شوف تشوف

الرأي

إخواننا الصينيون

يونس جنوحي
الصين تقلص سنة بعد أخرى الفارق الذي يفصلها عن صدارة لائحة أقوى أداء اقتصادي في العالم. رغم أنها لم تبدأ السباق باكرا إلا أنها طوت الزمن وقطعت أشواطا قياسية لكي تصبح ما هي عليه اليوم رغم التقارير التي تشتكي من رداءة المنتوجات الصينية والسرقة الفكرية وعدم ملاءمة شروط السلامة والجودة.
لدينا في المغرب تجمع كبير لرجال الأعمال الصينيين الذين يتسابقون على الاستثمار في شمال إفريقيا، وهناك شراكات حكومية أيضا في مجال التبادل التجاري وحتى في استثمارات أخرى تتعلق بالصناعات الذكية. ولسنا وحدنا من نلجأ إلى الصينيين في هذا النوع من الخدمات، فالولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر أقوى اقتصاد عالمي، تلجأ بدورها إلى الصناعة الصينية لتلبية الطلب في مجالات تتعلق بالاتصالات والصناعات الذكية.
في شفشاون، وفي مناطق أخرى، خصوصا بين ميدلت وفاس عبر الراشيدية، هناك خط سياحي سنوي ينشط في فصل الشتاء، يشكل قبلة للسياح الصينيين، حتى أن بعض أطفال المناطق النائية تعلموا كيف يطلبون من السياح الصينيين منحهم المال مقابل التقاط الصور معهم، وباللغة الصينية. وإذا لم تصدقوا هذا الأمر توجهوا إلى قصبة من القصبات وسترون كيف أن أطفال بعض القرى السياحية يُتقنون أصول التواصل مع الأجانب وقد يلقون النكات بأكثر من لغة مقابل الحصول على أوراق مالية بالعملة الصعبة وليس بالدرهم.
قضينا أزيد من عشرين سنة ونحن نشاهد الصينيين يقتحمون السوق المغربية، وبدل دراسة الوضع، شرع المغاربة في إطلاق النكات عن اكتساح الصينيين لدرب عمر، وإغراقهم محلاته بمنتجات صينية وأخرى مغربية مصنوعة في الصين، حتى أن الصينيين أصبحوا ينافسون الصناع المحليين في فاس على صناعة البلغة، ويبيعون الجلابيب وسجادات الصلاة أكثر مما يبيعها المغاربة وبفارق كبير في السعر.
هناك جالية مغربية مقيمة بالصين، ورواج ثقافي أيضا في صفوف الشباب، إذ لوحظ إقبال في المدن المغربية الكبرى على تعلم اللغة الصينية، حيث يتجه عدد من الشبان المغاربة إلى تعلم اللغة الصينية لكي يعززوا حظوظهم في العمل لدى شركات صينية بالمغرب وأيضا لدى شركات مغربية تعمل مباشرة مع السوق الصينية.
يحدث كل هذا في وقت تهاجم فيه دول أوربية الحكومة الصينية وتتهمها بخرق معاهدات تجارية واتفاقيات دولية، وتلقي عليها باللوم في مسألة التلوث والتأثير على المناخ، وارتفاع حجم الاستهلاك بحكم الكثافة السكانية الكبيرة في الصين. بالإضافة إلى انتقادات للصين بسبب ملفات حقوق الإنسان وتنفيذ أحكام الإعدام وانتشار منظمات دولية غير شرعية ومافيات تتحكم في اقتصاد شركات عالمية كبرى.
الرئيس الأمريكي الحالي، دونالد ترامب، كسب جزءا من حربه الانتخابية بفتح النار على الاقتصاد الصيني وتهديده بفرض عقوبات على الصين، لكن الاقتصاد الصيني استمر في تحقيق أكبر الأرباح من خلال صفقات التبادلات الدولية رغم الخسائر التي لحقته بسبب إعادة شحنات مهمة من السلع الموجهة لأوربا بسبب عدم ملاءمتها لشروط السلامة الدولية.
أما عندنا نحن، فالله وحده يعلم ماذا يأكل المغاربة، خصوصا في المدن الكبرى التي تصادر فيها اللحوم والمواد الغذائية الفاسدة، ورغم شكايات المواطنين المتكررة وبلاغات جامعة وجمعيات حماية المستهلك ونشرها لوثائق تكشف أضرار بعض المنتجات المحلية والمستوردة، على صحة المغاربة، فإن السوق المغربي لا يزال مفتوحا على كل شيء.. على الصين والسند، حتى أن صينيين تزوجوا من مغربيات، وصينيات جئن إلى المغرب عبر الطائرة وقطعن نصف الكرة الأرضية لكي يتجولن بين شوارع الدار البيضاء لبيع شواحن الهواتف النقالة. وإذا لم تصدقوا هذا الأمر، افتحوا عيونكم في الشوارع وسترون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى