في اللحظة التي كانت الأسر المغربية تنتظر أن تعلن التنسيقيات عن القيام بحملات تطوعية مكثفة لتعويض الكثير من الهدر المدرسي بسبب الإضرابات، قررت التنسيقية الوطنية، هذا الأسبوع، نهج خيار التصعيد وتسطير برنامج نضالي تصعيدي مرفوق بوقفات احتجاجية ومسيرات إقليمية وجهوية.
بكل صراحة، لسنا في حاجة إلى مزيد من استعراض القوة من لدن الأساتذة، والذي قد تكون له نتائج عكسية من شأنها أن تعقد حل الملف وتجعل حله صعب المنال. ويبدو أن التنسيقيات، التي توجد تحت وصاية تيارات جذرية، غير آبهة بالنفق المظلم، الذي دخله ملف التعليم، وسيكون الملف رعباً حقيقياً لو لم يتم إطفاء الحرائق الجانبية التي تذكي نارها أطراف لا تتحلى ببعد الرؤية والمسؤولية التاريخية والروح الوطنية.
وللأسف الشديد، فإن المؤشرات لا تؤكد حسن النوايا في صفوف التنسيقيات، على الأقل منذ بدء الدعوة إلى الحوار بإشراف حكومي وليس قطاعي. وكل مرة تضع التنسيقيات شروطاً يبدو من الصعب تحقيقها من الناحية القانونية والدستورية. صحيح أن رئيس الحكومة لم يبد أي امتناع عن حضور التنسيقيات في جلسات الحوار، لكن الأمر ظل بيد النقابات التي تمارس الصمت الملتبس والانكفاء على نفسها والغموض في موقفها من حضور التنسيقيات.
والحقيقة أنه، في ظل ما يحدث في قطاع التعليم، مع مرور الوقت، لا نستطيع القول إن الأزمة مرتبطة بقطاع أو بغضب من النظام الأساسي، ولا حتى أزمة مرتبطة بإحراج الحكومة، بل أصبح يتحول يوما بعد يوم إلى قضية ليّ يد دولة وفرض إملاءات سياسية عليها. وهذا تطور سلبي في مطالب الأساتذة، حيث لا يمكن حله إلا بصورة واحدة من خلال الحفاظ على هيبة الدولة وعدم الخضوع لسياسة التركيع. وللأسف سيكون الدخول لهذه المرحلة أمرًا حتميا ما لم يفهم الأساتذة أن ضغوطاتهم فاقت المشروع والمسموح به وتحولت إلى ابتزاز غير مقبول لمؤسسات الدولة.