذين حجبت المناصب أعينهم.
التحالف والكيف
بعد أن هدأت طبول الحرب الانتخابية، التي يرتقب أن تدخل مرحلة ما بعد اللغط الذي سبقها خلال اختيار رئيس مجلس المستشارين، بدأ الغبار ينفض عن أثارها، حول تحالف الوفاء بين “البام” والعدالة والتنمية بالشمال، حيث لم تخرج مدينة وزان بدورها عن هذا التطاحن الانتخابي على المناصب. وبالعودة إلى الوراء شيئا ما فإن الجميع لا يزال يتذكر كيف سارع حزب العدالة والتنمية إلى مراسلة الحكومة بما فيها وزارة الداخلية لفتح تحقيق في تصريحات أدلى بها العربي المحرشي عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة خلال يونيو الماضي، لما هاجم رجال الدرك وحرض مزارعي الكيف، إلا أن الانتخابات الأخيرة حملت مفاجأة غير متوقعة لما أعلن “البيجيدي” دعمه للمحرشي لرئاسة المجلس الإقليمي لوزان، حيث كان عبد الله بوانو قد راسل الجهات الوصية عبر سؤال برلماني بخصوص تصريحات المحرشي، التي هاجم فيها السلطات المحلية بإقليم وزان، كما ساءل رئيس فريق العدالة والتنمية بمجلس النواب، بنكيران عن فحوى هذه التصريحات، مطالبا بفتح تحقيق في الاتهامات التي وجهت لرجال الدرك والسلطة بخصوص تدبير ملف زراعة الكيف.وساءل القيادي في “البيجيدي”، رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، حول الجهود التنموية لحكومته في مناطق زراعة الكيف، بعد تصريحات “لأحد المنتخبين بإقليم وزان يحرض فيها بشكل مباشر المواطنين على زراعة الكيف، ويقايض استقرار المنطقة والتوقف عن زراعة الكيف بتوفير الدولة لعدد من الخدمات.” إشارة إلى المحرشي.