إسبانيا والمغرب: صفحة جديدة
بات المغرب وإسبانيا قاب قوسين أو أدنى من عودة العلاقات الثنائية إلى أفضل من سابق عهدها، وذلك بعد أشهر من الشد والجذب على المستوى الرسمي. وبدت ملامح عودة العلاقات الرسمية بين الرباط ومدريد واضحة للعيان مباشرة بعد رسالة رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الموجهة إلى الملك محمد السادس والمؤرخة في 14 مارس الماضي، والتي اعتبر فيها أن الاقتراح المغربي للحكم الذاتي، الذي قدم في عام 2007، هو الأساس الأكثر جدية ومصداقية وواقعية لحل هذا النزاع، مؤكدا أن العلاقة الجديدة تقوم على الشفافية والتواصل الدائم والاحترام المتبادل والالتزام بالاتفاقيات الموقعة بين الطرفين.
هذه الرسالة الدافئة ديبلوماسيا، كانت تستوجب رد التحية بأحسن منها، من ملكية مؤمنة بسياسة مد اليد مع الخصوم فما بالك مع دولة جارة تريد طي صفحة الماضي. جواب الملك محمد السادس لم يتأخر كثيرا فبعد موافقته على عودة سفيرة المغرب، وجه دعوة ملكية رفيعة المستوى إلى رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز لزيارة المغرب خلال الأيام القليلة القادمة، في دلالة واضحة على بدء صفحة جديدة في علاقات البلدين التي مرت بأزمة غير مسبوقة خلال الأشهر الماضية. أكثر من ذلك، فقد وجه الملك تعليمات إلى مختلف الوزراء والمسؤولين لتفعيل أنشطة ملموسة في إطار خريطة طريق طموحة تغطي جميع قطاعات الشراكة، وتشمل كل القضايا ذات الاهتمام المشترك.
الأكيد أن هناك خطوات جادة متبادلة ورغبة مشتركة لتعزيز التعاون بين البلدَين تضمن أمن واستقرار وازدهار منطقة حوض المتوسط، وهو مسار طبيعي ناجم عن الرغبة الصادقة في طي صفحة الماضي، وتجاوز نقاط الخلاف والتطلع إلى الأمام، في إطار مرحلة جديدة، قائمة على الاحترام المتبادل، والثقة المتبادلة، والتشاور الدائم والتعاون الصريح والصادق.
إن التكامل والعمل المشترك بين المغرب بثقله الإفريقي وأهميته الاستراتيجية والأمنية ومحوريته في منطقة جنوب المتوسط، مع الجارة الإسبانية بموقعها الأوربي شمال المتوسط، وحجمها داخل الاتحاد الأوربي وموقفها الإيجابي المحايد والنزيه من وحدتنا هو في صالح الدولتين والمنطقة والعالم بأسره.
كل شيء إذن يدل على أننا بصدد صفحة جديدة تماما في علاقات البلدين، قوامها التفاهم المشترك، والحوار لحل مختلف القضايا، فضلا عن التنسيق والتشاور، في ما يتصل بشتى القضايا الإقليمية والدولية، وبما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، وهذا يعني أن علاقات الأمس ليست هي علاقات اليوم وغدا.