أكدت مصادر موثوق بها أن هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية بالرباط أدانت، بداية الأسبوع الجاري، محاميا من هيئة الرباط بخمس سنوات سجنا، بعد تورطه في قضية نصب وصفت بالخطيرة وغير المسبوقة، رفقة عشيقته ووسيط أدانتهما المحكمة أيضا بعقوبة حبسية نافذة، بلغت في مجموعها 6 سنوات، وزعت عليهما بالتساوي.
وتعود وقائع هذه الفضيحة المدوية التي وظف فيها اسم الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية، محمد عبد النباوي، من طرف المحامي المتهم، إلى الأسبوع الأخير من شهر غشت الماضي، بعد أن ابتز عائلتين ثريتين بطنجة، وأوهمهما بتدخله لدى المسؤول القضائي الكبير، من أجل إطلاق سراح ابنيهما المدانين بعقوبتين سجنيتين كبيرتين، بعد تورطهما في جرائم ثقيلة، قبل أن تأخذ القضية والأحكام مجراها الطبيعي ويفتضح سيناريو النصب، ما دفع العائلتين إلى رفع شكاية ضده وجره إلى السجن والمتابعة.
تفاصيل الواقعة، تفيد بأن محاميا شابا ينتمي إلى هيئة الرباط، عرض العائلتين لعملية نصب واحتيال جد خطيرة، حيث تعهد بالتدخل لدى جهة قضائية رفيعة المستوى بالعاصمة الرباط، للإفراج عن شابين متابعين بمحكمة الاستئناف بطنجة في قضايا إجرامية متعددة، مقابل تسلمه مبلغا ماليا كبيرا ناهز 45 مليون سنتيم عن كل متهم.
وتؤكد معطيات الملف أن النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالرباط تفاعلت بالسرعة والجدية اللازمتين مع شكاية الأسرتين، اللتين تعرضتا لعملية النصب من طرف المحامي وعشيقته وأحد الوسطاء، حيث أمرت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بفتح تحقيق عاجل في الموضوع، أفرز معطيات صادمة تتعلق بالسيناريو الخطير الذي اعتمده المحامي وعشيقته والسمسار للسطو على مبلغ مالي قدر بحوالي 90 مليون سنتيم، حيث أحيلوا، بداية شتنبر الماضي على وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بالرباط، الذي استمع إليهم، قبل إحالتهم على قاضي التحقيق، الذي قرر إيداعهم السجن ومتابعتهم في وضعية اعتقال، مع رفض طلب السراح المؤقت الذي تقدم به دفاع المحامي.
وفي تفاصيل مرتبطة بهذه الفضيحة التي هزت الوسط القضائي وهيئة المحامين بالرباط، أفادت مصادر «الأخبار» أن الأسرتين المعنيتين تقدمتا بشكاية رسمية إلى النيابة العامة بالرباط ضد المحامي، بعد أن فقدتا الأمل في وعوده، وإدانة الشابين المعتقلين، موضوع الصفقة، ابتدائيا واستئنافيا بعقوبتين سجنيتين قاسيتين مطابقتين لخطورة التهم المنسوبة إليهما، وتفيد معطيات الملف بأن المحامي تسلم مبلغ 90 مليون سنتيم من الأسرتين بمواقع موزعة بين طنجة والرباط، متعهدا برفع الطلب إلى الرئيس المنتدب للسلطة القضائية عبد النباوي، للتدخل والإفراج عنهما وعدم إدانتهما، مدعيا بكثير من الجرأة والخطورة أنه صديق له.
وبمجرد أن فطنت الأسرتين إلى عملية النصب مع توالي الأحكام الابتدائية والاستئنافية، واجهتا المحامي بتهديدات مباشرة بفضح المستور، اعتمادا على التسجيلات الخطيرة التي تتوفران عليها ووصولات التحويلات المالية، قبل أن يجدد المحامي المناورة، ويقدم على استدعائهما إلى الرباط من أجل لقاء الرئيس المنتدب للسلطة القضائية شخصيا، وهي المبادرة التي شكلت منعطفا خطيرا في مسلسل النصب، بعد أن حلت الأسرتان المعنيتان بالعاصمة الرباط، ووجدتا في استقبالهما بأحد المقاهي المحامي وعشيقته التي قدمها كزوجة والي وجدة السابق، والكاتبة الخاصة للرئيس المنتدب عبد النباوي، وأكد أن هذا الأخير انتدبها شخصيا لتنوب عنه في طمأنة الأسرتين على مصير ابنيهما المعتقلين بطنجة.
العشيقة التي أدانتها المحكمة بثلاث سنوات حبسا نافذا، كانت قد انطلقت منها الأبحاث، حيث اعترفت بكل التفاصيل، وأقرت بأنها كانت تؤدي أدوارا محددة في هذا السيناريو، بناء على توجيهات مخرجه، وهو من أوحى لها بانتحال صفة كاتبة خاصة لعبد النباوي وزوجة والي وجدة السابق، وقد توبعت بتهمة المشاركة في جناية النصب والاحتيال، وهي التهمة نفسها التي وجهتها المحكمة إلى الوسيط،الذي أدين أيضا بثلاث سنوات حبسا نافذا.