شوف تشوف

الرأي

إسرائيل بلا التزام أخلاقي حيال اللاجئين

أنطوان شلحت

لمحت تقارير إعلامية جديدة إلى أن سلطة السكان والهجرة الإسرائيلية صعدت في الفترة الحالية، عملية طرد مهاجري العمل وأسرهم، تحت وطأة أزمة جائحة كورونا، من دون حتى إتاحة إمكان تقديم طلبات استئناف على الطرد إلى المحكمة. وعملية الطرد هذه جارية على قدم وساق، منذ أعوام، وفقا لخطط أقرتها الحكومة الإسرائيلية، رافقتها تصريحات تسويغية لمسؤولين إسرائيليين، في طليعتهم رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بينها أنهم «يشكلون خطرا على الطابع اليهودي للدولة». وبموازاتها، يتهم هؤلاء المسؤولون ناشطين إسرائيليين يعملون على مساعدة هؤلاء المهاجرين بأنهم «ينتمون إلى اليسار الراديكالي، ويسعون إلى إقامة دولة ثنائية القومية أو دولة جميع مواطنيها، وتقويض أسس الدولة اليهودية الصهيونية!».
يحضر في هذا الاتهام أحد أسس الدولة الصهيونية الذي يجعل ممارسات الحاضر تلتقي مع مثيلتها في ماضيها كله؛ أساس فقدان التمسك بأي التزام أخلاقي تجاه اللاجئين أو المهاجرين من أي بقعة في العالم، لأسباب ليست خافية على أحد، مرتبطة بقيام هذه الدولة من خلال إحدى أفظع قضايا اللاجئين في العصر الحديث.
ومنذ أن تفجرت قبل عدة أعوام قضية مهاجري العمل، أو طالبي اللجوء، ومعظمهم قادم من إريتريا والسودان، هربا من القمع والحروب الأهلية والعبودية والتعذيب والملاحقة على خلفية دينية والقتل على خلفية إثنية، أشارت معطيات صادرة عن الفرع الإسرائيلي لمنظمة العفو الدولية (أمنستي)، إلى أن الغالبية العظمى منهم تهربت من أوطانها، من دون أن تكون لديها رغبة واضحة في الوصول إلى إسرائيل. وتزج السلطات الإسرائيلية كثيرين منهم في «معسكرات شحيحة الطعام والعلاج الصحي، والأهم من ذلك أنه في أحيان كثيرة، ليس ثمة التزام في هذه المعسكرات بميثاق حقوق الإنسان، وهم معرضون هناك لمخاطر كالتي سببت هروبهم من أوطانهم»، على ما جاء في تقرير المنظمة.
قد يقتضي موضوع حقوق الإنسان أن يشار إلى أن ميثاق مكانة اللاجئين الذي اعتمد عام 1951، جاء من بين أمور أخرى، بهدف الاستجابة لمشكلات ملايين البشر الذين تحولوا إلى لاجئين نتيجة «فظائع الهولوكوست والحرب العالمية الثانية». وبموجب «أمنستي»، كانت «إسرائيل الدولة الخامسة التي وقعت الميثاق في 1954، وكانت داعمة مهمة، عندما ناضلت ضد معظم الدول من أجل منح حقوق واسعة وكثيرة للاجئين وطالبي اللجوء. لكن بعد مرور أكثر من 65 عاما على توقيعها ذاك، لم ترس في قوانينها ما يتوجب عليها تجاه هؤلاء اللاجئين، وإزاء ما يتعلق بمسؤوليتها عن تزويدهم بملجأ مناسب، وحقوق تضمن حياة كريمة لهم».
ويمكن الاستئناس بتقارير محلية ما انفكت تؤكد أن إسرائيل بزت قريناتها من الدول الغربية التي يحلـو لها أن تتشبه بها، صباح مساء، في كل ما يتعلق بالتعامل مع اللاجئين الباحثين عن عمل، فبينما تطرد هذه الدول لاجئين، رُفض طلبهم الحصول على ملجأ فيها، فقط بعد إجراء قانوني شفاف، يكون في بعضها مصحوبا بمساعدة قانونية تمولها الدولة المضيفة، تطردهم إسرائيل من دون أن تفحص نهائيا طلبات لجوئهم، بما يتناقض مع نصوص ميثاق اللاجئين الدولي الموقعة عليه. وربما هي الدولة الوحيدة في العالم التي ترفض أن تمنح مكانة لاجئ لأي كان، كذلك فإنها غير مستعدة على الإطلاق لتحديد أي سقف يتعلق بعدد اللاجئين الذين يمكنهم العيش فيها. واللغة التي يستخدمها صناع القرار في إسرائيل، لدى الحديث عن هؤلاء اللاجئين، تنزع عنهم إنسانيتهم، وتصورهم تهديدا، فهؤلاء الناس الذين لاذوا بالفرار من آثام، مثل إبادة جماعية، أو من خدمة عسكرية في ظروف أشبه بالعبودية، يوصفون بأنهم «غزاة» و«أعداء» و«سرطان» و«قنبلة موقوتة» و«تهديد وجودي». ويتسلح التحريض عليهم الذي يؤججه مسؤولون ووسائل إعلام وأوساط عديدة أخرى، بخمسة ادعاءات مركزية، الادعاء الرئيس بينها أنهم ليسوا لاجئين، ومن ثم ترد باقي الادعاءات وفحواها أنهم مجرمون، ومصدر لنشر الأوبئة والأمراض، وتهديد ديموغرافي، وتهديد أمني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى