شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

التحقيق في صرف 297 مليارا لمحاربة الأمية

الفرقة الوطنية تبحث في شبهة تبديد واختلاس أموال عمومية

محمد اليوبي

مقالات ذات صلة

 

علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، كلف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بإجراء أبحاث وتحريات بخصوص اختلاس وتبديد أموال عمومية بالوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، وذلك على ضوء تقرير موضوعاتي أنجزه المجلس الأعلى للحسابات، كشف اختلالا وخروقات خطيرة شابت تسيير الوكالة في الفترة ما بين سنتي 2015 و2023.

وأفادت المصادر بأن زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، أحالت تقريرا موضوعاتيا حول تقييم برامج محو الأمية على رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، بعد رصد اختلالات تكتسي صبغة جنائية، وأحال الداكي هذا التقرير على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالرباط، الذي كلف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية من أجل إجراء الأبحاث والتحريات القضائية بخصوص الخروقات التي شابت تسيير الوكالة، ومنها منح أموال لجمعيات دون تنفيذ البرامج المتعاقد بشأنها، وتلاعبات في صفقات طبع آلاف الكتب دون استفادة الراغبين في محو الأمية منها، بالإضافة إلى برمجة دروس وهمية لمحاربة الأمية داخل المساجد.

وحسب التقرير السنوي للمجلس الأعلى للحسابات، بلغ الغلاف المالي الإجمالي الذي تمت تعبئته لفائدة الوكالة الوطنية لمحاربة الأمية (الوكالة)، منذ شروعها في تنفيذ برامج محاربة الأمية سنة 2015 حتى متم سنة 2023، ما يناهز 297 مليار سنتيم، وشكلت إعانات الدولة المصدر الرئيسي لمداخيلها بنسبة 84 بالمائة، وأبرمت الوكالة، منذ شروعها في إنجاز برامج محو الأمية سنة 2015، ما يناهز 70 اتفاقية شراكة واتفاقية إطار ومذكرة تفاهم مع عدة فاعلين شملت مؤسسات وطنية ومجالس منتخبة وشركاء دوليين.

وأفضى افتحاص هذه الاتفاقيات من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات إلى تسجيل عدة ملاحظات، أبرزها عدم إرساء برامج عمل لبلورة وتتبع تنفيذ اتفاقيات الشراكة والتعاون مع الفاعلين العموميين في قطاع محاربة الأمية. وأكد تقرير المجلس أنه لم يتم تفعيل لجان القيادة والتتبع أو لجان التوجيه والإشراف المنصوص عليها في اتفاقيات الشراكة المبرمة مع القطاعات الوزارية والمجالس المنتخبة والمؤسسات العمومية والجامعات، والتي تتألف بصفة مشتركة من ممثلي الأطراف المتعاقدة، ويعهد إليها بإعداد مخططات عمل سنوية لتنزيل بنود الاتفاقية والسهر على تنفيذها وتتبعها وتقييم الإنجازات المحققة.

وترتب عن هذه الوضعية عدم تنفيذ البرامج المتعلقة بتنمية وتعزيز الكفايات في صفوف التجار (موضوع الاتفاقية المبرمة مع قطاع الصناعة وغرفة الصناعة والتجارة)، وبرامج محو الأمية لفائدة المنخرطين الأميين في التعاونيات وإدماجهم السوسيو اقتصادي (موضوع اتفاقية الشراكة مع مكتب تنمية التعاون)، والبرنامج المتعلق بذوي الاحتياجات الخاصة (موضوع الاتفاقية المبرمة مع التعاون الوطني)، والبرامج الخاصة بالإدماج السوسيو- مهني للمتحررين من الأمية (موضوع الاتفاقية المبرمة مع هيئة من المجتمع المدني)، ويعزى ذلك، حسب التقرير، لعدم ربط اتفاقيات الشراكة بأهداف قابلة للقياس وللتتبع والتقييم، وترجمتها إلى مشاريع وبرامج عمل واضحة مع تحديد تكلفتها وآجال إنجازها وكذا الالتزامات المالية للشركاء.

وبخصوص تطور ميزانية الوكالة، أفاد التقرير بأن الميزانية المخصصة لنفقات الوكالة شهدت ارتفاعا ملحوظا خلال الفترة الممتدة من 2015 إلى 2022، حيث انتقلت الميزانية الإجمالية من 247,32 مليون درهم سنة 2015 إلى 968,23 مليون درهم سنة 2022، أي بمعدل نمو سنوي متوسط يفوق 21 بالمائة، ويتبين، من خلال تحليل تطور هذه الميزانية، الارتفاع الملحوظ الذي ميز الاعتمادات المخصصة للاستثمار، حيث انتقلت من 237,43 مليون درهم سنة 2015 إلى 896,13 مليون درهم سنة 2022، أي بمعدل نمو سنوي متوسط قدره 21 بالمائة، وذلك بسبب تسجيل معدلات أداء منخفضة خلال الفترة المذكورة والتزايد المستمر للمبالغ الباقي أداؤها، كما مثلت اعتمادات الاستثمار أزيد من 92 بالمائة من مجموع الميزانية خلال الفترة 2015-2022.

ورصد المجلس غياب إجراءات عملية للتأكد من مدى ملاءمة فضاءات التكوين المقترحة في ملفات عروض الجمعيات الشريكة، ومن خلال التحريات المنجزة بعين المكان، سجل المجلس وجود مقرات تكوين عبارة عن شقق ومنازل سكنية ومرائب غير مهيأة لاحتضان دروس محاربة الأمية، وهو ما من شأنه أن ينعكس على جودة التكوينات المقدمة والقدرة على استقطاب المستفيدين والمردودية العامة للمشاريع.

وبين تحليل البيانات المصرح بها من طرف الهيئات الشريكة، برسم الموسم الدراسي 2022 /2023، أن 54 بالمائة من المقرات ذات طبيعة غير محددة و16 بالمائة عبارة عن منازل وشقق ومرائب في ملكية خواص و7 بالمائة تتعلق بمقرات الهيئات المعنية، مما لا يتيح للجنة الانتقاء تقييم مدى ملاءمة هذه الفضاءات لاستقبال دورات محو الأمية، في حين لم تتجاوز الفضاءات العمومية المخصصة لدروس محو الأمية 18 بالمائة من مجموع المقرات المصرح بها، موزعة ما بين مدارس وإعداديات وثانويات (11 بالمائة) ومراكز ومركبات سوسيو ثقافية (7 بالمائة).

ورصد المجلس ضعف مؤشرات حضور المستفيدين من دروس محاربة الأمية وانضباطهم في الحضور، حيث بلغ متوسط مؤشر حضور المستفيدين من دروس محاربة الأمية التي تؤطرها هيئات المجتمع المدني حوالي 40 بالمائة بعينة تتكون من 14.263 قسما تمت معاينتها ميدانيا على مستوى 52 عمالة وإقليما من طرف مكاتب الدراسات المتعاقد معها لهذه الغاية خلال الفترة 2019- 2022، علما أن هذه النسبة مرشحة للانخفاض في حال استبعاد الحاضرين غير المسجلين في قائمة المستفيدين من دروس محاربة الأمية. وفي السياق نفسه سجل مؤشر الانضباط في الحضور (معدل المستفيدين الحاضرين الذين يتواجدون ضمن قائمة بخمسة أسماء ينادى عليها من طرف ملاحظي مكتب الدراسات خلال زيارة القسم للتأكد من تواجد المعنيين بالأمر) نسبة متوسطة لم تتجاوز 43 بالمائة، ويرجع ارتفاع مستوى غياب المسجلين في الدروس وعدم انضباطهم في الحضور إلى عدم احترام الهيئات الشريكة لعدد الأفواج أو لمقرات التكوين أو لجداول الحصص، وهو ما من شأنه أن يقلل من أثر المجهودات المبذولة لمحاربة آفة الأمية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى