شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرربورتاجوطنية

«الأخبار» ترصد ظواهر تخدش وجه السياحة بالشمال

فوضى استغلال تراخيص موسمية وأسعار مبالغ فيها

تطوان : حسن الخضراوي

 

على الرغم من المجهودات الجبارة التي تقوم بها السلطات الولائية المختصة بجهة طنجة – تطوان – الحسيمة، من أجل التنمية السياحية والرفع من عدد الزوار والسياح بمنطقة الشمال، إلا أن فشل المجالس الجماعية واستغراقها في الصراعات وتصفية الحسابات، أدى إلى استمرار انتشار العديد من الظواهر المشينة بتطوان والمضيق ومرتيل والفنيدق..، ما يخدش الوجه السياحي للمدن المعنية، ويتسبب في عرقلة أهداف الرفع من الجودة في الخدمات، وهيكلة القطاعات تماشيا مع التدرج في إنهاء فوضى القطاعات غير المهيكلة والقطع مع السياحة العشوائية.

ومازالت الاحتجاجات على فوضى التراخيص الموسمية المسلمة من الجماعات الترابية مستمرة، بسبب عدم الالتزام بمضامين التراخيص، وتسجيل مؤشرات التراخي في التعامل مع احتلال الملك العام البحري، وقيام بعض الحاصلين على تراخيص كراء المظلات الشمسية باحتلال الواجهة البحرية بشواطئ المضيق مثل شاطئ النيكرو، مع فرض أداء 50 حتى 70 درهما حسب درجة الطلب على من يريد استغلال المظلة والطاولة والكراسي.

واشتكى العديد من زوار مدن تطوان ومرتيل والفنيدق والمضيق..، خلال الموسم السياحي الحالي، من ارتفاع الأسعار المبالغ فيه، بالعديد من المطاعم والمقاهي ومحلات الأكلات السريعة، إذ رغم تحرير الأسعار وحرية اختيار الزبون للمحل الذي يمكن أن يقصده حسب قدرته المالية، إلا أن المبالغة في الزيادات ومضاعفة أثمان مشروبات ومأكولات تحيل على استغلال الذروة السياحية بشكل واضح، وعدم وجود بدائل أمام الزوار والسياح وسخطهم وغضبهم من استغلال الإقبال المكثف، ووضع مقارنات مع مناطق سياحية أخرى.

وتقوم السلطات المحلية المعنية بعمالة المضيق، بشن حملات من أجل تحرير واجهة الشواطئ من الاحتلال القبلي، ووضع مظلات وكراسي في الصباح الباكر من قبل حاصلين على تراخيص وغيرهم، حيث تتم مطالبة كل من يريد الجلوس في الواجهة الأمامية بأداء مبالغ مالية غير محددة وتخضع للتفاوض، لكن سرعان ما تعود نفس شكايات المصطافين وتذمرهم، علما أن العديد من الزوار يختارون الرضوخ لدفع المقابل المادي عوض التوجه للسلطات بشكايات والحاجة لإجراءات يمكن أن تفسد أجواء العطلة والمرح من الأصل.

ووجهت اتهامات للمجالس المنتخبة بإقليمي تطوان والمضيق، باستغلال ملفات التراخيص الموسمية انتخابويا، والعمل على توزيع رخص كراء المظلات الشمسية، دون تفعيل دور لجان المراقبة لاحترام المساحة المحددة، وعدد المظلات المسموح به للكراء، والثمن، وعدم غرس المظلة بالرمال حتى طلبها من المصطافين الراغبين في ذلك، مع الالتزام بالاحترام وحسن المعاملة.

 

فوضى وشكايات

مع كل موسم صيف، تظهر شكايات احتلال الواجهة البحرية من قبل مستفيدين من تراخيص استغلال موسمية لكراء المظلات الشمسية يسلمها رؤساء الجماعات الترابية المعنية، إذ رغم الحملات التي تقوم بها السلطات المختصة، بين الفينة والأخرى وحجز كراسي ومعدات ومظلات شمسية، إلا أنه من خلال جولة طاقم «الأخبار» بشواطئ «النيكرو» و»كابو نيكرو» و»مرتيل» و»المضيق»..، تبين أن شكايات المصطافين مستمرة في موضوع الابتزاز ورفضهم الدخول في إجراءات إدارية ووضع شكايات رسمية، لأن الأمر بحسبهم سيفسد عليهم عطلتهم ولن يكون بمستطاعهم التوصل إلى أي نتيجة تذكر، مادام الأمر يتعلق بظاهرة مشينة تبقى المؤسسات هي المسؤولة على معالجتها.

وإلى جانب فوضى كراء المظلات الشمسية واحتلال الواجهة البحرية، ظهرت مشاكل وفوضى مواقف السيارات، وتباين الأسعار الخاصة بالتوقف، حيث يفرض البعض بالقرب من شاطئ كابيلا على سبيل المثال لا الحصر 10 دراهم لكل سيارة بدون أي وصل أداء،  كما يقوم عمال شركة مواقف السيارات بمطالبة السائقين بأداء مبلغ خمسة دراهم مقابل ركنهم سياراتهم على طول الطريق من شاطئ الأحجار الثلاثة إلى نهاية الكورنيش بالفنيدق، وليس داخل مواقف السيارات التي تحمل علامات تشوير والتخطيط على الأرض.

وذكر مصدر أن صفقات كراء مواقف السيارات بالجماعات الترابية بالمضيق، تضمن مداخيل مهمة للميزانية، لكن وجب أن تخضع للهيكلة أكثر، من خلال تخطيط مواقف السيارات والإشارة إلى لائحة الأثمان، مع السرعة والنجاعة المطلوبتين في التفاعل مع الشكايات، وتأطير العاملين لدى الشركات نائلة الصفقات، لتحسين شروط الاستقبال والمعاملة الحسنة وتفادي الاصطدام مع السائقين.

وأضاف المصدر نفسه أن من مؤشرات ارتباك تدبير صفقات كراء مواقف السيارات بمدن الشمال، الصراعات التي وقعت بمجلس مرتيل حول التمديد للشركة نائلة صفقة كراء مواقف السيارات، والتساهل معها في تقسيم أداء المبالغ المالية المطلوبة، ما دفع ببعض المستشارين والنائب الأول إلى مطالبة الرئاسة بالصرامة في تحصيل مستحقات الجماعة كاملة، تفاديا لطرح أي إكراهات مالية من قبل الشركة أو الدخول معها في صراعات بسبب تعثر الأداء واحتمال إعلان الإفلاس.

 

ضياع مداخيل

تعيش جل الجماعات الترابية بتطوان والمضيق، مشاكل مالية واختلالات تدبير الميزانية، إذ رغم استقبال آلاف الزوار صيفا، إلا أن غياب استراتيجية استغلال الموسم السياحي، يحول دون تنمية المداخيل وضياع مستحقات الجماعات الترابية المعنية، في ظل استفادة جهات من مداخيل بالملايين وتهربها من الضرائب بطرق ملتوية.

وسجل فشل ذريع لمجالس جماعية بتطوان والمضيق، في هيكلة قطاع كراء الشقق والفيلات المفروشة، رغم محاولات محتشمة لتسجيل مراسلات وتنبيه ملاك الشقق لتوجههم نحو المصالح الجماعية للتصريح بعدد الشقق والزبائن وتسجيل الهوية، فضلا عن أداء المستحقات والضرائب طبقا للمساطر القانونية الجاري بها العمل.

ويستمر العديد من الأعيان بواد لو بإقليم تطوان، وجماعات ترابية بالمضيق، في كراء شقق وفيلات فاخرة خلال الموسم السياحي، حيث يصل ثمن كراء الفيلا الواحدة أزيد من 1500 درهم في اليوم بشواطئ تطوان، دون أن تستفيد الجماعة المعنية من أي درهم رغم عجز الميزانية وتراكم الديون وهشاشة البنيات التحتية.

وحسب أصوات مهتمة بالشأن العام المحلي بالشمال، فإن المجالس الجماعية يمكنها تحصيل مداخيل مالية ضخمة في ارتباط بالموسم الصيفي، وذلك من خلال تنظيم وهيكلة قطاعات كراء السيارات ورخص الاستغلال الموسمية، وفتح المجال لاستقبال شركات رائدة في مجال ألعاب الأطفال والملاهي، وكذا وقف فوضى كراء الشقق والفيلات، والتنسيق مع المؤسسات المعنية لدعم استقطاب الاستثمارات السياحية الكبرى مثل الفنادق والإقامات الفاخرة والمراكز التجارية والاستثمار في التنشيط بمعايير حديثة تقدر على التنافس العالمي وتواكب الجودة وراحة السائح.

 

ردع المخالفين

بعد توالي الشكايات وتقديم جمعيات حماية المستهلك تقارير ضد فوضى السياحة توجد على طاولة عاملي تطوان والمضيق، كثفت لجان المراقبة من تدخلاتها والدوريات التي يتم القيام بها بالشواطئ والشوارع الرئيسية، لردع المخالفين للقوانين ومضامين التراخيص الموسمية، فضلا عن تكثيف الدوريات الأمنية الخاصة بحفظ النظام العام ومواجهة التصرفات المشينة، ومحاربة استهلاك والاتجار في المخدرات بأنواعها.

وباشرت السلطات المختصة بالمضيق، تنفيذ تعليمات بتحرير الملك العام بالشواطئ والشوارع الرئيسية، بحر الأسبوع الجاري، حيث تم حجز عدد كبير من المظلات الشمسية والطاولات والكراسي ومعدات أخرى، لمخالفة أصحابها القوانين وخرق مضامين التراخيص الموسمية والالتزامات التي يوقع عليها كل مستفيد.

