أكثر من الحقد
أكدت صحيفة “إلموندو” الإسبانية أن نظام عبد المجيد تبون اشترط على مدريد عدم تزويد المغرب بالغاز الطبيعي، نظير ضمانها احتياجات البلد من هذه المادة الحيوية. في الحقيقة ليس هناك من درجة رعونة قصوى أكثر من هاته الدرجة التي وصل إليها نظام «كابرانات» في مواجهة بلدنا. قد يثور خلاف بين دولتين جارتين بسبب ما تفرضه دكتاتورية الجوار من تشابك وتضارب المصالح وقد يصل الأمر بين البلدين الجارين إلى قطع علاقاتهما الديبلوماسية والاقتصادية، لكي يتفرغ كل نظام لشأنه الداخلي، لكن ما تفعله الجزائر يتجاوز الخلافات الديبلوماسية والصراعات البينية إلى مستنقعات من الحقد والضغينة.
في الحقيقة حكام الجزائر دخلوا مرحلة متقدمة من المرض النفسي، بعدما أصيبوا بهوس الوسواس القهري بدولة اسمها المغرب، بحيث لا يمكن أن يفكر حكامها في شأنهم الداخلي إذا سمح لهم وقت الدسائس والمكر بذلك، دون إقحام المغرب في الموضوع وتحميله المسؤولية عن خيباتهم وعدم شرعيتهم. وما دام أن المغرب لا يقول بل يفعل ويسير بخطى حثيثة في طريق بناء نموذجه التنموي ونسج علاقات جيو استراتيجية ستؤتي أكلها في الأمد القريب والمتوسط، فلا شك أن الجزائر ستفعل أي شيء لعرقلة المغرب ودفعه لهدر زمنه التنموي في توترات مصطنعة.
وهذا بالضبط ما أكدته خلاصات تقرير المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية بعنوان: “التنافس المغاربي في إفريقيا جنوب الصحراء: تسعى الجزائر وتونس للسير على خطى المغرب”، حيث تقول أهم خلاصة واردة في الدراسة إن «المغرب يتقدم بوتيرة تترك وراءه جارتيه الجزائر وتونس»، وتضيف بالحرف أن «صعود المغرب في القارة الإفريقية يمكن وصفه بأنه صادم تقريباً للجزائر التي ضعف نفوذها بشكل كبير». ويبدو أن الجزائر تحاول تنفيذ وصية المعهد التي توصي بـ«ضرورة كبح جماح المغرب وعرقلة نموه الاقتصادي، وعدم السماح له بأن يصبح أقوى مغاربيا، خاصة أمام النمو الاقتصادي البطيء للجزائر وتونس».
وبدون شك فإن بلادنا لن تأبه بالنباح وستنجح في التغلب على كل أشكال الابتزاز والاستفزاز المفروض عليها من طرف جار مجنون، إلا أن الجزائر لن تنجو من آثار ما تصنع من دسائس بأموال ومقدرات شعبها، لكون الأزمة امتدت عميقًا داخل هذا النظام ولم يعد من الممكن إصلاحه أو ترميم شرعيته. وكلما زادت حماقات حكام المرادية زادت نجاحات المغرب، ومن المفارقات العجيبة في هذا الصراع المفتعل أن الجزائر أغلقت الحدود الجوية فكسب المغرب أجواء دولية أخرى دون تأثير على وضعية خطوطنا الجوية، وألغت أنبوب الغاز فتهاطلت على بلدنا عروض للقيام باللازم من أوروبا والأشقاء من دول الخليج العربي. لذلك فكلما زاد الاستفزاز والابتزاز الجزائري زاد الصمود والنجاح المغربي.