الانتظارات كبيرة
ذهب قرابة ثمانية ملايين ونصف مليون مغربي، أي ما يصل إلى 50 في المائة من الناخبين، إلى صناديق الاقتراع في الثامن من شتنبر لانتخاب ممثلي الأمة الذين سيدبرون شؤون الدولة في مجال التنفيذ والتشريع ووضع وتقييم السياسات العمومية. لقد أتت نتائج الانتخابات ببرلمان ومجالس الجماعات الترابية ممثلة بصورة غير معتادة ومتغيرة عن المشهد السياسي الذي ساد طيلة العقد الأخير وهذا أمر إيجابي ينبغي استيعابه وتثمينه.
والمطلوب اليوم أن يستفيد التحالف الحكومي الثلاثي من الرأسمال السياسي والزخم الانتخابي الذي حصلوا عليه، ليتخذوا قرارات أكثر جرأة وأقرب لحاجيات المغاربة، فالوقت يداهمنا وحجم انتظارات المواطنين كبير، وخاصة في ما يتعلق بتوفير مقومات العيش الكريم في مجال الصحة والتعليم والتشغيل وضرب يد الفاسدين وإعطاء جدوى أمل حقيقية للشباب المغربي لخلق الثروة والمساهمة في بناء غد أفضل.
عدة أولويات ستكون الشغل الشاغل للحكومة خلال أيامها الأولى، والتخوف أن تؤدي التحديات الكثيرة والحسابات الضيقة إلى تقليل أداء الحكومة وإعادة سيناريو حكومات ما بعد دستور 2011 حيث تم هدر الكثير من الزمن السياسي في الاشتباك الداخلي والدائم بين مكونات الأغلبية، فالأصل أن هذه الحكومة تحظى بغطاء سياسي وانتخابي سميك وتقارب برنامجي وفكري، سيمكنها على الأرجح من تجاوز صعوبات التجانس السياسي، لكن ذلك يبقى رهينا بإعلاء مصالح الوطن على مصالح الأشخاص والأحزاب.
أولى أولويات الحكومة وأولى تحديات التحالف الثلاثي الذي لا يكلف أي فاتورة مالية هي إعادة الاعتبار للمؤسستين التشريعية والتنفيذية اللتين تعرضتا لعملية تجريف شعبوية جعلتهما مؤسستين غير جديرتين بالثقة الكاملة، أي أن الحكومة اليوم أمام تحدي التقليل من حجم فقدان ثقة المواطنين في مؤسساتهم من خلال اتخاذ خطوات رمزية تقرب البرلمان والحكومة من المواطن من مثيل إلغاء تقاعد الوزراء وتخفيض أعضاء الحكومة والقطع مع الامتيازات المستفزة التي يحصل عليها أعضاء الحكومة والبرلمان واتخاذ التدابير التي تنهي مع ظاهرة الأشباح بالمؤسسة التشريعية وتجبرهم على الحضور إلى قبة البرلمان لأداء مهامهم في مجال مساءلة الحكومة وتشريع قوانين لفائدة المواطن أو من خلال قرارات وسياسات تصل إلى جيوب وموائد المغاربة.