«أناقة»
هي
كان يوم سعدي حين حللت ببيتنا طالبا يدي، كنت قد شارفت على الاقتناع بدوام عنوستي، أحببت كل شيء فيك حتى ظننت أن العالم بأسره يحسدني عليك. لم تكن تلبس سوى الماركات العالمية ولم تكن تأكل إلا في أفخر المطاعم، أبهرتني بذوقك الراقي الذي جعلك تبدو كأنك أمير أو فنان مشهور من هؤلاء الذين يظهرون على التلفزيون.
ولم يكن ليكفيك ذلك المرتب الهزيل الذي كنت تتقاضاه من عملك كموظف بسيط، وبسطت نفوذك على أرض مرتبي، ولم أجسر على جعلك تتراجع عن هيمنتك ولم أكن بالقادرة على إعلان فشل زواجي أو جعل علاقتنا تبدو للآخرين مجرد تمثيل.
حاولت قدر المستطاع أن ألبي مطالبك، جعلتني أتدين وكلفتني أكثر من جهدي ولم يكن ليرضيك مني شيء.. كانت تصلني أخبار علاقاتك بالنساء وبمختلف أنواع الخيانات، وكنت أكتفي بالصمت. ورغم أني لم أكن أتكلم ولم أكن في حاجة لأن أتكلم أصلا، فإن وجهي عكس معاناتي وشاخ قبل أوانه، بينما بقيت أنت صامدا في وجه العمر، وأبقيت على نفسك شابا أنيقا كما رأيتك لأول مرة.
هو
كان يوما أسود حين قررت أن أودع مجد عزوبيتي لأتزوج منك، كان الفرق بيننا أوضح من شمس عز الصيف المستلقية على سرير السماء. كنت قد مللت من الجمال ولم أكن بالباحث عنه، قالوا إنك مثقفة وتشغلين منصبا مرموقا، وأكثر ما أعجبني نعتهم لك بالمتخلقة، فهرعت قبل أن يختطفك أحد في زمن أصبحت فيه الأخلاق عملة نادرة، ورأيت نظرات عشقك لي في عينيك ولم تصدقي أني اخترتك من بين كل النساء.
أحسست أنكِ حققتِ بالزواج مني حلم عمرك، ذلك الحلم الذي تحقق متأخرا لكنه تحقق مكتملا، وبدأنا المشوار الذي كان متعثرا منذ بدايته، كنت أتفادى الخروج معك وكانت المناسبات العائلية أكبر همي، الفرق كان يكبر كل مرة، قصر قدك وشعث شعرك وملابسك ذات الطراز القديم. مرة حسبك الناس أمي ومرة أخرى ظنوا أنك خادمتي، كنت أشعر أحيانا أنك تتعمدين الظهور كذلك لتحرجيني، وأحيانا أخرى كنت أقول إن ما يهمك هو أن تتباهي بي.
أغدقتِ عليّ المال والهدايا ولم أكن لأرفض، فلم تكوني لتفعلي بها شيئا لنفسك، تعودت على كرمك وصرت أطلب منك دون حرج، وأحيانا كنت أغيب عنك لأنسى أني أعيش معك، ولا تلوميني فأنا لم أعرب لك يوما عن أي حب، ومهما تزينت فلن أزين ما بيننا، فأنت في عيوني غلطة ما زلت أدفع ثمنها إلى اليوم.