مصطفى عفيف
في تطورات جديدة للحريق الذي اندلع، ليلة السبت الماضي، بعشرة محلات تجارية عبارة عن «براريك قصديرية» بسوق الفتح المعروف بـ«ماكرو» بحي البطوار بسطات، والذي تسبب في إلحاق خسائر مادية كبيرة بأزيد من 10 محلات تجارية دون أن يخلف أي ضحايا بشرية، خرج عدد من أصحاب تلك المحلات، أول أمس الأحد، للاحتجاج على المجلس الجماعي والسلطة الإقليمية ومؤسسة العمران، بسبب ما أسموه التلاعب بمصير عدد من التجار الذين كان حلمهم تأهيل مشاريعهم التجارية، قبل أن يتبخر المشروع ويتحول إلى أطلال مسيجة من قبل الشركة المكلفة بإنجاز الصفقة.
وبعدما التهمت النيران جزءا كبيرا من محلات التجار، بعضها مخصص لبيع الملابس، عادت أجواء الاحتقان في صفوفهم من جديد، بسبب تكرار مسلسل الحرائق بأكبر سوق على مستوى إقليم سطات، والذي يقصده المواطنون من مختلف أحياء المدينة وضواحيها.
ويندد التجار المتضررون باستمرار الوضعية العشوائية التي يعانون منها منذ عدة سنوات، مشيرين، في اتصال مع «الأخبار»، إلى أنهم، بعدما استبشروا خيرا مع انطلاق عملية إنجاز مشروع تأهيل السوق المذكور، الذي كانوا يعولون على الانتقال إليه وترك المحلات الصفيحية، فوجئوا بتوقف الأشغال وإغلاق المقاولة المكلفة البناية التي تحتضن عددا من المحلات دون إتمام المشروع.
وقال التجار إن البناية الجديدة لسوق الفتح تحولت إلى أطلال مهجورة نتيجة لما وصفوه بغياب المجلس البلدي والسلطات الإقليمية ومؤسسة العمران، التي تسلمت الملايين من عشرات المستفيدين المفترضين من المحلات التجارية للسوق، الذي تأخر إنهاؤه دون أن تكشف الشركة ولا الجماعة للرأي العام أسباب هذا التوقف المفاجئ.
وأكدت مصادر مطلعة أن عامل الإقليم كان قد دخل على الخط، بعد سلسلة من الاحتجاجات التي قام بها التجار، لإلزام الجماعة والشركة بإيجاد حل بعد التوقف المباغت لأشغال بناء محلات نموذجية بالسوق المذكور، مشيرة إلى أن ثمة تخوفات من تبخر أحلام التجار الذين ضخوا مبالغ بملايين السنتيمات من أجل اقتناء محلات تجارية بالسوق الجديد بدلا من المحلات العشوائية المعرضة للسرقة والحرائق، والتي ظلت تسيء إلى صورة المدينة منذ أزيد من عقد من الزمن.
وأوضحت المصادر أن لجنة داخل جماعة سطات اشتغلت على مقترحات لصيغ ملائمة لرفعها إلى عمالة الإقليم، لإخراج مشروع سوق «الفتح – ماكرو» من النفق المسدود، بعدما تخلت شركة العمران وباقي الشركاء عن التزاماتهم في تحقيق حلم أزيد من 700 تاجر بخصوص مشروع تأهيل هذا المرفق التجاري، الذي كان محددا أن يرى النور سنة 2018 وفق اتفاقية الشراكة المبرمة بين الشركة والمجلس الجماعي، قبل أن تضيف الشركة المكلفة بالمشروع ملحق اتفاقية جديدا سنة 2017.
يذكر أن نسبة الإنجاز لم تتجاوز لحد الساعة 70 في المئة، والتي همت فقط الشطرين الأول والثاني، قبل أن يتوقف إتمام المشروع، في وقت تحججت مؤسسة العمران، بشأن سبب فشل المشروع، بتوقف بيع «محلات الموازنة» بفعل جائحة كورونا، وكذا تقاعس المجلس في أداء ما هو متفق عليه وفق اتفاقية الشراكة في ما يتعلق بالاعتمادات المالية.
وفي ظل الحديث عن اللجوء إلى تفويت إتمام المشروع إلى مستثمرين خواص، مقابل الحصول على جزء من العقار الذي أقيم عليه السوق، يتساءل التجار عن مآل المشروع الذي كان موضوع اتفاقية شراكة تتعلق بتمويل وبناء مركب تجاري (سوق الفتح) بمدينة سطات 2016-2018، والتي (تتوفر الجريدة على نسخة منها)، والمبرمة بين عمالة إقليم سطات والمجلس الجماعي للمدينة وشركة العمران الدار البيضاء، تهدف إلى إنجاز سوق نموذجي مكون من 1244 محلا تجاريا فوق قطعة مساحتها الإجمالية حوالي هكتارين مجاورين للملعب البلدي بوسط المدينة.
وكشف الحريق، الذي اندلع بالمحلات القصديرية، التي تحولت إلى مجمع صفيحي بين البناية التي خصصت لمشروع السوق والملعب البلدي بسطات، عن فضيحة تفريخ محلات عشوائية جل أصحابها يقدمون خدمات حزبية لمدبري الشأن المحلي، في ظل صمت المجلس البلدي والسلطات المحلية التي لم تتحرك لوقف تفريخ تلك المحلات.