افتتاحية
تعيش الأحزاب السياسية على إيقاع سباق البحث عن المرشحين خلال الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، سباق لا يخلو من استعمال كل الأسلحة المشروعة وغير المشروعة من سرقة ودسائس ومكر ومساومة، في حين أن الغائب الأكبر هو هوس ربح المقعد البرلماني من الحزب المحتضن والرغبة في الحصول على التزكية للانتخابات من المرشح الذي أغلقت عليه في حزبه الأصلي.
الخطير على سمعة السياسة والسياسيين ليس في عملية البحث عن قيادات جديدة فهذا من صميم العمل الحزبي، وليس في حرب التزكيات بين المناضلين داخل نفس الحزب فهذا فعل معتاد في المشهد السياسي مع اقتراب كل لحظة انتخابية، ولا في مشاكل انتقاء المرشحين وهيمنة الأمين العام على العملية دون معايير واضحة وهو أمر يحصل دائما، بل أن الخطير هو تواتر ظواهر الترحال السياسي، وتحويل ما قبل الانتخابات الى ما يشبه سوق لانتقالات اللاعبين السياسيين.
وعلى الرغم من أن لكل مواطن كامل الحرية في الانتماء للإطار السياسي الذي يراه مناسبا، إلا أن الأمر أصبح يتخذ أبعادا خطيرة ومسيئة للعمل السياسي وتحول إلى ما يشبه السياحة الانتخابية حيث يقصد خلالها الأعيان وجهات سياسية للإقامة لولاية انتخابية قبل تحويل الوجهة السياحية على حزب آخر خلال محطة أخرى. وإذا كان الدستور قد حد من الترحال البعدي الذي يأتي بعد ظهور نتائج الاقتراع، فإن الترحال السياسي الذي يسبق الانتخابات أصبح بالنسبة لبعض سماسرة الانتخابات مهنة يمارسونها باستمرار وينتقلون من حزب إلى آخر دون أدنى حرج مما أصبح يعمق حالة من عدم ثقة المغاربة في الفاعلين السياسيين ويصيب السياسة بجروح خطيرة.
المفارقة في هذه الظاهرة السيئة أن الرحل اختاروا الانتقال من إيديولوجية إلى نقيضها، ومن لون سياسي إلى آخر، ومن الأغلبية الحالية إلى المعارضة، دون إجراء المراجعة سياسية المطلوبة التي قد تفسر اختياراتهم الجديدة وكأن كل الأحزاب السياسية متطابقة وبدون أي نوع من الاختلاف. للأسف رغم التوافقات التي تعقدها الأحزاب لمنع سرقة المرشحين أو إغرائهم إلا أن هاته الظاهرة السياحة السياسية استفحلت أصبحت تتجاوز تحكم الأحزاب والأخلاق والقانون.