الأعداء الجدد للشيوعيين
يونس جنوحي
في الصين لا تنفصل السياسة عن الصناعة. التجديد لزعيم الحزب الشيوعي الصيني، «شي جين بينغ» لكي يصبح «الزعيم الأوحد»، خلال مؤتمر الحزب الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، كان يحمل دلالات تلقاها المحللون الدوليون بكثير من الاهتمام.
أربعة أسماء مهمة، من اللجنة الدائمة للحزب، لم يعد لها أي ظهور على الساحة، رغم أنها ساهمت في تأثيث المشهد السياسي في الصين خلال السنوات العشر الأخيرة. وهو ما يُفهم منه أنهم الآن صاروا في طريقهم نحو التقاعد. وهؤلاء هم رئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب، ورئيس المؤتمر السياسي ونائب رئيس مجلس الوزراء. وهذا يعني أن الخريطة السياسية، وحتى الاقتصادية، سوف تتغير بالتأكيد.
وكالة «بلومبرغ»، إحدى أهم الوكالات الدولية في أخبار الاقتصاد وأكثرها تأثيرا، كتبت تقول «إن ولاية شي الثالثة سوف تجعل الصناعة الصينية باردة».
وحسب الوكالة دائما، فإن المديرين التنفيذيين في شركات الأنترنت الصينية، المشاركين في مؤتمر الحزب نهاية أكتوبر الأخير، أصيبوا بخيبة أمل كبيرة بعد إعلان النتيجة النهائية وحصول الزعيم شي على ولاية ثالثة.
«بلومبرغ» تقول إن فوز شي بولاية أخرى كان متوقعا، لكن ما صدم هؤلاء المشاركين من القطاع الصناعي، أن الحزب لم يقدم معلومات وافية بشأن الاتجاه الذي يمضي فيه قطاع التكنولوجيا في البلاد.
ويقول هؤلاء المديرون التنفيذيون إن أعضاء اللجنة الدائمة التي أفرزها المؤتمر، وعددهم سبعة، لا يمكن اعتبار أي واحد منهم متحمسا للتقنية والتكنولوجيا.
ورغم أن العضو الذي حل في المرتبة الثانية، من نتائج المؤتمر، يعتبر أحد الأسماء المعروفة في مجال الصناعة، فإن المشرفين على الصناعات التكنولوجية في الصين يعتبرون وجوده وحيدا في اللائحة غير كاف.
ويتعلق الأمر برئيس الحزب الشيوعي الصيني في مدينة شنغهاي، ويعتبر أحد أقوى الأسماء لشغل منصب رئيس الوزراء. وذلك على الرغم من أن شعبيته تضررت كثيرا خلال فترة انتشار وباء «كورونا» حيث سن سياسة اعتُبرت قاسية جدا وصارمة بخصوص قرارات الإغلاق التام التي كبدت المصانع خسائر فادحة.
ورغم أن أحد الأعضاء الجدد من رموز القطاع الصناعي، إلا أن القطاع، خصوصا مجال الصناعات الثقيلة كالصلب، يختلف تماما عن المجال التكنولوجي الذي يقوم أساسا في الصين على تقليد المنتجات الأمريكية والأوروبية واليابانية.
أما بقية أعضاء اللجنة، فأبرزهم اشتهروا في الصين بالتنظير لمستقبل الحزب سياسيا ولا علاقة لهم بالتكنولوجيا، ويميلون أكثر إلى الاهتمام بإيديولوجية الحزب، وعملوا خلال السنوات العشر الأخيرة على إعادة بريق الحزب ونشر الأفكار الشيوعية داخل جامعات الصين لإحياء القواعد الطلابية للحزب الحاكم.
الحزب الذي يقود الصين الآن متهم بشن سياسة «قمع» كبيرة لشركات التكنولوجيا والاتصال، إذ إن الحكومة الصينية طبقت سياسة احتكارية على الشركات وشددت كثيرا في قوانين التجارة الإلكترونية والتكنولوجيا المالية، وهو ما جعل مستثمرين صينيين في المجال يتجهون إلى الخارج.
ورغم أن الصين نشرت حصيلتها الاقتصادية مباشرة بعد المؤتمر، بعد تأخر دام أسبوعا، في أجواء احتفالية بالأرقام المُعلن عنها، إلا أن المتخصصين الصينيين اعتبروا أنها ليست كافية، بل ووصفوها، حسب وكالة «بلومبرغ»، بأنها «لا تستحق الاحتفال». وعزوا تلك الأرقام إلى الاستثمار في الأصول الثابتة والقطاع الصناعي.
ويبدو الآن أن قطاع التكنولوجيا يعيش أسوأ أيامه في الصين، رغم كل ما يقال عن كونه هو المستقبل. وبما أن رموز هذا القطاع وأشهر رجال الأعمال المستثمرين فيه وأضخم شركاته التي كانت تنشط في الصين، قرروا المغادرة نحو الخارج، فهذا يعني أن الصين تتجه إلى فقد أحد أقوى أعمدتها الاقتصادية التي وصلت إلى العالم أجمع