وسجل التزام العديد من أصحاب كراء المظلات الشمسية، بشاطئ أمسا بتطوان، كما لاحظ طاقم الجريدة، من خلال عدم غرس المظلات حتى طلبها من لدن المصطافين الراغبين في ذلك، فضلا عن حسن المعاملة وعدم المضايقة أو الابتزاز، وهو الشيء الذي أرجعه البعض كون سكان المنطقة القروية يرغبون في نشر صورة إيجابية عن الشاطئ للرفع من عدد الزوار، ومعه يرتفع الطلب والتنمية وإقامة مشاريع سياحية.

وتواصل السلطات الأمنية بمرتيل، تنزيل تعليمات صارمة، من خلال تأمين الشواطئ والمناطق المحيطة، والتعامل مع الاكتظاظ وتوجيه ضربات استباقية لكافة أنواع الجرائم كالسرقة والتحرش الجنسي والهجرة السرية، حيث تقوم الدوريات الخاصة بالدراجات النارية والخيالة بتمشيط كامل للمدينة قصد ردع كافة المخالفات والتجاوزات.

وبعد معاقبة مطعم مشهور بمرتيل، بإغلاقه لمدة شهر كامل، بسبب تقارير حول عدم احترام إدارته لشروط الصحة والسلامة والعثور على مواد غذائية فاسدة، تم السماح بعودة فتح المطعم المذكور، قبل أيام قليلة، بعد تصحيح الاختلالات والتأكد من ذلك بواسطة تقرير لجنة مختلطة، حيث أرجعت مصادر الأمر إلى أن قرارات الإغلاق هدفها الالتزام بالجودة والنظافة والصحة، وليس الإغلاق في حد ذاته الذي يتعارض مع أهداف التشغيل والتنمية السياحية وتشجيع الاستثمارات.

وفي موضوع ردع المخالفين نفسه، أوصى تقرير أمني أعده باشا مدينة المضيق، بسحب رخصة مشبوهة تم منحها من قبل رئيس الجماعة الحضرية لصالح سيدة مشهورة بتطوان، من أجل إقامة محل فخم للحلاقة والتجميل بساحل المضيق، حيث خرجت لجان مختلطة إلى عين المكان تضم ممثلين عن السلطات المحلية والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية ومندوبية السياحة، وأوصت بسحب الرخصة مع تكليف السلطات المحلية بالمضيق بتنفيذ القرار.

 

الأسعار.. زيادات مستفزة

من المشاكل التي تسيء للوجه السياحي بمدن الشمال، قيام العديد من ملاك المقاهي والمطاعم والأكلات السريعة، بالرفع من الأسعار بشكل وصفه المصطافون بالمستفز، بمجرد تسجيل الاكتظاظ وارتفاع الطلب، خاصة خلال الذروة السياحية طيلة شهر غشت، وخروج أغلب الموظفين والعمال لقضاء العطلة الصيفية.

وفي إطار بحثها في الموضوع، سجلت «الأخبار» رفع عدد من ملاك المقاهي والمطاعم بمدن الشمال للأسعار بمبرر الصيف، فضلا عن قيام بعض المصطافين بنشر فواتير صاروخية على المواقع الاجتماعية ومقارنتها بمناطق سياحية أخرى، حيث يستمر الجدل بين تحرير الأسعار وحرية الزبون في الاختيار حسب قدرته الشرائية، والحد الأدنى من عدم استغلال الذروة ووضع أثمان في المتناول لتشجيع السياحة.

ويرى العديد من أرباب المقاهي والمطاعم بالشمال، أن الرفع من الأسعار صيفا، لا يتجاوز دراهم معدودة بالنسبة لتناول القهوة أو الشاي ومشروبات أخرى، وزيادات أخرى في المطاعم تبقى بحسبهم مقبولة، في ظل المعاناة مع الركود الاقتصادي لباقي شهور السنة، وتحمل مصاريف أجور العمال والكراء والضرائب وفواتير استهلاك الماء والكهرباء.

وعلى الرغم من البنيات التحتية وفتح الطرق وتجهيز الكورنيشات بمدن الشمال، إلا أن ارتفاع عدد الزوار والسياح سنة بعد أخرى، يتطلب من القطاعات الحكومية المعنية مواصلة تنفيذ مشاريع أخرى لاستيعاب العدد المتزايد من السياح، فضلا عن تشييد فنادق وإقامات سياحية من درجات مختلفة، واستنفار المجالس الجماعية لتواكب المشاريع الملكية وتحقيق أهداف التنمية والتشغيل، خارج الحسابات الضيقة، وضرورة تسريع هيكلة القطاعات لاستفادة خزينة الدولة من الضرائب، ومن ثم تنفيذ مشاريع تنموية ضرورية لتحقيق التقدم والازدهار والخروج من نفق السياحة الموسمية إلى السياحة الدائمة على مدار السنة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى