شبح أزمة النقل الحضري يخيم على المدينة
محمد اليوبي
أصبحت فاس مهددة بأزمة النقل الحضري، إثر ظهور بوادر صراع بين مجلس المدينة والشركة المفوض لها تدبير هذا المرفق، بسبب تراكم الديون بذمة المجلس الجماعي منذ بداية الولاية السابقة، التي تولى خلالها القيادي بحزب العدالة والتنمية، إدريس الأزمي الإدريسي، مسؤولية كرسي عمودية المدينة.
وحملت شركة «سيتي باص فاس»، المفوض لها تدبير مرفق النقل الحضري لمدينة فاس، في بيان لها، المسؤولية للمجلس الجماعي، واتهمته بالإخلال بتعهداته، والتنصل من التزاماته التعاقدية، ما أدى إلى فقدان التوازن المالي للعقد وفاقم خسائر الشركة وأحبط مخططاتها في الاستثمار وتحسين الخدمات. وأكدت الشركة أنها تحتفظ بكثير من التفاصيل والبيانات والوثائق التي تتضمّن المعطيات الحقيقية لتحوّلات تدبير النقل الحضري في فاس، والتي تكشف عن المشاكل الجمّة التي عانت منها، منذ بداية الاستغلال في 2012، ثم تَفاقُم الأزمة بحدة مع حلول سنة 2016، إلى أن أصبحت عائقا أمام الوصول إلى جودة الخدمات المنشودة، بسبب عدم احترام السلطة المفوضة لالتزاماتها التعاقدية، من منع تطبيق الزيادة القانونية في التعرفة، إلى عدم أداء ديون مهمة بذمّة ولاية فاس.
وأوضحت الشركة أنه، ونظرا للخسائر الضخمة التي تكبّدتها، فقد طلبت من رئيس مجلس مدينة فاس السابق القيام بوساطة من أجل إيجاد حلول للمشاكل المطروحة، وعلى إثرها اقترح رئيس المجلس تكليف مكتب دولي للدراسات من أجل إنجاز دراسة لتحديد المسؤوليات ومبالغ الخسائر، حيث وقع اختيار المجلس الجماعي على مكتب متخصص للدراسات، اشتغل سنة 2017 على إنجاز هذه الدراسة، وأصدر تقريرا رسميا أكد أن جماعة فاس، أولا، مسؤولةٌ عن الوضعية التي وصلت إليها الشركة المفوض لها من انعدام التوازن المالي، نظرا لعدم احترامها للمقتضيات التعاقدية، وأن الجماعة، ثانيا، ملزمةٌ بأداء مبالغ الخسائر للشركة. وخلصت الدراسة، حسب البيان، إلى سيناريوهين، إما فسخ عقد التدبير المفوض مع الشركة المفوض إليها وتمكينها من استرجاع مبالغ خسائرها الضخمة، وإما إعداد ملحق للعقد من أجل استعادة التوازن المالي على المدى الطويل.
وبناء على ذلك، يضيف البيان، قرر طرفا العقد، جماعة فاس والشركة، سنة 2018، إعداد ملحق لعقد التدبير المفوض من أجل إعادة التوازن المالي للتدبير المفوض، حيث تطلّب العمل على إعداد هذا الملحق ما يفوق ستة أشهر، لكن دون أن يرى النور إلى اليوم، فسواء بالنسبة للعمدة السابق، أو العمدة الحالي، كانا معا يؤكّدان موافقتهما على الملحق، وينسبان «الرفض» أو «التحفظ» إلى والي جهة فاس مكناس، لأسباب مجهولة من طرف الشركة التي فضّلت أن تبقى إيجابية، ولا أدل على ذلك من أنها قامت، في يوليوز 2021، بتقديم طلبية من 211 حافلة جديدة توجد الآن في طور انتظار تسلّمها لاستغلالها ضمن أسطول الشركة بمدينة فاس.
وأضافت الشركة أنه عكس ما كان منتظرا من انتخاب عبد السلام البقالي رئيسا جديدا لمجلس مدينة فاس، فقد شرع رئيس المجلس بالتهجم على الشركة، حيث فرض عليها التراجع عن تطبيق الزيادة التعاقدية في الانخراطات، وتعبيرا من الشركة عن حسن نيتها، استجابت لطلب الرئيس مؤقتا، من أجل فسح المجال لفرصة العمل بشكل بنّاء، قبل أن تتفاجأ بخروج الرئيس بتصريحات للصحافة وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تروّج، لأسباب مجهولة، معلومات ومعطيات غير صحيحة عن الشركة، علما أنه تم، خلال شهر نونبر 2021، لقاء جمع الرئيس مع مسؤولي الشركة، الذين حرصوا على توضيح الوضعية الحقيقية للمرفق، وخطورة موقف الجماعة، وخطورة القرارات الأحادية المتخذة من طرف الرئيس، الذي طلب من الشركة موافاته بمقترحات تتعلق بإعداد ملحق وإيجاد حل إيجابي في أقرب الآجال.
وأمام تفاقم الوضع، قررت الشركة التوجه إلى وزير الداخلية من أجل طلب التحكيم بين الأطراف المتعاقدة معها لأداء مبلغ 280 مليار سنتيم، وأكدت الشركة أنها ستتابع جماعة فاس من أجل أداء هذا المبلغ كتعويض لها من جراء الخسائر الفادحة التي تكبدتها بالنظر لانعدام التوازن المالي للعقد كحق مشروع ومكفول بمقتضى القانون 05-54 المتعلق بالتدبير المفوض للمرافق العامة. وحملت الشركة لرئيس المجلس بمفرده مسؤوليته الكاملة، وأكدت أنها ظلت باستمرار تسعى إلى الحوار، في حين تعمّد العمدة تعطيل التفاوض وتجاهل مقترحات الحلول والتأخر في الردّ الذي كان ينسبه دائما إلى والي الجهة.
وكشفت الشركة أنها لم تتوصل من مجلس مدينة فاس بمستحقاتها لأكثر من أربع سنوات، والتي تتجاوز 60 مليون درهم، رغم الوعود المتكررة التي يقدمها رئيس مجلس مدينة فاس، كما أن الشركة ما زالت لم تتوصل أيضا بالتعويضات عن الانعكاسات السلبية لجائحة كوفيد-19، التي خصصتها وزارة الداخلية لدعم شركات النقل الحضري التي واجهت عدة صعوبات بسبب تداعيات كورونا.