محمد اليوبي :
أفادت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» بأنه بعد «زلزال» الاعتقالات الذي ضرب جماعة فاس، هناك دفعة جديدة للمنتخبين الجماعيين ورؤساء الجماعات سيحالون على القضاء في الأيام المقبلة، إثر رصد اختلالات مالية وإدارية خطيرة من طرف أجهزة الرقابة، كانت موضوع تقارير سوداء أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، والمجالس الجهوية للحسابات.
وكانت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، قد أكدت خلال عرضها لتقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021، في جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين، أن الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات أحال خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى غاية 28 أبريل 2023، على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، 18 ملفا تتضمن أفعالا واختلالات تكتسي طابعا جنائيا، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها وفق المساطر الجاري بها العمل، من بينها 14 ملفا تخص جماعات ترابية موزعة على 10 جهات.
وأفادت المصادر بأن الفرقة الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية والاقتصادية بولايات أمن الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش، وكذلك الفرق الجهوية للدرك الملكي، قد أنهت أبحاثها بخصوص العديد من الملفات التي أحيلت على النيابة العامة المختصة في جرائم الأموال، ومن المنتظر أن تتخذ بشأنها قرارات بمتابعة المشتبه فيهم وإحالتهم على المحاكم، فيما ما زالت الأبحاث جارية بخصوص ملفات أخرى، بعضها يخص نوابا ومستشارين برلمانيين.
وسجلت تقارير الافتحاص وجود اختلالات في تدبير الصفقات العمومية، تتجلى في إقصاء متنافسين بدون مبرر، ومنح صفقات أشغال لمقاولات مراجعها التقنية غير كافية، والأداء مقابل أشغال غير مطابقة للشروط المطلوبة، وعدم تطبيق الغرامات في حق المقاولات التي لا تحترم التزاماتها التعاقدية، وظهور عيوب في الأشغال المنجزة والمستلمة. كما سجلت التقارير اختلالات في تدبير سندات الطلب، من خلال إسناد سندات الطلب لشركات بعينها، والإشهاد على تنفيذ الخدمة قبل الالتزام بالنفقات وقبل الإنجاز الفعلي لها، وعدم استرداد المبالغ المترتبة عن الفارق المسجل في برنامج الاستثمار غير المنجز من طرف الشركة المفوض إليها تدبير قطاع النظافة.
ويعرف تسيير قطاع التعمير مجموعة من الاختلالات تتعلق، خصوصا بعدم احترام الضوابط القانونية والتنظيمية المعمول بها في هذا الميدان، ويمكن إجمال أهم الملاحظات المسجلة من طرف لجان التفتيش في منح رخص بناء انفرادية، دون عرض ملفاتها على اللجنة الإقليمية للتعمير، ودون الأخذ برأي الوكالة الحضرية، وتسليم أذونات تقسيم دون عرض ملفاتها على لجنة التعمير، ومنح شهادات إدارية تفيد بأن بعض عمليات البيع والتقسيم غير خاضعة للقانون رقم 25.90 المتعلق بالتعمير، والحال أن هذه العمليات تستدعي الحصول على إذن بالتجزيء أو التقسيم، والتسلم المؤقت لأشغال التجزئات العقارية، رغم رفض لجنة التسلم، وتسليم رخص إصلاح تستغل في إنجاز أشغال بناء، وتسلیم شهادات إدارية للربط بالكهرباء بدل رخص السكن وشهادات المطابقة، وتسلیم شهادات مطابقة من طرف مهندسين معماريين بخصوص بنايات لم تنته بها الأشغال، أو تم إنجازها بشكل مخالف للتصاميم المرخصة. كما رصدت المفتشية العامة للداخلية، وجود تعثر في إنجاز مشاريع وتجزئات سكنية، وحالة التعثر والجمود التي تعرفها بعض المجالس، وكذلك تسجيل خروقات واختلالات في تدبير ملفات التعمير والبنايات ذات الصبغة التاريخية والمعمارية.
ومن بين الاختلالات، عدم فرض وتحصيل الرسوم والواجبات المستحقة، وأكد التقرير أن عدة جماعات تعاني من قصور في فرض واستخلاص رسوم وواجبات مستحقة لفائدتها، حيث تم الوقوف، في العديد من الحالات، على عدم فرض استخلاص معظم الرسوم والواجبات المستحقة للجماعات، كالرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، وواجبات التعويض عن الاحتلال غير القانوني للملك العمومي، والرسم على النقل العمومي للمسافرين، وكذا الجزاءات عن عدم التصريح بالتأسيس، والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، والرسم المفروض على محال بيع المشروبات، والرسم على الذبح في المجازر والرسم على عمليات البناء، …إلخ. كما لوحظ أن عددا كبيرا من مكتري المحلات التجارية والدور السكنية الجماعية لا يؤدون الواجبات المستحقة عليهم لفائدة الجماعات المعنية، وبالمقابل لم تقم هذه الأخيرة باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المتقاعسين من الملزمين، من أجل استيفاء تلك المستحقات، ما ينتج عنه تقادم العديد من المداخيل الجماعية.
وبخصوص الإجراءات المتخذة، فإن الإجراءات والتدابير تختلف حسب طبيعة الخروقات المرتكبة، فمنها ما يكتسي طابعا تقويميا أو تأديبيا، ومنها ما يتم إحالته على السلطات القضائية المختصة، أما بالنسبة إلى الاختلالات التي لا تكتسي طابع الجسامة، والتي ليس لها وقع على مالية الجماعة وعلى الخدمة الموجهة إلى المواطن، والتي يمكن تجاوزها باتخاذ بعض الإجراءات التقويمية، حرصت لجان التفتيش على اقتراح مجموعة من التوصيات لتصحيح الاختلالات المسجلة وتسوية الوضعية، وكذا لتفادي تكرارها مستقبلا. وبخصوص الحالات التي يتم بشأنها تسجيل خروقات أو تجاوزات في ميدان التأديب المالي والمحاسباتي، فتتم الإحالة على المحاكم المالية المختصة، كما يتم تفعيل مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات، التي تنص على عزل رؤساء الجماعات والمنتخبين، كلما ثبت ارتكاب أفعال جسيمة مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو مخالفة لأخلاقيات المرفق العام أو تمس بمصالح الجماعة، في حين أن الأفعال ذات الصبغة الجنائية تتم إحالتها على السلطات القضائية المختصة.