محمد اليوبي
عقدت الغرفة الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال لدى محكمة الاستئناف بفاس، أول أمس الثلاثاء، جلسة لمحاكمة المسؤولين المتهمين باختلاس وتبديد أموال البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم على صعيد أكاديمية جهة فاس بولمان سابقا، وقررت المحكمة بعد الاستماع إلى كل المتهمين تأخير الملف إلى جلسة أخرى ستنعقد يوم 31 أكتوبر الجاري، ستخصص لمرافعات الدفاع وتعقيب ممثل النيابة العامة.
ويتابع في هذا الملف 20 مسؤولا وموظفا وأصحاب شركات متورطين في اختلاس وتبديد أموال البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، ويوجد ضمن المتهمين مديران سابقان لأكاديمية التربية والتكوين بجهة فاس بولمان (سابقا)، وهما (م.و.د)، و(م.د)، ومندوبون سابقون للتعليم بنيابات تابعة للأكاديمية، ومسؤولان عن مصلحة الميزانية والتجهيز والممتلكات بالأكاديمية، وأعضاء باللجان التقنية التي أشرفت على تسلم عتاد تربوي كان موضوع صفقات عرفت عدة اختلالات رصدها تقرير أنجزه قضاة المجلس الأعلى للحسابات.
وأكد المتهمون أثناء الاستماع إليهم من طرف المحكمة، تصريحاتهم أمام قاضي التحقيق والضابطة القضائية، وخلال الجلسة انتصبت الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة فاس مكناس طرفا مدنيا في القضية، وتقدمت عن طريق دفاعها بملتمس إلى المحكمة من أجل الحكم لفائدتها بتعويض عن الضرر الذي لحق بها قدره مليون درهم، كما التمست الأكاديمية من المحكمة الحكم بإرجاع المبالغ المالية المختلسة والتي قدرها دفاع الأكاديمية بمبلغ يفوق 637 مليون سنتيم.
وتم تحريك المتابعة في حق المتهمين، بناء على الأبحاث القضائية التي قامت بها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في هذا الملف الذي هز الرأي العام الوطني، نظرا إلى المبالغ التي تم اختلاسها من خلال صفقات تدخل في إطار البرنامج الاستعجالي لإصلاح التعليم، وعرفت هذه الصفقات اختلالات خطيرة شابت عملية صرف الاعتمادات المالية المخصصة للبرنامج والتي فاقت مبلغ 43 مليار درهم. كما قام المجلس بمراقبة عدد من الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، خلص من خلالها إلى ضرورة التحقق من ظروف إعداد وبرمجة وتنفيذ المخطط الاستعجالي، وكذا المنجزات التي تم تحقيقها.
ويستفاد من وثائق الملف، أنه بناء على ما ورد بتقرير المجلس الأعلى للحسابات من خروقات شابت صفقات توريد معدات تقنية بالأكاديمية الجهوية للتكوين بجهة فاس بولمان «سابقا»، تتعلق بعشر صفقات خاصة باقتناء وتسلم عتاد ديداكتيكي، أبرمت من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة فاس بولمان «سابقا» مع شركتي «MATSIND» و«SDMTI»، كما تمت الإشارة في التقرير كذلك إلى كون الوسائل التربوية والمختبرات المتنقلة المقتناة غير صالحة للتدريس وغير مطابقة لمعايير الجودة المدرجة بدفتر التحملات الخاص بالصفقات المبرمة.
وجاءت مبالغ هاته الصفقات، الصفقة 190- 2009 ومبلغها 177386.40 درهما وموضوعها اقتناء عتاد تربوي، والصفقة 259- 2010 ومبلغها 3270000.00 درهم، وموضوعها اقتناء 23 مختبرا متنقلا لمؤسسات التعليم الابتدائي الإعدادي التابعة للأكاديمية، والصفقة 2011/113 ومبلغها 778528.80 درهما، وموضوعها اقتناء الوسائل التعليمية لتدريس الفيزياء والكيمياء بمؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي التابعة للأكاديمية، والصفقة 114- 2011 ومبلغها 1029427.20 درهما، وموضوعها اقتناء الوسائل التعليمية لتدريس الفيزياء والكيمياء بمؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي، وكذلك الصفقة 115- 2011 ومبلغها 592626.00 درهما نالتها، وموضوعها اقتناء الوسائل التعليمية لتدريس علوم الأرض والحياة بمؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي التابعة للأكاديمية.
ومن بين الصفقات التي عرفت اختلالات، الصفقة 127- 2011 ومبلغها 348000.00 درهم، وموضوعها اقتناء 100 سبورة تفاعلية، والصفقة 128- 2011 ومبلغها 959400.00 درهم، وموضوعها اقتناء 50 عدة بيداغوجية متعددة الوسائط، والصفقة 129- 2011 ومبلغها 2323008.00 دراهم، وموضوعها اقتناء عدة بيداغوجية متعددة الوسائط لتعلم اللغات بالمؤسسات التعليمية التابعة للأكاديمية، والصفقة 10- 2011 ومبلغها 777600.00 درهم، وموضوعها اقتناء 10 مختبرات متنقلة لمؤسسات التعليم الابتدائي، والصفقة 131- 2011 ومبلغها 1902000.000 درهم، وموضوعها اقتناء 10 مختبرات متنقلة لمؤسسات التعليم الثانوي الإعدادي التابعة للأكاديمية.
وبعد الاستماع إلى مديرين سابقين للأكاديمية، وممثلي الشركتين نائلتي الصفقات، وباقي أعضاء اللجان التقنية الذين وقعوا على محاضر تسلم العتاد وكل من له علاقة بالصفقات المبرمة من طرف الأكاديمية بخصوص العتاد التربوي، كشفت التحقيقات أنه بعد الإعلان عن طلب العروض الخاصة بتوريد العتاد الديداكتيكي إلى الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس بولمان «سابقا»، كان هذا العتاد يسلم إما على مستوى الأكاديمية أو على مستوى النيابات الإقليمية التابعة للأكاديمية، حسب ما هو محدد بدفتر التحملات لكل صفقة على حدة، على أن يتم تحديد لجنة تقنية، يعهد إليها تسلم العتاد التربوي ومعاينة المطابقة بعد توصلها بنسخة من دفتر التحملات الذي يسلم إليها.
وتفيد التحقيقات بأن العتاد الذي تم توريده للأكاديمية لا يتوفر على بعض الأدوات اللازمة والمكونة له والمنصوص عليها بدفاتر الشروط الخاصة، الشيء الذي حال دون استغلال ذلك العتاد، وهي بعض اللواقط CAPTEURS الخاصة بعدة التجريب بواسطة الحاسوب EXAO. كما صرح صاحب شركة نالت صفقات من الأكاديمية، وهو زوج صاحبة الشركة الثانية التي استحوذت على كل الصفقات، أنه كلف شركة ثالثة باستيراد الوسائل التعليمية موضوع الصفقات من أوروبا، حيث وقع مع صاحب الشركة على عقد بموجبه تم تحديد مسؤوليات كل طرف منهما، وهو من تكلف بعملية تزويد الأكاديمية بهذه الوسائل وفق المعايير المشار إليها في دفتر التحملات، لكن ثبت ما يخالف ذلك، حسب ما جاء بتقرير المجلس الأعلى للحسابات، ذلك أن جميع المختبرات الخاصة باللغات التي وردها بموجب الصفقة 2011/129 صالحة للاستعمال في الوقت نفسه من طرف 25 تلميذا فقط عوض 50 تلميذا كما هو منصوص عليه بدفتر الشروط الخاصة، وكون جميع المختبرات الخاصة باللغات موضوع الصفقتين 2011/128
و2011/129 لا تتوفر على بطارية كهربائية تتيح استخدامها بعيدا عن التيار الكهربائي، وبذلك تبقى الوقائع المتضمنة بمحاضر التسلم الموقعة الخاصة بها من طرف اللجان التقنية غير صحيحة.
هذا، فضلا عن أنه وحسب ما ورد بوثائق الملف، لم يلتزم صاحب الشركة بتنظيم الدورات التكوينية وتقديم كل المساعدة التقنية ما قبل التشغيل الخاصة بالمختبرات المتنقلة الخاصة باللغات والسبورات التفاعلية التي وردها في إطار الصفقات 2011/127، 2011/128 و2011/129، والتي تم إدراجها بدفاتر الشروط الخاصة بها.