شوف تشوف

الرئيسيةثقافة وفنحوار

أنا ضد التنمر بكل أشكاله وأبنائي هم أول من ينتقد أعمالي الفنية قبل المتفرج

غلطة العمر : حسن فولان (منتج وممثل)

حسن البصري:

كنت من أوائل المسرحيين الذين خلقوا شركة إنتاج، لكن مرت سنوات دون أن تشق الشركة طريقها.. أين يكمن الخلل؟

من عادتي أن أفكر طويلا، أنا أؤمن بالقول المأثور «أن أصل متأخرا أفضل من عدم الوصول»، لهذا أتأخر نسبيا في بعض القرارات وأستشير حتى لا أسقط في المحظور. في بداية عهدي بالإنتاج أخرجت إلى الوجود بعض الأعمال التي لازالت حاضرة في أذهان المغاربة، “زايد ناقض، كانوا هنا، المستضعفون”، وغيرها من الأعمال. لا تنس أن الإنتاج في نهاية التسعينات كان يتسم بالصعوبة، لكنني كنت دوما أطرح السؤال التالي:

هل أخطأت حين قررت الجمع بين التمثيل والإدارة؟

وهل أخطأت؟

لقد انتبهت إلى أن نجاح أي مقاولة سواء في الفن أو الاقتصاد أو الرياضة، لا يتطلب قياديا عركته المهنة فقط، بل يتطلب توزيع المهام على ذوي الاختصاص كل في مجاله، التقني والإداري والفني، وأنه لا يمكن لحسن فولان أن يلعب الدورين معا، لهذا أتحول إلى ممثل كباقي الممثلين مباشرة بعد بدء تصوير المشاهد.

 

تعتمد على عائلة فولان في كثير من أعمالك، ألا ترى أن هذا التوجه يحجب عنك رؤية الأمور بمنظور موضوعي حيث يغلب الجانب العائلي على الجانب الفني المهني؟

لا بالعكس تما ما لأننا نفرق بين العائلة والمهنة، أبنائي لا يترددون لحظة في انتقادي، إنهم يملكون من الجرأة ما يجعلهم يقولون «هذا عمل جيد وهذا عمل أقل جودة». داخل العائلة نتناقش دون حواجز إدارية دون رئيس ومرؤوس. لقد كبرنا وتقدم بنا العمر ولابد من ترك المجال للطاقات الشابة لتقول كلمتها.

 

«شوك الورد» تجربة فنية بطابع عائلي، ما تقييمك لعمل فني «عائلي»؟

هذا العمل هو تشخيص لقصة واقعية، والهدف منه التعريف بمعاناة مرضى الزهايمر، ربما لأول مرة يكون هذا المرض موضوعا لعمل فني. قررت رفقة ابنتي سهام معالجة مرض الزهايمر في عمل فني، خاصة وأنني عشته مع والدتي التي عانت الكثير مع هذا الداء، ما جعلني أتعرف على أدق تفاصيل هذا المرض، وحين قررنا تنفيذ فكرة هذا العمل، أسندت دور البطولة لابني المهدي الذي عايش بدوره قصة وجود شخص يعاني من الزهايمر في البيت. فكرنا في المخرج مراد الخوضي لأنه قريب من العائلة، وأعتبره ابني الثاني، ولأن مراد أيضا عاش هذا الوضع مع خاله. إذن «شوك الورد» فرض علينا الاعتماد على سلالة فولان. علما أن الفيلم يتناول قصة إنسانية من خلال تسليط الضوء على مرضى الزهايمر مع معاناتهم من مضاعفاته وما يترتب عن ذلك من مجموعة من الحالات و التداعيات الخطيرة، كما يتطرق السيناريو لمواقف إنسانية، حيث يجد الكثير من الأشخاص أنفسهم أمام اختبار صعب حول الاختيار بين المبادئ أو المصالح في إطار الصراع الأبدي بين الخير والشر.

 

ولكن البعض يقولون إن فولان يشغل أبناءه ويعطي الأولوية لعائلته في تقمص الأدوار..

دعهم يقولون ما يريدون أو ما بدا لهم، أنا لا أومن بالتنمر ولا أبالي لمن يتمسك بالقشور ولا يناقش عمق الأشياء. فالبعض للأسف ينتقد العمل الإبداعي لمجرد وجود ابنك أو شقيقك أو شخص من عائلتك، وكأن أفراد العائلة ممنوعون من العمل فقط لأنهم يحملون اسم فولان، هذا غلط شائع ليس فقط في المجال الفني بل في مجالات إبداعية عديدة، حتى في كرة القدم يجد المدرب إحراجا في إشراك ابنه في التشكيلة لأنه يعلم مسبقا ردود الفعل، وحتى ولو أن الابن موهبة خارقة للعادة. أنا أومن بأن النقد والنقاش من أسباب النجاح، ولا يمكن أن تكون جميع الأشياء جيدة في عمل ما، والكمال لله عز وجل، والإنسان لا بد له أن يخطئ، ومن الصعب أن نكون صائبين بشكل مطلق، والنقد لا يهدم خصوصا إن كان بناء، وهنا أستحضر المثل الشعبي «ما كتصبن غير الحوايج لي كتبغي».

 

تضطر للقيام بخرجات إعلامية للدفاع عن ابنك المهدي في بعض القضايا التي تشغل بال الرأي العام الفني، فتجد نفسك في وحل الإثارة..

لا أظن أن ابني المهدي في حاجة لمرافعات من أجل الدفاع عنه، لقد فرض نفسه مهنيا في الساحة الفنية بجهوده وبقدرته على التقاط النصائح التي نقدمها له، ولأنه كبر وترعرع في وسط فني، أما ما يشغل الرأي العام من مواضيع فأنا أتحاشى الدخول في هذا البوليميك لأنني أسعى لوضع حدود بين الحياة المهنية للفنان القابلة للاختراق والنقد، والحياة الخاصة للفنان التي يجب تسييجها والحيلولة دون اختراقها مهما كانت المسببات. بالعودة إلى المهدي فإنني أقول مجددا إن ابني لم يعد اسما مرتبطا بوالده، «ولد فولان» لا أبدا إنه اليوم «المهدي فولان»، وأنا لا أحتاج لأقدم الدليل على أنه بنى مستقبله الفني بنفسه دون الحاجة لي.

 

هل لازال الفنان في حاجة لدعم السياسي؟

الحكومات المتعاقبة في السنوات الأخيرة لم تهتم بالفن والفنان المغربي، ولا علاقة لها بالثقافة المغربية على الإطلاق، لقد قلت في مرات عديدة ولا زلت أكررها أن السياسيين لا يملكون حسا ثقافيا ولا فنيا إلا من رحم ربك، إنهم لا يبالون بمشاكل الفنان وحاجياته، ويعملون على تنظيم بعض التظاهرات الفنية ليظهروا في الواجهة وكأنهم يهتمون بالفن والفنان المغربي لكن الواقع يبين عكس ذلك. أتمنى أن تنجلي المعيقات ويعود للفنان اعتباره مع الحكومة الحالية.

 

لوحظ غياب الرواد عن التلفزيون، هل انتهت صلاحيتهم الفنية؟

صحيح لاحظنا خلال السنوات الأخيرة غياب رواد الفن والكوميديا عن التلفزيون، مثل مصطفى الداسوكين ومصطفى الزعري، أعتقد أن الغياب له علاقة بالمعايير التي تضعها شركات الإنتاج، ووفق ذلك يتم اختيار الممثلين المناسبين لأداء عمل فني ما، ويبدو لي أن هذا هو السبب.

 

من التمثيل إلى الإدارة، هل يفكر فولان في خوض تجربة الإخراج؟

لا يمكن أن تراني مخرجا، أنا أؤمن بالرجل المناسب في المكان المناسب وأحترم الاختصاص، والحمد لله لدينا اليوم كفاءات في الإخراج شباب متميزون للغاية ولهم إمكانيات كبيرة، خذ على سبيل المثال مراد الخودي، وياسين فنان، وأمين مونة، وهشام الجباري، وأسماء أخرى كثيرة قد لا يسعني الوقت لذكر جميعها.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى