أين اختفت 10 ملايير خصصها الشوباني لمواجهة تداعيات كورونا؟
بعد مرور شهر ونصف على إعلان الحبيب الشوباني، رئيس مجلس جهة درعة تافيلالت، عن تخصيص مبلغ 10 ملايير سنتيم لمواجهة تداعيات جائحة كورونا بالأقاليم الخمسة المشكلة للجهة، أكدت مصادر مطلعة أنه، إلى حدود اليوم، لم تصرف الجهة سنتيما واحدا من هذه الميزانية المعلنة، في حين سارع الشوباني إلى صرف تعويضاته وتعويضات نوابه بملايين السنتيمات.
الداخلية والمالية ترفضان
أفادت المصادر بأن مصالح وزارتي الداخلية والمالية رفضت التأشير على الميزانية التي أعلن عنها الشوباني، لأنها «مجرد فرقعة إعلامية تدخل في إطار المزايدات السياسية والمزايدات على السلطة». وأوضحت المصادر أنه لا يمكن للسلطة التأشير على ميزانية كلها خروقات قانونية، لأنه قام بمجموعة التحويلات داخل الجزء الثاني من الميزانية المخصصة للتجهيز، من أجل توفير مبلغ 10 ملايير سنتيم التي وعد بها سكان أقاليم الجهة. وأكدت المصادر أن هذه التحويلات لا علاقة لها بالقانون، لأن الجهة لا تتوفر على ميزانية معتمدة بموجب مقررات مصادق عليها من طرف المجلس، بسبب عدم انعقاد دورة أكتوبر، التي شهدت انقلاب الأغلبية على الشوباني، ولجأ هذا الأخير إلى تعليق الدورة دون التصويت على الميزانية، بعدما اندلع خلاف قانوني بينه وبين والي الجهة، يحضيه بوشعيب، حول شرعية حضور ثلاثة أعضاء من فريق حزب التجمع الوطني للأحرار، وأعلن الشوباني عن رفع الجلسة إلى حين التوصل لحل قانوني.
وحسب المصادر ذاتها، فإن مجلس الجهة لا يتوفر على ميزانية معتمدة، ويتوفر فقط على قرار تحكيمي من وزير الداخلية لصرف الجزء الأول من الميزانية ويخص نفقات التسيير، وبالتالي لا يمكنه التصرف في أي سنتيم من الجزء الثاني للميزانية المتعلق بنفقات التجهيز، ولا يسمح له القانون بالقيام بأي تحويل في هذا الجزء من الميزانية. وأشارت المصادر إلى أنه، بالإضافة إلى إدخال تعديلات على الميزانية بدون تداول، فقد خالف الشوباني كذلك دورية وزير الداخلية الصادرة بتاريخ 25 مارس بخصوص تحديد النفقات الإجبارية باتفاق مع والي الجهة.
ووجه الشوباني رسالة إلى والي الجهة بتاريخ 3 أبريل الماضي، يخبره من خلالها بتخصيص 100 مليون درهم للمساهمة في مواجهة التداعيات الصحية والاقتصادية والاجتماعية لجائحة كورونا بالجهة، مشيرا إلى التحويلات موضوع القرار رقم 01/2020 بتاريخ 2 أبريل، ويتعلق الأمر بمبلغ 45 مليون درهم، موزعة على 30 مليون درهم لاقتناء سيارات الإسعاف والتجهيزات الصحية الضرورية والسيارات المجهزة بآليات رش مواد التطهير، و10 ملايين درهم مخصصة لاقتناء لوحات إلكترونية لفائدة التلاميذ المعوزين للتعلم عن بعد، والعتاد التربوي، بالإضافة إلى خمسة ملايين لدعم المؤسسات السكنية بالجهة. أما بخصوص الاعتمادات الأخرى المرصودة، فقد حددها في 20 مليون درهم مخصصة لفائدة المقاولات، و10 ملايين دهم يتم تحويلها لفائدة مؤسسة التعاون الوطني، وخصص المبلغ نفسه لدعم التعاونيات، ثم 15 مليون درهم لدعم الأسر المعوزة بالمواد الغذائية.
وأكدت المصادر أن كل هذه القرارات مجرد فرقعة إعلامية، ولم ينفذ منها أي قرار، لأنها كلها مخالفة للقانون، ولا يمكن التأشير عليها من طرف السلطة ووزارة المالية، وبالتالي تطبيقها يعتبر من سابع المستحيلات، علما أن فائض ميزانية 2019 مازال لم يحول إلى ميزانية سنة 2020. وأوضحت المصادر أن هذه النفقات لا يمكن اعتبارها ضرورية بناء على دورية وزير الداخلية، باستثناء المعدات الطبية ومواد التعقيم. وتساءل مصدر مطلع بأية طريقة سيمنح مجلس الجهة إعانات مالية للمؤسسات السجنية والتعاون الوطني، وكذلك المنح المالية المخصصة للمقاولات والتعاونيات. وفي هذا الصدد، أكد المصدر أنها غير قانونية وليست من اختصاص مجلس الجهة، وبذلك يريد الشوباني توريط وزارة الداخلية وتسيير موضوع اعتراضه على صرف هذه النفقات من المال العام لفائدة تعاونيات أغلبها مرتبطة سياسيا ببعض الأحزاب. وحسب المصدر ذاته، فإن الشوباني كان يخطط لتمرير دعم مالي لفائدة المقاولات والتعاونيات في الدورة العادية للمجلس، لكنه فشل في ذلك، والآن يريد استغلال ظروف الأزمة الصحية لتمرير هذه القرارات وهو يعرف مسبقا من سيستفيد منها.
محاولة توريط الوالي
أوضحت المصادر أن الشوباني يحاول توريط الوالي والخازن الجهوي باتخاذ قرارات مخالفة للقانون، وهو يعرف مصيرها بالرفض من طرف السلطة وكذلك مصالح وزارة المالية المكلفة بالسهر على مراقبة صرف المال العام، حتى يستغل ذلك سياسيا، وشن هجوم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، على الوالي والخازن الجهوي، واتهامهما بالوقوف وراء «بلوكاج» المشاريع التنموية لفائدة الجهة، كما وقع سابقا عندما رفض الخازن الجهوي التأشير على قرارات مخالفة للقانون، وذلك في إطار ممارسة صلاحياته في مراقبة صرف المال العام.
وفي الوقت الذي يتساءل سكان الجهة عن مصير هذه المبالغ التي أعلن عنها الشوباني، سارع الأخير إلى التوقيع على صرف تعويضات ثلاثة من نوابه المتمردين عليه، بعدما رفض توقيعها منذ شهر أكتوبر 2019، وذلك للإفراج عن تعويضاته الشهرية وتعويضات نوابه الآخرين، التي رفض الخازن التأشير عليها منذ شهر يناير الماضي. وحصلت «الأخبار» على معطيات موثوقة، تفيد بأن الشوباني أرسل، خلال هذا الأسبوع، أوامر بأداء تعويضاته لمدة أربعة أشهر، بمجموع قدره 22 مليون سنتيم، بالإضافة إلى تعويضات باقي أعضاء المكتب ورؤساء اللجان ونوابهم.
وقرر الشوباني توقيف التعويضات عن ثلاثة من أعضاء مكتب مجلس الجهة منذ شهر أكتوبر 2019، ويتعلق الأمر بنائبه الأول مصطفى العمري، عن حزب التجمع الوطني للأحرار، ونائبه الخامس، فاضل فضيل، ونائبه السادس، عمر الزعيم، وكلاهما من حزب التقدم والاشتراكية، ودفع هذا القرار بالخازن الجهوي التابع لوزارة المالية، إلى التدخل لتطبيق القانون، وتوقيف جميع التعويضات المخولة للرئيس وباقي أعضاء مكتب مجلس الجهة ورؤساء اللجان الدائمة، وذلك منذ فاتح يناير الماضي إلى غاية الأسبوع الماضي، قبل أن يرفع الشوباني الراية البيضاء، وطلب من الخازن صرف تعويضاته وتعويضات باقي أعضاء المكتب. وأوضحت المصادر أن قرار الخازن الجهوي كان بتنسيق مع والي الجهة، لأن الأعضاء المعنيين الثلاثة يزاولون مهامهم ويتمتعون بكامل العضوية بمكتب مجلس الجهة، ولم تصدر في حقهم أي قرارات للإقالة، وفق المسطرة القانونية المعمول بها، كما أن القانون يخول تعويضات عن التمثيل وليس عن العمل لفائدة رئيس مجلس الجهة ونوابه، وكاتب المجلس ونائبه، ورؤساء اللجان الدائمة ونوابهم، وكذلك رؤساء الفرق.