البحث عن شراكات جديدة
كيفما كان مصير اتفاقيتي الصيد البحري والفلاحة بين المغرب والاتحاد الأوربي، سواء باستمرار الاتفاق أو إنهائه لسبب من الأسباب، لا ينبغي أن تتحول هاته الاتفاقيات إلى حجر في حذاء المغرب يدمي قدمه كل لحظة ويدفعه دائما لتقديم تنازلات دون مقابل.
لابد أن تتحول لحظة تجديد الاتفاق الفلاحي أو الصيد البحري إلى منعرج حقيقي في مسار العلاقات المغربية – الأوربية في اتجاه الوضوح التام، سيما في قضية السيادة الوطنية. فلا مجال في استمرار اتفاقيات تظل تحت رحمة الدسائس والابتزاز والضغط وتبادل الأدوار بين المفوضية الأوربية والبرلمان الأوروبي والمحكمة الأوروبية، وهو ما يخلق حالة الغموض الاستراتيجي في الموقف الأوربي.
لذلك من الضروري إدارة هذه المرحلة بحنكة ومهارة دبلوماسية، وفي هذه اللحظات بالضبط ينبغي أن تظهر الميول الحقيقية للاتحاد الأوربي، إما بالانحياز لخيار السيادة الوطنية، أو الإعلان الصريح عن انضمامه لخصوم وحدتنا الترابية، لكن من غير المقبول أن تستمر أوروبا مستريحة في مناطق الغموض والرمادية إلى ما لا نهاية.
إن من واجب بلدنا، في ظل هذا الموقف الموارب، الإصرار على تنويع الشراكات الاستراتيجية والاتفاقيات خارج المنظومة الأوربية، وهذا قد يساعد على تخفيف عوامل الضغط ويرمي بها إلى وسط الدول الأوربية، سيما إسبانيا والبرتغال وفرنسا. فالمغرب لا ينبغي أن يتردد في تأكيد أن علاقته الجيوأمنية الاستراتيجية الأساسية مع أوروبا، لكن ما دامت هناك حالة من الضبابية، فإن تنويع الشراكات الاستراتيجية والبحث عن أسواق جديدة يعد خيارا أساسيا للمغرب، لحفظ مصالحه الوطنية وتعزيز الاستقرار السياسي وسيادته الوطنية.
وهناك قوى اقتصادية عالمية رئيسة لا يمكن الاستغناء عنها أو تجنب التعامل معها في ظل بيئة استراتيجية دولية وإقليمية متغيرة، ويعد التوجه الاستراتيجي للمغرب نحو الولايات المتحدة الأمريكية والصين بديلا حقيقيا عن القارة العجوز، التي تريد اللعب على كل الحبال للحفاظ على مصالحها دون إيلاء أي أهمية للمصالح المغربية. فلا حاجة لنا بقارة تغير مواقفها في الشتاء نحو الانفصال لأنها بحاجة للغاز الجزائري وفي الصيف تدفع نحو الموقف المغربي لأنها بحاجة للفلاحة والأسماك والاستثمارات المغربية.